جمعيات تونسية ترفض تنقيح مرسوم يضيّق حرياتها

جمعيات تونسية ترفض تنقيح مرسوم يضيّق حرياتها

05 مارس 2022
من إحدى التظاهرات في تونس (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

حذّرت جمعيات ومنظمات تونسية رئيس الجمهورية قيس سعيّد، من تنقيح المرسوم عدد 88 لسنة 2011، لما يحمل في طيّاته من تضييق على حرية تأسيس الجمعيات وحرية عملها في تونس كما أقرّها الدستور والاتفاقيات الدولية المُصادق عليها من الدولة التونسية.

وأكدت جمعيات عدة في بيان أنه "بعد إطلاعها على فحوى المشروع المعروض حالياً على الحكومة والخاص بتنقيح المرسوم عدد 88 لسنة 2011، والمتعلق بتكوين الجمعيات وتسييرها وتمويلها وحلّها، فإنّها تستنكر المنحى الأحادي الذي تُواصلُ مؤسسات الدولة اتّباعه من دون تشاركية ولا حوارات جدّية مع الشركاء المعنيّين حول حرية التنظيم وحرية التعبير والضمانات الأساسية للحريات العامة والفردية"، مشيرة إلى أن "النسخه المتداولة من المشروع تُمثّل انتكاسة وضرباً للحقّ في تكوين الجمعيات، وإنشاء الفروع والشبكات والاندماج بينها، كما أن المجتمع المدني سيصبح رهينة في يدي السلطة التنفيذية".

ويؤكد رئيس المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة منير الشرفي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الجمعيات مشبوهة لناحية التمويل الأجنبي، وقد يكون نشاطها ضد الأمن القومي، ومن الطبيعي أن تهتم السلطة التنفيذية بهذه التجاوزات. لكن بدلاً من أن تلعب دورها وتفتح الملف وتحاكم المتجاوزين وتحل الجمعيات المشبوهة، فقد سارعت إلى تعديل المرسوم عدد 88 لسنة 2011 بشكل لا يحد من نشاط هذه الجمعيات، بل من جل الجمعيات، وهنا تكمن الخطورة". ويوضح أن "الجمعيات المشبوهة قد لا يتجاوز عددها 200 جمعية، في حين أن عدد الجمعيات في تونس يتجاوز 24 ألف جمعية".

يضيف الشرفي أن "الأمر تحول إلى فرصة لوضع اليد على المجتمع المدني بعد وضع اليد على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية". ويقول: "يبدو أن الدور الآن على المجتمع المدني من خلال مرسوم جديد يمكّن الإدارة من السيطرة على الجمعيات، وهو ما يفهم من هذا التنقيح"، مشيراً إلى أنه "لا يوجد أي داع لتنقيح المرسوم عدد 88 الذي يعتبر جيداً، وأُحدث في إطار مناسب وأشرفت عليه جهات تقدمية إبان الثورة".

يتابع أن "المرسوم حتى وإن تضمن إشكالاً، فوجب تحسينه لا إفساده بأكمله. وما حدث هو تدخل شديد من السلطة التنفيذية في نشاط الجمعيات"، موضحاً أن "من هذه التدخلات هو أن الإدارة في رئاسة الحكومة، ولها السلطة التقديرية لحل الجمعيات إذا رأت ضرورة لذلك من دون تحديد المعايير، وهذا يجعل أي جمعية في خطر" .

ويقول الشرفي إن "إحدى النقاط الخطيرة التي تضمنها المشروع أيضاً هو أن من ينشط في جمعية لا يحق له الترشح للانتخابات الرئاسية أو التشريعية ولا المجالس المحلية، وهذا مخالف للدستور، والمرسوم لا يمكن أن يكون أقوى من الدستور، وكل هذا يجعلهم يتخوفون على الجمعيات". ويطالب الشرفي بـ"ضرورة إشراك المجتمع المدني ومشاورة الجمعيات قبل البت في هذا المشروع، فهم المعنيون بالأمر".

وتوضح بن سالم أن "الرقابة موجودة، ومن المهم ممارسة العمل الرقابي، وخصوصاً في ما يتعلق بالتمويل. لكن لا بد من توفير الإمكانيات لذلك. واليوم، هناك ضغط كبير على الإدارة المعنية بالرقابة في ظل وجود 25 ألف جمعية"، مشيرة إلى أن عدد المراقبين في وزارة المالية مثلاً محدود جداً، وهؤلاء لا يمكنهم ممارسة مهامهم، والتقصير يعود إلى ضعف الأداء الحكومي وليس خطأ المجتمع المدني".

وتلفت إلى "وجود إشكاليات منها التمويل الحكومي، وبالتالي لا تتعلق بتنقيح المرسوم بقدر ما تتطلب معالجة هذه النقائص"، مضيفة أن "فكرة تنقيح المرسوم مغلوطة وتقوم على شبهة فساد في بعض الجمعيات، والمحاسبة لا يجب أن تكون جماعية بل على من يثبت فساده". وتقول إنه "لا موجب أساساً لتنقيح هذا المرسوم الذي جاء بعد الثورة، وتحديداً عام 2011، وذلك بعد نضالات عدة من الجمعيات والمجتمع المدني".

المساهمون