تكرار انقطاع الكهرباء في تونس

تكرار انقطاع الكهرباء في تونس

21 سبتمبر 2022
تبرر شركة الكهرباء الانقطاع بزيادة الاستهلاك (ياسين محجوب/Getty)
+ الخط -

تروي التونسية عربية بن إبراهيم، لـ"العربي الجديد": "كنا كلّما انقطعت الكهرباء في الحي نشعر بخوف شديد على حياة أبي، فهو يستعمل منذ سنتين جهازاً للتنفس الصناعي، ولا يستطيع الاستغناء عنه سوى لدقائق معدودة، وإذا طال الأمر، فإنّ حياته تُصبح مهددة".

وتضيف: "قد يشتكي البعض من انقطاع الكهرباء لمجرّد كره البقاء في الظلام لبعض الوقت، أو عدم تحمّل البقاء من دون مكيف الهواء لساعات. لكنّ الأمر مختلف بالنسبة لنا. فالكهرباء تعني حياة أبي. انقطاع الكهرباء يحصل طوال السنة من دون سابق إنذار غالباً، لكنه يتكرر بوتيرة أكبر مع حلول فصل الصيف، ولم نجد من حلّ سوى اقتناء مولد كهرباء لاستعماله في تلك الأوقات".
ويتزايد احتياج التونسيين إلى الكهرباء خلال فصل الصيف الذي يكثر فيه الاستهلاك للتبريد، ما يثير انتقادات، وأحياناً احتجاجات ضد انقطاع التيار، خاصة وأنّ بعض المناطق تشهد انقطاعاً لفترات طويلة من دون أية أسباب معلنة.
وتبرر الشركة التونسية للكهرباء والغاز تكرار انقطاع الكهرباء، خصوصاً خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة، بتزايد الطلب على الطاقة الكهربائية، والذي يتجاوز الطاقة الإنتاجية للشركة، مؤكدة أنّ التفاوت بين الطلب والمتاح يضطرها إلى قطع الكهرباء في العديد من الجهات، إضافة إلى أنّ ارتفاع نسب الرطوبة، والتي تصل في بعض الأوقات إلى 94 في المائة، تتسبب في انقطاع الكهرباء أيضاً، إذ تتسبب في حدوث عطب بالمحطات، خصوصاً محطات المدن الكبرى.
وتشهد العديد من المناطق احتجاجات متكررة، ومحاولات لغلق الطرق بهدف التعبير عن الغضب من تكرار انقطاع الكهرباء، وتشمل الاحتجاجات المناطق الحضرية والريفية على حد سواء، ويؤكد مواطنون أن بعض الجهات تشهد انقطاع التيار لأكثر من 24 ساعة متواصلة.
يقول سيف الدين بالرابح، من مدينة القصرين، إنّ "الكهرباء تنقطع باستمرار في المنطقة من دون أن تكون هناك أسباب مثل  أشغال الصيانة، ويتواصل أحياناً الانقطاع لأكثر من نصف اليوم، وقد يحدث ذلك ليلاً، أو في الساعات الأولى من النهار، بينما لا بديل إلا مولدات الكهرباء التي لا يملك توفير ثمنها الباهظ إلا الموسرون، والأمر مزعج، سواء في الصيف أو الشتاء، إذ إنها ضرورية في كل الأوقات في ظل استعمال العديد من الأجهزة الكهربائية في المنازل".
يضيف بالرابح أنّ "العديد من الجهات شهدت احتجاجات كبيرة بسبب انقطاع الكهرباء خلال السنوات الأخيرة، وفي كلّ مرّة تتكرر مبررات أنّ ارتفاع الطلب يؤدي إلى الانقطاع الخارج عن إرادة الشركة، وأنّ الأمر سيتمّ تجاوزه في المستقبل، لكن لا شيء يحدث، وما زال الانقطاع متكرراً".
الأمر ذاته تؤكده رفيقة بن منصور، من محافظة القيروان، مشيرة إلى أنّ تكرار انقطاع التيار الكهربائي لا يستثني أي منطقة في تونس، ولا أي فترة من السنة، وتبريرات الشركة دائماً هي نفسها. تضيف: "مدّة انقطاع التيار الكهربائي تفوق أحياناً الثلاث ساعات، خاصة إذا حصل عطب يتطلب تدخلاً من الشركة للقيام بأعمال الصيانة، وتداعيات ذلك كبيرة على المواطنين، خصوصاً المرضى، ومن يعتمدون في أرزاقهم على أجهزة كهربائية". 

تضم منازل التونسيين عديد من الأجهزة الكهربائية (ياسين جايدي/الأناضول)
تضم منازل التونسيين عديد الأجهزة الكهربائية (ياسين جايدي/الأناضول)

وتوضح بن منصور: "في أنحاء تونس بصفة عامة لا تنتشر المولدات الاحتياطية، ويقتنيها البعض لأسباب خاصة، وتحركات المواطنين الاحتجاجية لم تحلّ الأمر، وتكون المشكلة أكبر إذا انقطعت الكهرباء ليلاً، فليس لدى المواطن حينها سوى الانتظار حتى الصباح، حين عودة أفراد الشركة للعمل، وتعاملهم مع أسباب المشكلة المختلفة، خصوصاً سرقة أسلاك الكهرباء".
من جهته، يشير الكاتب العام للجامعة العامة للكهرباء والغاز (نقابة)، عبد القادر الجلاصي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ أزمة انقطاع الكهرباء تفاقمت كثيرا خلال السنوات الأخيرة، وأن الأسباب تشمل تزايد الاستهلاك، وتزايد العمليات التخريبية التي تطاول أسلاك الكهرباء التي تتم سرقتها، خصوصاً في أوقات الليل، للحصول على النحاس، وبيعه أو تهريبه، ممّا يكبّد الشركة خسائر كبيرة.

وتحصل تونس على الغاز من الجزائر مقابل مرور أنبوب الغاز الجزائري المتجه إلى إيطاليا عبر أراضيها، ويؤكد مدير العلاقات مع المواطن في الشركة التونسية للكهرباء والغاز، منير الغابري، لـ"العربي الجديد"، أنّه جرى التفاوض خلال السنوات الأخيرة مع الجانب الجزائري للوصول إلى اتفاق يقضي بزيادة كمية الغاز التي تحصل عليها تونس، وتجديد الاتفاقية تفادياً لحصول مشاكل في المستقبل، وسيمكن هذا من زيادة إنتاج الكهرباء، وبالتالي تقليص فترات الانقطاع.
وتقوم الشركة التونسية للكهرباء والغاز خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة بحملات توعية تهدف إلى ترشيد استهلاك الكهرباء، والذي يرتفع بشكل ملحوظ في الفترة من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الرابعة عصراً، بسبب زيادة استعمال  أجهزة تكييف الهواء وآلات التبريد.
وكشفت الشركة أنه تمّ تسجيل رقم قياسي للاستهلاك في شهر يوليو/ تموز الماضي، بلغ 4563 ميغاواط في اليوم، في مقابل 4434 ميغاواط في يوليو 2021.

المساهمون