محامو المغرب... نضال ضد "انتكاسات" في مسودة قانون تنظيم المهنة

محامو المغرب... نضال ضد "انتكاسات" في مسودة قانون تنظيم المهنة

21 أكتوبر 2022
يشتكي محامو المغرب من افتقاد التشخيص الصحيح لوضعهم المهني (فرانس برس)
+ الخط -

تعيش العلاقات بين الهيئات التي تمثل المحامين في المغرب ووزير العدل عبد اللطيف وهبي حالياً فصلاً جديداً من التوتر، بعدما تصاعد الجدل حول مسودة مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة، وتوالت الانتقادات الموجهة إلى بنودها وكيفية إعدادها. ولا يُستبعد أن يمتد التوتر إلى نواحٍ أخرى بعد رفض الوزير محاورة الهيئات.
وفي خطوة تعكس الدرجة العالية للاحتقان قررت الهيئات التي تمثل المحامين تنظيم احتجاج، اليوم الجمعة، أمام مقر وزارة العدل في العاصمة المغربية الرباط. ودعت "فدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب" و"الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب" و"نقابة المحامين بالمغرب"، في بيان مشترك، إلى الانخراط "الكثيف والإيجابي" في هذه الوقفة، مع توقع انتقال احتجاجات المحامين ضد وزير العدل إلى مرحلة جديدة في تحركات الهيئات الثلاث تطلق برنامجاً نضالياً في معركة إسقاط مقترح مشروع القانون المنظم للمهنة. 

ونددت الهيئات الثلاث بإعداد وزارة العدل مسودة قانون للمهنة "تضمنت تجاوزات خطيرة وغير مسبوقة لمقاربة التشارك مع المؤسسات والإطارات المهنية، ووجهت ضربات لتعهدات الوزارة سابقاً عدم طرح القانون إلا بعد إصدار القوانين الإجرائية (قانون المسطرة المدنية والجنائية)، تمهيداً لتعزيز استقلالية المهنة وحصانتها، وتوسيع مجالات عمل المحامين". 
وفي وقت تتجه العلاقات بين هيئات المحامين ووزير العدل نحو مزيد من التوتر، بعدما أعلن الوزير في لقاء أجراه مع برنامج إذاعي في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أن "لا مجال لأي حوار"، كانت لافتةً دعوة الهيئات التي تمثل المحامين إلى "رفض أي تعامل مع وزارة العدل في شأن مسودة مشروع قانون تنظيم المهنة، إلا من خلال مبادرات المشاركة الحقيقية، وتطبيق قرارات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، والتوصيات التي أطلقها المحامون في مؤتمراتهم". كما دعت الهيئات إلى "التصدي الحازم لأي محاولة ترمي إلى إغراق المهنة في غياب تشخيص حقيقي لوضعها". 
ويعلّق رئيس نقابة المحامين في المغرب خالد المروني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على بنود مسودة مشروع القانون المتعلق بتعديل قانون تنظيم مهنة المحاماة بالقول: "تنبئ المسودة بانتكاسة حقيقية لأنها تعيد المحامين المغاربة سنوات إلى الخلف. ونقابتنا مستعدة للنضال بكل الوسائل المتاحة".
ويدعو المروني وزارة العدل إلى سحب المسودة والعودة إلى تطبيق منهجية التشاور والنقاش بين المحامين والوزارة، مشدداً على ضرورة تقوية مهنة المحاماة ومبدأ الاستقلالية، وتعزيز حصانة الدفاع. 
من جهته، يقول رئيس جمعية "التواصل المهني للمحاماة" مصطفى محمد صدقي، لـ"العربي الجديد": "تفاجأ المحامون بإصدار مسودة مشروع قانون يخص المهنة من دون استشارتهم على غرار مسؤولي النقابات، في حين كان يفترض أن تأخذ وزارة العدل في الاعتبار الاتفاقات والمحاضر الثمانية التي وقعتها مع المحامين في عهد الوزير السابق محمد أوجار، والتي حسمت جميع نقاط الخلاف وأفضت إلى ركائز لتنظيم قانون المهنة، رغم أن نقطتين ظلتا عالقتين، هما السن المهنية للقضاة، وأوضاع المكاتب الأجنبية على صعيد الشروط والشكليات". 
يتابع: "نرفض أن تشكل مسودة القانون المطروحة أرضية للنقاش، ومحامو المغرب يتمسكون بالنضال لوضع قانون مهني يستجيب لطموحاتهم، وتلك للمواطنين". 

الصورة
محامون/محامو المغرب/عبد الحق سنة/Getty
يصرّ محامو المغرب على تعزيز الاستقلالية وحصانة الدفاع (عبد الحق سنة/ Getty)

وكان نقباء سابقون للمحامين أعلنوا رفضهم "فرض أي وصاية على المؤسسات المهنية وعلى المحاميات والمحامين"، معتبرين أن مسودة قانون تنظيم المهنة "ذات رؤية وآفاق محدودة، وتعزل مهنة المحاماة عن جذورها ومقوماتها ومحيطها، وقد تؤدي إلى تدميرها".
وليست هذه المرة الأولى التي تتوتر فيها العلاقات بين المحامين ووزير العدل وهبي، الذي كان أثار موجة غضب عارمة في صفوفهم حين أدلى بعد أسابيع قليلة من تعيينه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بتصريحات اتهم فيها محامين بالتهرب الضريبي، وهددهم بمواجهة عقوبات، وحرّض على مواجهتهم. 
ووصف المحامون حينها هذه التصريحات بأنها "تَطاول على مهنة المحاماة النبيلة، ومحاولة من الوزير للمسّ بصورتها من خلال تناوله قضايا لا تندرج ضمن اختصاصات وزارة العدل، فيما امتنع عن عرض الإشكالات الكبيرة التي تعيق المهنة".
وتكرر مشهد التوتر ذاته في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حين انتفض أصحاب البزة السوداء ضد قرار وزير العدل فرض إجبارية إبراز وثيقة لقاح فيروس كورونا قبل دخول المحاكم. وجرى تنظيم احتجاجات أمام المحاكم، ومقاطعة جلسات. 
وتنص مسودة مشروع القانون المتعلق بتعديل قانون تنظيم مهنة المحاماة على توسيع بعض العقوبات وصولاً إلى المنع من مزاولة المهنة نهائياً، وسجن كل من يثبت قيامه بالسمسرة لجلب زبائن فترة تمتد بين سنتين إلى أربع سنوات.
وتدعو مسودة مشروع القانون أيضاً إلى تشكيل مجلس وطني للمحامين يتمتع بشخصية اعتبارية واستقلالية مالية، ويضم الرئيس الحالي وأولئك السابقين لجمعية هيئات المحامين في المغرب، والنقباء الحاليين؛ إلى جانب خمسة نقباء سابقين لهيئة المحامين بالدار البيضاء، وثلاثة نقباء سابقين لهيئات المحامين في الرباط وفاس ومراكش، واثنين لهيئات المحامين بطنجة وأغادير ومكناس والقنيطرة، ونقيب سابق واحد لباقي هيئات المحامين، على أن يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة". 
وتقترح مسودة القانون "تكليف المجلس الوطني مهمات الإشراف على تأطير المحامين، ووضع التصورات العامة للتكوين الأساسي والمستمر الموجه لفائدتهم بالتنسيق مع مؤسسة التكوين المختصة، وإبداء الرأي في كل ما يتعلق بالخدمات المقدمة من المحامين في إطار المساعدة القضائية، بالتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة شؤون العدل". 

وبحسب مشروع القانون، سيعمل المجلس الوطني على "ضمان حرية وحصانة واستقلال مهنة المحاماة، وحسن الأداء، والارتقاء بالوعي المهني للمحامين، والالتزام بشرف المهنة، والعمل لتأهيلها وتحديثها والدفاع عن المصالح العليا للوطن ووحدة التراب في المحافل والمنتديات المهنية والقانونية والحقوقية المرتبطة بنشاط المجلس وطنياً ودولياً". 

المساهمون