جامعات في العراق تتنافس على تصنيفات "وهمية".. بالاحتيال الأكاديمي

جامعات في العراق تتنافس على تصنيفات "وهمية".. بالاحتيال الأكاديمي

15 فبراير 2024
معايير مهزوزة للنزاهة الأكاديمية في العراق (سكوت بيترسون/ Getty)
+ الخط -

حذرت نقابة الأكاديميين العراقيين من فوضى تنافس جامعات في العراق على تصنيفات "وهمية"، وأكدت أنّ أساتذة وطلاب الدراسات العليا يقعون ضحايا احتيال مئات من المكتبات والمجلات الوهمية بسبب ضغوط تمارسها جامعاتهم عليهم لنشر دراسات فيها، باعتبارها تساهم في صعودها في التصنيفات العالمية.

وفي السنتين الأخيرتين، مارست وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق ضغوطاً على الجامعات الحكومية والأهلية كي تطالب الأساتذة وطلاب الدراسات العليا بنشر بحثين على الأقل سنوياً في مستوعبات "سكوباس"، وهي قاعدة بيانات للملخصات والاستشهادات المرجعية الخاصة بالإنتاج الفكري، مع التلويح باحتمال فقدانهم ميزات كثيرة في حال عدم فعلهم ذلك، وتعطيل ترقياتهم العلمية، ما أفسح في المجال أمام انتشار غير مسبوق لمكاتب البحوث والمجلات العلمية غير الرصينة التي تسعى إلى تحقيق أرباح.

وتصل قيمة نشر بحث واحد إلى 3000 آلاف دولار أحياناً، ويجبر الأستاذ أو الطالب على دفع هذه القيمة، في وقت تتنصل الجامعات من أي مسؤولية إذا تبيّن أن مكاتب البحوث والمجلات مقرصنة أو مشبوهة.

وقال نقيب الأكاديميين العراقيين، مهند الهلال، في تصريحات صحافية، أمس الأربعاء، إنّ "التصنيفات التي تتنافس عليها الجامعات العراقية، تجارية ووهمية غالباً، باستثناء تلك العالمية المعروفة مثل شنغهاي وتايمز وغيرهما. وهذه التصنيفات عبارة عن مواقع إلكترونية تضغط الجامعات على المدرسين والطلاب للنشر فيها، ما يضطرهم إلى اللجوء إلى مكاتب تمارس الاحتيال الأكاديمي في كتابة بحوث وأطروحات".

وأكد أنّ "عدد تلك المكاتب المحتالة وصل إلى 600 مكتب داخل العراق وخارجه، وهي تتسلّط على الباحثين وطلاب الدراسات العليا العراقيين، في حين تحوّلت وزارة التعليم إلى مؤسسة ترويج لبعض المواقع الإلكترونية والمكاتب".

ودعا الهلال إلى "الحدّ من الظواهر التي تمّس معايير النزاهة الأكاديمية عن طريق التأكد من هذه المسّتوعبات"، محذراً من أن "وجود مجلات مجهولة المصدر عبارة عن حقل تجارب يقع أساتذة وطلاب في الدراسات العليا وباحثون ضحيتها".

وأخيراً عزلت إدارات كليات أساتذة بسبب عدم نشرهم بحوثاً من خلال مكاتب للاحتيال الأكاديمي. وقال الأستاذ في جامعة بغداد، علي المحمدي، لـ"العربي الجديد": "أصدرت الجامعة أخيراً قرار منعي مع عشرات الأكاديميين من التدريس، وأحالتنا إلى شغل وظائف إدارية، في إجراء ارتجالي لا يتماشى مع مهنية التعليم ومكانة الأستاذ الجامعي".

أضاف: "تعلم وزارة التعليم العالي وإدارة الجامعات أن نشر البحوث أصبح تجارة مشبوهة، وأن مئات من الاساتذة والطلاب وقعوا ضحية مجلات مشبوهة حصلت منهم على مبالغ كبيرة من دون أن تنشر بحوثهم". واستغرب إصرار الجامعات والوزارة على تجاهل هذا النهج الذي يتنافى مع الأسس العلمية الرصينة.

وتجنبت وزارة التعليم العالي التعليق على الملف رغم أنه أصبح ظاهرة بارزة في الجامعات العراقية، وترك الأساتذة والطلاب يقعون ضحية لعمليات الاحتيال الأكاديمي.

ويعد الفساد الذي تعانيه غالبية دوائر الدولة العراقية أحد التحديات التي تواجهها المؤسسة التعليمية، وتتفاقم تأثيراته منذ سنوات، علماً أن أحزاب السلطة تسيطر على إدارات وزارات التعليم من دون اعتماد مبدأ الكفاءة، ما تسبب في تراجع مستوى التعليم والتخطيط.

المساهمون