حليب الأطفال صعب المنال شمال شرقي سورية

حليب الأطفال صعب المنال شمال شرقي سورية

17 ديسمبر 2022
عجزت الكثير من الصيدليات عن تأمين حليب الأطفال (العربي الجديد)
+ الخط -

تدخل الأمّ السورية عزيزة برفقة رضيعتها البالغة من العمر شهرين إلى عيادة طب الأطفال بالقامشلي، للكشف عن سبب بكائها المستمر، ليؤكد لها الطبيب المعالج أن الأمر ناجم عن ألم ومغص في البطن نتيجة نوعية الحليب الذي تستهلكه الصغيرة، فقد وصف لها سابقاً نوعاً معيناً، إلا أن العجز المادي جعلها تعوضه بنوع ثان.

بدافع الفقر وضيق ذات اليد، غيّرت عزيزة نوعية حليب الأطفال لرضيعتها، إذ يكلفها نحو 250 ألف ليرة شهريا (41 دولاراً)، وبالكاد يحصل زوجها على أجر يومي بقيمة 10 آلاف ليرة سورية (1.6 دولار).

عزيزة التي تقيم في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، شمال شرقي سورية، اشتكت خلال حديثها لـ"العربي الجديد" من عجزها عن توفير الحليب المناسب لطفلتها، ومن كون البدائل الموجودة في السوق غير مناسبة لعمرها وتسبب لها المغص وتهددها بالإصابة بمشكلات معوية.

الصورة
حليب الأطفال في سورية (العربي الجديد)
أسر كثيرة عاجزة عن توفير حليب الأطفال في سورية (العربي الجديد)

ليلى السلوم، أيضا، تعاني من أزمة توفير الحليب المناسب لابنتها الرضيعة التي بلغت شهرها الثاني، كما أكدت لـ"العربي الجديد" قائلة: "عمر ابنتي شهرين وأوصى الطبيب بضرورة تأمين حليب من النوع "n1" وهو قليل في السوق وكلفته مرتفعة، إذ يبلغ سعر العلبة خمسون ألف ليرة سورية (8.21 دولارات)، والدخل اليومي لزوجي بالكاد يكفينا، كيف يمكننا شراء الحليب، لا نستطيع ذلك، ابنتي تبكي ليلا ونهارا ونحن نتفرج عاجزين". وطالبت ليلى الجهات المعنية بتوفير حليب الأطفال "فليس لهؤلاء الصغار ذنب في شيء".

أما ليلى الحسين التي تقيم بريف الرقة، فتلجأ لاستخدام حليب الأبقار بديلاً لحليب الأطفال المعلب، بعد عجزها وزوجها عن تأمين الحليب بالكمية المطلوبة لطفلها البالغ من العمر 3 أشهر، كما بينت لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أنها تتأكد من غليان الحليب بعد تصفيته من الشوائب بشكل جيد وتضيف إليه كمية من الماء: "عانيت في البداية من بعض المشكلات مع طفلي، إلا أنه بدأ يتأقلم بعد حوالي 3 أسابيع.. ليس هناك خيار آخر في الوقت الحالي".

الصورة
حليب الأطفال في سورية (العربي الجديد)
يزيد الاحتكار من أزمة تأمين الحليب بالنسبة للمحتاجين (العربي الجديد)

ويصل حليب الأطفال إلى مناطق "الإدارة الذاتية" من مناطق سيطرة النظام في دمشق، أو من إقليم كردستان العراق، ويزيد الاحتكار من أزمة تأمينه بالنسبة للمحتاجين، ولا تتوفر الأنواع ذات الموثوقية الجيدة.

أحمد سلمان صاحب متجر، قال لـ"العربي الجديد": إنّ "حليب الأطفال يأتي إلينا عن طريق كردستان شمالي العراق، ومن العاصمة دمشق، تبعا لظروف معقدة وصعبة، واليوم الموظف أو العامل العادي يعاني جدا من ناحية توفير الحليب. نحن كأصحاب متاجر نناشد الجهات المعنية بفتح طرق برية أو جوية لتوفير منتج الحليب".

وأضاف: "عبوة كيلوغرام من الحليب تكلفنا عبر شركة طيران أجنحة الشام 12 ألف ليرة سورية (1.97 دولار)، كنا نأتي بكميات كبيرة، ولكن الآن لا نستطيع توفير مادة الحليب، وهناك أنواع خاصة مفقودة بالأسواق، وكل هذا يزيد العبء على العائلات التي لديها أطفال بحاجة إلى الحليب".

وتابع سلمان: "عجزت الكثير من الصيدليات عن تأمين حليب الأطفال. إن فقدانه قد يؤدي إلى كارثة إنسانية في شمال وشرق سورية، لما لذلك من عواقب كارثية على نمو الطفل".

بدورها، قالت بهية دريعي، صيدلانية وعضو في "اتحاد الصيادلة في شمال وشرق سورية"، لـ"العربي الجديد": "نحن كصيادلة يأتينا يوميا العشرات من الأهالي يطلبون حليب الأطفال لأعمار مختلفة، ولكن للأسف لا نستطيع تلبية احتياجاتهم، وذلك بسبب احتكار التجار، وبحجة أن البضاعة تأتي من دمشق. عدم توفر الحليب المناسب للطفل يسبب أمراضاً وعواقب على نمو الطفل وصحته الجسدية والعقلية، نطالب اتحاد الصيادلة والجهات المعنية بتوفير مادة الحليب للأهالي، والتحرك بشكل عاجل لإنهاء هذه الأزمة".

بدوره، بيّن أحد أطباء الأطفال في مدينة القامشلي، لـ"العربي الجديد"، فضّل عدم ذكر اسمه، أن الحليب الموجود في المحال التجارية لا يخزن بشروط صحية، فضلا عن كون البدائل غالباً مضرة بصحة الطفل، وقد تسبب له سوء تغذية وتؤثر على نموه وصحّة عظامه.

المساهمون