جامعات أميركية تجذب الطلاب باستراتيجيات صديقة للبيئة.. تعرف إليها

جامعات أميركية تجذب الطلاب باستراتيجيات صديقة للبيئة.. تعرف إليها

02 ابريل 2023
تسعى بعض الجامعات الأميركية إلى اتباع استراتيجية خضراء لجذب طلابها (Getty)
+ الخط -

تأخذ قضية المناخ حيزاً مهماً في المجتمعات العلمية، ليس فقط من باب دراسة كيفية مواجهة تأثيرات التغييرات المناخية، ولكن أيضاً من خلال اختيار صرح علمي وجامعي ملائم للبيئة يعتمد نموذجاً فعلياً في تحقيق الحياد الكربوني.

ويلعب تحويل الجامعات إلى مراكز آمنة بيئياً دوراً مهماً في كيفية جذبها للطلاب، الذين يأخذون قضايا المناخ على محمل الجد، بحسب "واشنطن بوست"، ما دفع العديد من الكليات والجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية للبحث عن طرق مبتكرة للحد من انبعاثاتها الكربونية، لتصبح أكثر استدامة بيئياً.

الصورة
صورة رقمية مولدة لتوربينات الرياح والألواح الشمسية وحاويات الهيدروجين (Getty)
تسعى الجامعات لطرق مبتكرة للحد من انبعاثاتها الكربونية (Getty)

بحسب بيانات مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة، فقد وقعت نحو 10 مؤسسات تعليمية أو 413 مدرسة تعهداً خاصاً لمواجهة التغييرات المناخية، مع منظمة Second Nature، وهي منظمة ملتزمة بتسريع العمل المناخي من خلال مؤسسات التعليم العالي، ومن خلال التوقيع على هذه التعهدات، تلتزم المدارس بتحقيق حيادية الكربون في أسرع وقت ممكن، وفق ما نقله تيم كارتر رئيس المنظمة، وهو ما يعني أن ما يقارب من 30 في المائة من طلاب هذه المؤسسات التعليمية الذين يتلقون مفاهيم أساسية حول التغيير المناخي سيدخلون إلى الجامعات في المستقبل القريب، وسيصب جل تركيزهم على القضايا المناخية والحياد الكربوني.

وفي هذا الإطار، سعت بعض الجامعات الأميركية إلى اتباع استراتيجية خضراء، لجذب الطلاب من جهة، ومن جهة لتحمل جزء من المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقهم، وهذه أبرز الجامعات الأميركية التي تواجه التغيير المناخي:

جامعة أوهايو: تحويل بقايا الطعام إلى تربة

يقضي العديد من الطلاب في الجامعات أوقاتهم في تناول الطعام داخل الكافيتريا المخصص لحرم الكليات، وما يزيد عن حاجتهم أو بقايا الطعام يتم التخلص منه في المهملات، وهو ما تنتج عنه زيادة في الانبعاثات الكربونية، إلا أن جامعة أوهايو ابتكرت طرقاً جديدة لاستخدام هذه الأطعمة كسماد للمزروعات.
بعد مغادرة الطلاب قاعة الطعام، يفصل الموظفون المدربون الطعام المتبقي في صواني التقديم. يتم جمع ما يقرب من خمسة أطنان من نفايات الطعام يومياً من قاعات الطعام حول الحرم الجامعي وإحضارها إلى مصنع سماد ضخم مغلق تقدر قيمته بمليوني دولار أميركي.

الصورة
جامعة أوهايو (فيسبوك)
نجحت جامعة أوهايو في تحويل النفايات إلى مورد أساسي (فيسبوك)

في عام 2009 افتتح المصنع بتقنيات بيئية من خلال استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء الخاصة به، وتخزين مياه الأمطار لاستعمالها كمورد مائي أساسي في المصنع، بحسب ما يؤكد ستيف ماك، مدير إدارة المرافق بالجامعة، وبعد أكثر من ثلاث سنوات نجحت الجامعة في تحويل ما يقارب من 100 في المائة من بقايا الطعام إلى سماد، بمعنى آخر نجحت الجامعة في تحويل النفايات إلى مورد أساسي.

نجحت الجامعة في تحويل ما يقارب من 100 في المائة من بقايا الطعام إلى سماد

تعد خدمات الطهي في الجامعة واحدة من أكثر خدمات الطعام الجامعية كفاءة في الدولة، على الرغم من التحدّيات الفريدة التي تفرضها مرافق الطعام التي توفر كل الرعاية، فإن حوالي 99 في المائة من نفايات الطعام في الحرم الجامعي هي ما بعد الاستهلاك؛ بقايا الطعام من الصواني، بينما تشكل مخلفات الطعام قبل الاستهلاك من عملية تحضير الطعام أقل من 1 في المائة. 
يتم تحويل بقايا الطعام إلى تربة غنية بالمغذيات والتي تستخدم في تنسيق الحدائق وملء الحقول الرياضية الداخلية، وتحول الجامعة حوالي 612 طناً من النفايات سنوياً إلى سماد، وهو ما يوفر على الجامعة ما يقارب من 36 ألف دولار سنوياً، موزعة ما بين رسوم مكبات النفايات وتكاليف الأسمدة السنوية.

جامعة بول ستيت: نظام بيئي صديق للتدفئة

واجهت الجامعة مشكلة حقيقية عندما أرادت الإدارة في عام 2009 تحويل نظام التدفئة الذي يبلغ عمره 70 عاماً من نظام يعمل بالوقود الأحفوري إلى أكبر محطة للطاقة الحرارية، إذ وجد العديد من الخبراء والمهندسين صعوبة في تحقيق ذلك، بحسب الرئيس المساعد لتخطيط وإدارة المرافق العامة جيم لوي.

غير أن إدارة الجامعة قررت تغيير نظام التدفئة، عن طريق فريق مختص أشرف على حفر ما يقرب من 3600 حفرة بعمق 500 قدم تحت الملاعب الرياضية ومواقف السيارات، وحفر الشوارع والأرصفة لوضع ما يقرب من 5.3 ملايين قدم من الأنابيب.
استغرق الأمر ثماني سنوات، لبناء أكبر نظام للطاقة الحرارية الأرضية في البلاد الذي يعمل الآن بشكل مخفي ويوفر التدفئة والتبريد لـ "أكثر من 50 مبنى رئيسياً" في الحرم الجامعي، من دون حرق الوقود الأحفوري وتلوث البيئة.
جرى الانتهاء من المشروع في عام 2017، وقد أدى إلى خفض البصمة الكربونية إلى النصف، مما ساعد الجامعة على الوصول إلى منتصف الطريق نحو هدفها المتمثل في أن تصبح محايدة للكربون. 

الصورة
قمح ذهبي وسنبلات الشوفان (Getty)
قمح ذهبي وسنبلات الشوفان (Getty)

جامعة أيوا تستثمر في الطاقة الخضراء

استخدمت جامعة أيوا فناءها الخلفي، الذي كان عبارة عن غطاء أخضر حرجي لبقايا بدن نبتة الشوفان، من أجل توليد الطاقة الكهربائية، إذ تعاقدت منشأة إنتاج شوفان كويكر في سيدار رابيدز في مقاطعة آيوا مع الجامعة من أجل تحويل أكوام من بقايا بدن الشوفان لمصدر للطاقة. 
وأصبحت جامعة أيوا رائدة في مجال الطاقة الخضراء في حصاد طاقة الكتلة الحيوية باستخدام الموارد في الفناء الخلفي لها.
في عام 2015، بدأت الجامعة أيضاً في زراعة وحصاد فدادين من عشب متدفق يشبه الخيزران يصل ارتفاعه إلى 12 قدماً. يتم تقطيع العشب وجمعه ودمجه مع مصادر الطاقة المتجددة وغير القابلة لإعادة التدوير واستخدامه كمورد للطاقة.
وبعد أشهر من انتشار الوباء العالمي (كورونا) تجاوزت الجامعة الفارغة هدفها المتمثل في 40 في المائة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020.

جامعة مينيسوتا وطاقة الرياح 

لجأت جامعة مينيسوتا في موريس الواقعة في ريف مينيسوتا إلى استخدام الرياح كمصدر أساسي للطاقة، فالجامعة تحيط بها مناطق البراري والغابات، ولذا فهي تتمتع بموقع جغرافي يسمح لها باستخدام الطاقة المتجددة، من خلال تركيب توربينات للرياح ومجموعة الطاقة الشمسية التي تغطي حوالي 70 في المائة من كهرباء الحرم الجامعي اليومية. 

الصورة
جامعة مينيسوتا (Getty)
جامعة مينيسوتا (Getty)

تتميز الجامعة بوجود اثنين من توربينات الرياح بارتفاع يصل إلى 230 قدماً مع برج يبلغ ارتفاعه 135 قدماً فوق الجامعة. تولد التوربينات 10 ملايين كيلوواط من الكهرباء سنوياً، وهو ما يعادل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من 932 سيارة ركاب تعمل بالبنزين تقاد لمدة عام واحد، لكن الجامعة تستخدم فقط حوالي 5 ملايين كيلوواط كل عام. يتم تصدير الطاقة الفائضة لتوفير الطاقة المتجددة لمدينة موريس، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 5000 نسمة.
يلفت مدير الاستدامة في الجامعة تروي جودنو إلى أن مؤسسته حققت حيادية الكربون في الكهرباء لأول مرة في عام 2020، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى تلك التوربينات. 

جامعة أريزونا: تعهدات بالحد من انبعاثات الغاز

بدأت جامعة أريزونا التي يبلغ إجمالي عدد الطلاب المسجلين فيها في الحرم الجامعي 75000 طالب، من التعهد بالتخلص من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2025. 

ووفق المدير التنفيذي للاستدامة في جامعة ولاية أريزونا مارك كامبل: "قررنا نقل الهدف مبكراً بست سنوات اعترافاً بتفاقم أزمة المناخ".
بين عامي 2007 و2017، زادت الجامعة من كفاءة الطاقة في تشييد المباني الجديدة باستخدام مواد متجددة ومستدامة، وتركيب أنظمة تبريد وتدفئة فعالة، وتعظيم مصادر الضوء الطبيعي، كما تم تحديث المباني القديمة بمصابيح فعالة ورؤوس دش موفرة للمياه وأنظمة تبريد محدثة.

وبنت الجامعة 90 منشأة شمسية في الموقع، والتي توفر طاقة خضراء كافية لتشغيل ما يقدر بنحو 18000 منزل في وقت واحد. كذلك دخلت جامعة ولاية أريزونا في شراكة مع الخدمة العامة في ولاية أريزونا، وهي أكبر مرفق كهربائي في مزرعة شمسية مشتركة تولد حوالي 65000 ميغاواط / ساعة من الكهرباء الخضراء سنوياً.

بحلول عام 2018، كانت جامعة ولاية أريزونا على وشك الوفاء بتعهدها، إذ أصبحت الجامعة محايدة من حيث انبعاثات الكربون في النطاق 1؛ أي الانبعاثات التي تتحكم فيها الجامعة بشكل مباشر، وانبعاثات النطاق 2؛ أي الانبعاثات غير المباشرة.

المساهمون