مأساة آل دراغمة وابنهم المريض

مأساة آل دراغمة وابنهم المريض

طوباس

سامر خويرة

سامر خويرة
20 يناير 2021
+ الخط -

بعدما انقطعت به السبل، وأغلقت أبواب دائرة التحويلات الطبية التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية في وجهه، لم يجد حسني حسن دراغمة، من مدينة طوباس، شمالي الضفة الغربية، في فلسطين المحتلة، سبيلاً للضغط على الجهات المختصة لمعالجة نجله المريض محمد (16 عاماً) سوى تركه أمام مبنى رئاسة الوزراء في رام الله، والعودة إلى منزله الإثنين الماضي.
على الرغم مما قام به الأب من مجازفة، فإنّ الأم كفا سميح، بررت ذلك في حديث إلى "العربي الجديد" بأنّها وسيلة ضغط أخيرة لجأت إليها العائلة بعدما رفضت دائرة التحويلات إصدار تحويلة لابنها الذي يعاني من ضمور عضلات متقدم لإجراء عملية جراحية مستعجلة في مستشفى "هداسا" الإسرائيلي في القدس المحتلة. تقول الأم: "كان زوجي قد عاد ظهر الأحد الماضي، من مستشفى هداسا بعدما أمضى هناك رفقة ابننا محمد، عدة أيام، خضع خلالها لسلسلة فحوص ومعاينات من الأطباء الذين قرروا ضرورة خضوعه لعملية لقدميه وأخرى لعموده الفقري بشكل مستعجل منعاً لتقوسه بالكامل، بسبب عدم نمو معظم أجزاء جسده بالشكل الطبيعي".

كلفة تواجد الأب ونجله المريض في المستشفى الإسرائيلي فاقت عشرة آلاف شيكل (نحو 3200 دولار أميركي) وهو "مبلغ كبير جمعناه بشق الأنفس، فزوجي مجرد عامل، ومصاريف البيت باهظة، نظراً لمعاناة بقية أبنائي خصوصاً أحمد (14 عاماً) من مشاكل متقدمة في العيون. لذلك لن نستطيع أن نوفر شيكلاً واحداً لعملية محمد، ومع رفض دائرة التحويلات الموافقة على التحويلة المالية، لم يكن أمامنا من خيار سوى تركه في عهدة الحكومة"، توضح الأم. وتتابع: "ليس هناك أب أو أم يتركان ابنهما المريض، لكن، ماذا نفعل؟ نحن لم نكن نعلم بالوقفة التي نفذها ذوو المرضى أمام رئاسة الوزراء الفلسطينية قبل أيام، وحصولهم على تعهدات من جهات عليا بحلّ ملفاتهم".
لم تنتهِ القصة عند هذا الحدّ، ففي نحو الساعة العاشرة، ليل الإثنين الماضي، وصلت قوة أمنية فلسطينية تتقدمهم وحدة حماية الأسرة، في الشرطة الفلسطينية، إلى بيت العائلة في مدينة طوباس، ومعهم محمد، لكنّ الأب والأم، رفضا تسلمه، وأصرا على ضرورة تحمل الحكومة ووزارة الصحة مسؤولياتهما تجاهه. وبعد نقاش مطول، انسحبت القوة ومعها المريض إلى نحو مائتي متر، وتركوا الفتى المريض وحيداً في الشارع الرئيسي قرب إحدى البقالات، قبل أن يعيده الجيران إلى المنزل، وفق رواية الأم. المفاجأة الكبرى، كما تقول سميح، أنّ دائرة التحويلات الطبية التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية، نفت وجود ملف لمحمد لديها. وتتساءل الأم: "كيف يكون ذلك، وهو يعالج في مستشفيات الداخل المحتل بتحويلة رسمية منذ تسع سنوات!؟ أين ذهب ملفه؟".
وللعائلة ابن ذكر ثانٍ هو أحمد يعاني من مشاكل في العيون، تحديداً القرنية المخروطية، وابنتان تعانيان من الحالة نفسها بشكل أخفّ، كما أنّ الأدوية المطلوبة للأبناء نادراً ما تتوفر لدى وزارة الصحة الفلسطينية، فتضطر العائلة لشرائها على حسابها الخاص، في معظم الأحيان.

وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت عن وقف التحويلات للمستشفيات الإسرائيلية عام 2019، بعد اقتطاع حكومة الاحتلال أموال رواتب الأسرى وذويهم من أموال المقاصة ضمن خطة للانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال. وبعد سلسلة اعتصامات نفذها المرضى وذووهم للمطالبة بعودة التحويلات، فإنّ دائرة التحويلات الطبية وشراء الخدمة في وزارة الصحة لم تعد التحويلات الطبية سوى لعدد قليل تمثل بحالات سرطان العين وزراعة النخاع العظمي ولوكيميا الدم، في حين يطالب المرضى وأهاليهم باستئناف العلاج في المستشفيات التي بدأت بعلاجهم الذي انقطعوا عنه بسبب قرار الجهات المسؤولة.

وعود رئاسية
خلال الاعتصام الذي نفذه المرضى وأهاليهم، السبت الماضي، خرج عليهم محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس للشؤون الدينية، مؤكداً لهم اتخاذ عباس قراراً باستكمال العلاج لأيّ مريض في المكان الذي يعالج فيه، وكذلك تحويل كلّ من يحتاج لعلاج لا يتوافر في المستشفيات الفلسطينية، إلى مستشفيات الداخل.