لبنان: الاستماع إلى نزار صاغية وسط تحرك رافض لكمّ أفواه المحامين

لبنان: الاستماع إلى نزار صاغية وسط تحرك رافض لكمّ أفواه المحامين

20 ابريل 2023
المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية (فيسبوك)
+ الخط -

استمع مجلس نقابة المحامين في بيروت، اليوم الخميس، إلى المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، المحامي نزار صاغية، في قضية التعديلات النقابية التي أثارت ضجة كبيرة في لبنان وحملات رافضة لكمِّ أفواه المحامين، ومنتفضة لصالح صون حقوق المجتمع في المعرفة والعدالة، وتدعو إلى تراجع النقابة عن قراراتها الأخيرة.

وقال صاغية من أمام قصر العدل في بيروت، بعد انتهاء جلسة الاستماع التي استمرّت لأكثر من 3 ساعات، إن الأجواء كانت إيجابية، وقد تنعكس على القرار الذي قد يصدر عن مجلس النقابة بحقه.

وربط صاغية الإيجابية بـ"فضل الناس الذين عبّروا عن ثقتهم واحترامهم لعمل المحامين المناصرين لقضايا المجتمع، معتبراً أنه "نحن اليوم أمام مدماك لولادة نموذج جديد من المحامين المناصرين للقضايا الاجتماعية، والذين يجب حماية حريتهم بالكامل، لا تقييدها".

وشدد صاغية على أنه متمسّك بموقفه المعارض لتعديلات نظام آداب المهنة، وبحق المحامين بالتعبير والدفاع عن قضايا المجتمع، وبحقه بالدفاع عن حقوقه الطبيعية. وقال إن "المجلس اعتبر أن هناك حملة تشكيك بالنقابة، وقد أكدت أن هذا الأمر غير صحيح، وهدفي تصويب أداء النقابة الذي برأيي ارتكب خطأً كبيراً ويمكن أن يعرّض أجيالاً من المحامين للخطر في المستقبل".

وأشار صاغية، قائلاً: "أكدت لأعضاء المجلس أن رأيي يختلف معهم، وأنني سأمارس حريتي حتى النهاية، وهذا حق طبيعي لي ولزملائي ليس لأحد تقييده، وحصل حديث من قبلهم عن أن هناك حملات إعلامية وقدح وذم بحق النقابة، وأمور أخرى لا يمكن الحديث عنها ربطاً بسرية الجلسة".

ونُظّم منذ ساعات الصباح تحرّك تضامني واسع مع صاغية أمام قصر العدل في العاصمة اللبنانية بيروت، شارك فيه نواب من قوى التغيير، ومحامون من نقابتي بيروت وطرابلس شمالاً، وناشطون، وصحافيون، عبّروا عن رفضهم للتعديلات التي يضعونها في خانة "القمع، وكمّ الأفواه، وضرب وتقييد الحريات".

وأدخل مجلس نقابة المحامين في بيروت، برئاسة النقيب ناضر كسبار، تعديلات على نظام آداب مهنة المحاماة الخاص بالنقابة في مارس/ آذار الماضي، تقيّد الظهور الإعلامي للمحامين وتشترط حصولهم على إذن مسبق، وتمنعهم من المشاركة في المقابلات الإعلامية والمؤتمرات والندوات التي تتعلق بمسائل قانونية أو حتى مناقشتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من دون الحصول على موافقة النقيب.

وكان صاغية من أبرز المعارضين بشكل علني لقرار نقابة المحامين، رافضاً فرض قيود تعسفية وغير قانونية على المواضيع التي يستطيع المحامون الخوض فيها علناً، الأمر الذي جعله عرضة للاستدعاء.

وطعن 13 محامياً من ضمنهم صاغية بالتعديلات، باعتبار أنها مخالفة لأحكام الدستور والاتفاقيات الدولية وبعض القوانين الداخلية التي تصون الحق في حرية التعبير والرأي، ومن المنتظر أن تبت محكمة الاستئناف في بيروت بالأمر في 4 مايو/ أيار المقبل.

وقال نزار صاغية قبل الجلسة إنه "في ليلةٍ ليس فيها ضوء قمر، استيقظ المحامي ووجد أن حريّته بالكلام والدفاع عن المجتمع سُرقت منه من دون استئذان، أو إنذار مسبق، وأصبحت الحرية التي كانت مضمونة فجأة تخضع للرقابة المسبقة، ويتحكّم بها شخص واحد، هو نقيب المحامين في بيروت، يضع السقف الذي يريده، ويحدد بنفسه ما هو المسموح والممنوع، وما الذي يجب أن يحكى، ومن قادر على الكلام".

تابع: "فهمنا من اللحظة الأولى أن التعديل مرتبط بخوف النظام الذي ينعم اليوم بالإفلات من العقاب، وخوفه من العدالة والحقيقة، ومن الصوت والضوء. فهمنا أن العملية ليست بتعديل بسيط، بل تجريد المحامي من أحد أهم أسلحته للدفاع عن قضايا المجتمع".

وأشار صاغية إلى أن "ما شعرنا به لم يتأخر مجلس النقابة والمراجع العليا فيها من تأكيده. هم يريدون للمحامي أن يدافع بحدود المحكمة لا أن يكون في الشارع والإعلام حتى يحتكم للرأي العام. صرحوا بذلك بالحرف، وبذلك أصبحنا أمام ضرب للحرية والعدالة والقانون، وكله بظل التدخل والتعطيل بالقضاء بأخطر الجرائم من مرفأ بيروت إلى المصارف، وجرائم فساد من ثلاثين سنة، وجرائم السطو على البحر، وغيرها لتبقى من دون الحق بالكشف عنها".

وشدد المتحدث على أن "المعركة لن تنتهي قبل التراجع عن التعديلات التي تمسّ بحقوق المحامين، إذ ممنوع وضع المحامي بخيار إما مهنتك أو حريتك. أريد أن أكون محامياً حرّاً".

من جهته، قال نقيب المحامين السابق والنائب ملحم خلف إنه يعلن انحيازه المطلق لحرية المحامي، مشدداً على أن "تقييد حرية المحامي تقويض لرسالته ودوره الوطني الطليعي".

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان أمس الأربعاء، إن نقابة المحامين في بيروت تسعى لإسكات المحامين، وإنه يأتي هذا وسط سلسلة من الإجراءات المقلقة التي اتخذتها السلطات اللبنانية لخنق حرية التعبير.

وأشارت المنظمة إلى أن "هذه التطوّرات تهدد بتراجع مساحة النشاط المدني وحرية التعبير في لبنان في وقت يواجه فيه الناس حرماناً متزايداً في خضمّ ركود حكومي وأزمة اقتصادية"، مضيفة: "يتعيّن على السلطات اللبنانية، بما في ذلك نقابة المحامين في بيروت والسلطة القضائية، حماية الحق في حرية التعبير وليس تقييده". 

تجدر الإشارة إلى أن كسبار تدخل لإلغاء مشاركة صاغية في مقابلة إذاعية، بذريعة عدم استئذانه، ومخالفته قراراتها الجديدة، ومن ثم استدعاه مجلس النقابة في 28 مارس و4 إبريل/ نيسان، واليوم الخميس، كذلك طاولت الاستدعاءات أمس الأربعاء المحاميين حسين رمضان ويوسف الخطيب بذريعة تجاوزهما أصول آداب المهنة. وعلم "العربي الجديد" أن أي إجراء لم يتخذ بحق المحاميين أمس.

إلى ذلك، عقد مجلس نقابة المحامين في بيروت مؤتمراً صحافياً تحدث خلاله عن تعرضه، نقيباً وأعضاء، لأبشع حملات التجني والإساءة والتنمّر، مؤكداً أنه يعود القرار له لاتخاذ التدابير المسلكية المناسبة في معرض أية مخالفة للقانون أو الأنظمة، وأنه لن يرضخ لأية ضغوط كانت سياسية أو إعلامية.

وشدد على أن "نقابة المحامين كانت وستظل نقابة الحريات العامة، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير، التي صانتها المواثيق الدولية والدستور اللبناني"، مشيراً إلى أن "هذه الحرية تحدها بشكل خاص موجبات الاحترام والتآخي التي أقسم المحامون على احترامها".

وأشار إلى أن "المجلس اتخذ قراراً هدفه الحد من الخروقات المتكررة لهذه الموجبات، وقد طعن به بعض الزملاء أمام محكمة الاستئناف الناظرة بالشؤون النقابية"، معلناً: "نحن تحت سقف القانون، ونلتزم بحكم المحكمة، ولن نناقش هذا القرار طالما لم تبت المحكمة بالطعن لعدم التأثير على مجرى القضية".

أضاف المجلس: "نحن نقابة تحترم القانون وتقدس الحريات، وما رأيناه مؤخراً من بعض الزملاء يشكل تجاوزاً للقانون تحت مسمى "معركة حريات"، إذ لا يمكن القبول بتناول ملفات قضائية لا تزال قيد النظر أمام المحاكم بما يشكل ضغوطاً معينة على القضاء وينال من استقلاليته".

وأوضح أن "الإطلالات الإعلامية المتعلّقة بالقضايا السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية غير مشمولة أصلاً بالتدبير الجديد. فالتعديل يتعلّق بالمسائل القانونية فقط، ويرمي إلى تفادي التجاوزات".

المساهمون