جلد شابة بتهمة الحجاب في إيران يثير الانتقادات... روايات متضاربة

جلد شابة بتهمة الحجاب في إيران يثير الانتقادات... روايات متضاربة

10 يناير 2024
تنفيذ حكم قضائي بجلد الشابة رؤيا حشمتي، 74 جلدة (إكس)
+ الخط -

ما زالت الانتقادات وردود الفعل في إيران تتوالى على تنفيذ حكم قضائي بجلد الشابة رؤيا حشمتي، 74 جلدة، الأربعاء الماضي، بتهمة خلع الحجاب على المرأى العام، وسط تضارب الروايات مع الجهاز القضائي الإيراني الذي أعلن بعد تصاعد الانتقادات أن تنفيذ الحكم غير مرتبط بالحجاب، عازياً ذلك إلى تهمة أخرى وُجِّهت للشابة. 

رؤيا حشمتي (33 عاماً)، اعتقلتها الشرطة الإيرانية في 21 إبريل/ نيسان، الماضي، في طهران بتهمة نشر صور عن سيرها في الشارع من دون الحجاب على شبكات التواصل الاجتماعي، مرتدية قميصاً أحمر وتنورة مع الكشف عن ساعديها وقدميها.

وقضت 11 يوماً في الاعتقال قبل الإفراج عنها، وفق محاميها مازيار طاطائي الذي قال لـ"شبكة شرق" الإيرانية، إن التهمة التي واجهتها رؤيا حشمتي في البداية كانت "الحضور في الأماكن العامة من دون الحجاب الشرعي"، غير أن عدلية ناحية 38 وجهت لها اتهامات أخرى مع إصدار لائحتي اتهام منفصلتين وأحالتهما على مجمع الإرشاد ومحكمة الثورة. 

الاتهامات الجديدة التي وجهت لحشمتي، وفق محاميها، هي "الدعاية ضد النظام"، و"خدش العفة العامة، وإنتاج مضامين مبتذلة وحثّ الناس على الفساد"، فضلاً عن الاتهام الأول، وهو "الحضور في الأماكن العامة من دون الحجاب الشرعي". 

تابع المحامي طاطائي أن المحكمة أصدرت حكماً بالسجن بحق حشمتي لـ13 عاماً وتسعة أشهر، وغرامة مالية تعادل 25 دولاراً، و74 جلدة، عقوبة لتلك التهم الموجهة ضدها، مشيراً إلى أنه بعد الاعتراض على الحكم، أبدت محكمة الاستئناف تعاوناً وبرّأتها من تهمة التشجيع على الفساد وإنتاج الأعمال التي تخدش الحياء العام، ما أدى إلى إلغاء السجن، لكنها صدَّقت على جلد المتهمة 74 جلدة، فضلاً عن دفع غرامة 25 دولاراً.  

ونفذت المحكمة، الأربعاء الماضي، حكم الجلد، وفق المحامي طاطائي، الذي أعرب عن أسفه لتنفيذه في يوم "الأم" في التقويم الإيراني.  

وتروي الشابة حشمتي في منشور متداول على شبكات التواصل الاجتماعي، يوم تلقيها الجلدات وإصرارها على رفض وضع غطاء على رأسها عند القاضي وحين تنفيذ الحكم، مع تأكيدها أنها ستظل من دون حجاب بعد تنفيذ الحكم. 

رواية قضائية مختلفة عن تهمة الحجاب

مع تداول واسع لقصة حشمتي، وسط إبداء البعض الاستغراب بشأن جلدها بين من صدق ذلك ومن لم يصدقها، خصوصاً أن مشاهد الخروج من دون الحجاب في الشوارع الإيرانية، ولا سيما في المدن الكبرى بعد احتجاجات مهسا أميني أواخر 2022 بات ظاهرة، وتحوّل إلى أمر عادي رغم مضايقات في أماكن. إلا أن السلطة القضائية أكدت الاثنين صحة رواية تنفيذ جلد الشابة رؤيا حشمتي، لكنها عزت العقوبة إلى تهمة أخرى غير الحجاب. 

وقالت السلطة وفق ما أوردت وكالة "الميزان" التابعة لها، إنّ "السيدة حشمتي في فترة ما بعد ارتباطها بجهة خارجية منظمة وتلقي مبالغ، قامت في ساعات محددة في أماكن الزحمة في شوارع طهران بترويج الإباحية من خلال التجول بمظهر موهن، ثم بعد اعتقالها والتحقيق معها، والتحقيقات القضائية تثبت صحة تصرفها المنظم لقاء تلقي مبالغ من الخارج".

وأضافت الوكالة أنه "تمت المصادقة على جلدها 74 جلدة بسبب تصرفاتها (حشمتي) الواسعة في خدش العفة والأخلاقيات العامة"، قائلة إنه بعد استدعاء حشمتي إلى العدلية لتنفيذ الحكم"، حاولت من خلال تصرفات خارجة عن الأدب التأثير في الأجواء حين تنفيذ الحكم"، وذلك في إشارة غير مباشرة إلى رفضها المكرر ارتداء غطاء الرأس أو ربما يُقصد قالت حشمتي نفسها ترديد شعارات "امرأة. حياة. حرية" خلال تنفيذ العقوبة.

المرأة
التحديثات الحية

غير أن محامي حشمتي ينفي في تعليق على ما أعلنه الجهاز القضائي أن تكون موكلته قد حوكمت بسبب الانتماء إلى مجموعات خارجية أو العلاقة معها وتلقي أموال منها لقاء ترويج الإباحة، مشيراً إلى أن ذلك لم يرد في لائحة الاتهام، مؤكداً أن "هذا الموضوع ليس إلا ادعاءً، لأنه لم يكن موضوع حكم موكلتي".  

وأثار تنفيذ حكم الجلد بحق حشمتي انتقادات واسعة في وسائل إعلام وشبكات التواصل الإيرانية، حيث انتقدت نائبة الرئيس الإيراني السابق لشؤون المرأة والعائلة، شهيندخت مولاوردي، الخطوة في حديث مع صحيفة "اعتماد"، قائلة إن "هذه التصرفات لن تؤدي إلى تحجب حتى شابة واحدة" .

وأضافت أن "المتدينين الحقيقيين هم الذين سيدفعون ثمن هذه التصرفات التي ستوجه أنظاراً ثقيلة مسكونة بالكراهية والغضب نحو المحجبات".

غير أن وسائل إعلام وناشطين محافظين ردوا على الانتقادات مع مهاجمة الشابة رؤيا حشمتي بسبب خروجها إلى الشوارع بهذا المظهر، مع تأكيدهم صحة رواية السلطة القضائية الإيرانية.

وتحول الحجاب في الداخل الإيراني إلى موضوع ساخن منذ نحو عقدين تقريباً على خلفية تسيير دوريات آداب في الشوارع للتصدي لظواهر عدم التقيد بمعايير الحجاب، وهو ما أطلق شرارة احتجاجات واسعة أواخر 2022 بعد وفاة الشابة مهسا أميني إثر اعتقالها من قبل دورية شرطة الآداب في طهران بتهمة خرق قواعد الحجاب. 

أفرزت احتجاجات مهسا أميني واقعاً ومشهداً مختلفين في موضوع الحجاب في المجتمع عما كان سائداً قبل اندلاعها، حيث بدأت إيرانيات بخلع الحجاب كخطوة احتجاجية، تحولت مع مرور الوقت إلى ظاهرة تنتشر، خصوصاً في المدن الكبرى.   

المساهمون