خطط الحكومة البريطانية تجاه طالبي اللجوء تواجه تحديات قانونية

خطط الحكومة البريطانية تجاه طالبي اللجوء تواجه تحديات قانونية

28 ابريل 2022
متظاهرون بلندن ينددون بسياسة وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل (مارتين بوب/Getty)
+ الخط -

أعلنت الحكومة البريطانية البدء بتنفيذ خططها للحد من تدفق المهاجرين إلى البلاد، حيث من المقرّر أن ترحّل الآلاف منهم إلى الدولة الأفريقية رواندا، لا سيما أولئك الذين وصلوا إلى بريطانيا بشكل غير قانوني وبالقوارب عبر القناة الإنكليزية هذا العام، أي منذ الأوّل من يناير/كانون الثاني 2022. وعلى الأرجح أنها سترسلهم بتذكرة ذهاب فقط، بحجّة التعامل من هناك مع طلبات لجوئهم بعيداً عن الأراضي الإنكليزية.

وتتصدّى العديد من الجمعيات لسياسة وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل تجاه اللاجئين، ومن بينها منظمة "التحرّر من التعذيب"، التي رفعت شكوى أمام القضاء البريطاني ضدّ هذه التدابير المجحفة بحق طالبي اللجوء.

وأصدرت منظمة "التحرّر من التعذيب" تعليماتها إلى المحامين للمطالبة بالكشف عن الوثائق، بسبب مخاوف من أن السياسة تتعارض مع القانون الدولي، كما عبّرت عن مخاوفها حول مدى شرعيتها، وطلبت من وزارة الداخلية تقييم مخاطرها، بالإضافة إلى مطالبتها بالكشف عن مذكرة التفاهم الموقعة بين حكومتي المملكة المتحدة ورواندا.

وتواصل موقع "العربي الجديد" مع جو إيفانز، من مكتب إعلام "التحرّر من التعذيب"، الذي قال: "هذه هي الخطوة الأولى لبدء مراجعة قضائية ضد هذه السياسة، وهي إجراء قضائي يراجع فيه القاضي شرعية قرار أو إجراء صادر عن هيئة عامة. نحن نعتبر هذه السياسة غير قانونية، وبالتالي فهذه هي أفضل وسيلة متاحة لنا لدفع الحكومة للتراجع عن هذه السياسة".

وأضاف أنّ المنظمة أطلقت حملة تمويل جماعي للمساعدة في جمع الأموال لتغطية تكاليف الطعن القانوني، على أمل أن تؤدي إلى سحب سياسة وزارة الداخلية.

والمهاجرون المقرّر ترحيلهم إلى رواندا هم أولئك الذين تصنّفهم قوانين الهجرة البريطانية بأنّهم "غير مقبول بهم" في نظام اللجوء البريطاني، ومن المتوقع أن تغادر الرحلة الأولى قبل نهاية مايو/أيار، كما أكد أحد الوزراء أنه يمكن إرسال أي شخص وصل إلى بريطانيا خلال هذا العام بطرق غير قانونية، ووعدت بريطانيا رواندا بمبلغ أولي قدره 120 مليون جنيه إسترليني كجزء من "صندوق التحول الاقتصادي والتكامل".

من جهتها، قالت سونيا سياتس، الرئيسة التنفيذية في منظمة "الحرية من التعذيب": "لقد أظهر التعاطف مع الفارين من أوكرانيا وأفغانستان أن الناس تريد الترحيب بالأشخاص الباحثين عن الأمان، لكن بدلاً من ذلك، تخطط هذه الحكومة لشحن اللاجئين عند منتصف الطريق حول العالم إلى رواندا، لا ينبغي أن نلجأ إلى الإجراءات القانونية لهذه الحكومة لمعاملة اللاجئين بكرامة إنسانية أساسية، لكن ها نحن هنا مرة أخرى.. هذه الخطة القاسية ليست فقط غير أخلاقية للغاية ومن المحتمل أنها غير قانونية، بل هي ستحرم أيضاً الناجين من التعذيب وغيرهم من الوصول إلى الخدمات الحيوية مثل تلك التي توفرها منظمة التحرر من التعذيب. في جميع أنحاء البلاد، بدأ الناس في حشد جهودهم ضد الجهود السخيفة التي تبذلها هذه الحكومة لإذكاء الخوف وكراهية الأجانب ضد اللاجئين. هذا الإجراء هو جزء من معركة أوسع من قبل الجمهور المهتم لإخبار الحكومة بأن هذه السياسة ليست باسمه".

وبموجب قواعد اللجوء الحالية، وفقاً لتحليل أرقام وزارة الداخلية، سيتم إرسال أقل من 200 مهاجر غير شرعي إلى رواندا كل عام، وسيبدأ تطبيق هذه القواعد، التي أُدخلت في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، تحديداً على المهاجرين الذين يصلون بشكل غير قانوني إلى بريطانيا وعبر بلد "آمن" مثل فرنسا.

وقالت كريستين بيروفولاكيس، من مكتب إعلام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لـ"العربي الجديد"، بشأن الإجراءات البريطانية: "لقد أعربنا عن معارضة شديدة وعن مخاوفنا بشأن خطة المملكة المتحدة، وطلبنا منها الامتناع عن نقل طالبي اللجوء واللاجئين إلى رواندا لمعالجة طلبات اللجوء"، ورأت بيروفولاكيس أنّ مثل هذه الترتيبات تغير مسؤوليات اللجوء للتهرب من الالتزامات الدولية، وتتعارض مع نص وروح اتفاقية اللاجئين.

وحثت المفوضية كلا البلدين على إعادة التفكير في الخطط، كما حذرت من أنه بدلاً من ردع اللاجئين عن اللجوء إلى الرحلات المحفوفة بالمخاطر، فإن ترتيبات ترحيلهم إلى الخارج لن تؤدي إلا إلى تضخيم المخاطر، وهو ما يتسبب في بحث اللاجئين عن طرق بديلة ويفاقم الضغوط على دول المواجهة. 

وفي حين أن رواندا قد وفرت بسخاء ملاذاً آمناً للاجئين الفارين من الصراع والاضطهاد على مدى عقود، فإن الغالبية منهم تعيش في مخيمات مع فرص محدودة للوصول إلى الفرص الاقتصادية، وتعتقد المفوضية أن الدول الأكثر ثراء يجب أن تظهر التضامن في دعم رواندا واللاجئين الذين تستضيفهم بالفعل وليس العكس. 

وبحسب مجلس اللاجئين، اتُّخذت قرارات بحق 2% فقط من المهاجرين، باعتبارهم لا يحققون القواعد المطلوبة لتقديم اللجوء في البلاد، ويشير هذا الأمر إلى أنه من بين 8593 مهاجراً وجدت قواعد وزارة الداخلية، العام الماضي، أنّ 172 مهاجراً فقط غير مقبولين. كما يقدر المجلس أيضاً أنّ خطط تجريم طالبي اللجوء الذين يعبرون القناة في قوارب صغيرة أو يصلون إلى البلاد بطرق غير قانونية، يمكن أن تؤدي إلى الحكم على ما يزيد عن 19 ألف شخص بالسجن لمدة تصل إلى أربع سنوات، بغض النظر عن بلدهم الأصلي والظروف التي دفعتهم إلى الفرار. ويكشف التحليل الجديد أيضاً عن الكلفة الباهظة للمال العام لهذه الخطط التي تصل إلى 835 مليون جنيه إسترليني سنويًا.

في المقابل، تقول الحكومة إنّها تستثني من سياسة "غير المقبولين" الضعفاء، وعلى سبيل المثال لا الحصر الأطفال غير المصحوبين بذويهم وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم وتعفيهم من الترحيل إلى رواندا حتى لو دخلوا البلاد بطرق غير شرعية.

ولتحديد ما إذا كانوا مهاجرين لأسباب اقتصادية أو طالبي لجوء حقيقيين فروا من الاضطهاد في بلدانهم الأصلية، سيخضعون لتقييم مسؤولين من وزارة الداخلية، لكن لم يُعرف بعد كم من الوقت ستستغرق هذه العملية أو المعايير التي سيُعتمد عليها لتصنيف الفرد كمهاجر اقتصادي أم لاجئ بالفعل.

وعلى الرغم من مطالبة العديد من الوزراء والنواب والناشطين والجمعيات بتوفير ممرات آمنة للمهاجرين، تتجاهل الحكومة البريطانية هذه المطالب وتعمد إلى ترهيب المهاجرين عبر تجريمهم أو ترحيلهم وتبرر سياستها هذه بالحفاظ على الأرواح وحماية الناس من الوقوع بين أيدي عصابات التهريب، لكن عندما لا يبقى أمام المهاجرين اليائسين سوى القوارب عبر القناة الإنكليزية، نراهم يستمرّون في خوض هذه الرحلة برغم مخاطرها.

ومن المقرّر أن يجرّم مشروع قانون الجنسية والحدود، الذي وصل إلى مراحله البرلمانية النهائية خلال الأسبوع الأخير من إبريل/نيسان، كل من يتم اعتراضهم في القناة من دون إذن مسبق لدخول المملكة المتحدة، على الرغم من تعارض هذا القرار مع القانون الدولي على النحو المنصوص عليه في اتفاقية اللاجئين.

وبموجب المخطط الجديد الذي لا يزال يتأرجح بين أيدي القضاء البريطاني حالياً، سيتم نقل الأشخاص الذين يطلبون اللجوء في المملكة المتحدة إلى رواندا حيث ستتم معالجة قضاياهم، وفي حال منحهم حق اللجوء، ستحاول وزارة الداخلية البريطانية حثّهم على البقاء في رواندا لمدة خمس سنوات على الأقل.

بدلاً من ذلك، تتبنى المملكة المتحدة ترتيبات تتنازل عن مسؤولياتها إلى آخرين وبالتالي تهدد نظام حماية اللاجئين الدولي الذي صمد أمام اختبار الزمن وأنقذ حياة الملايين على مدى عقود. 

المساهمون