تغير المناخ والأمراض البشرية

تغير المناخ والأمراض البشرية

09 اغسطس 2023
مخاطر التغير المناخي تهدد الجميع (Getty)
+ الخط -

من بين أعراض تغير المناخ، كثرة أمراض التنفس والقلب، وتكاثر الآفات المسببة للأمراض، مثل فيروس غرب النيل المعدي، الذي يسبب وجعاً في الرأس والمعدة والعضلات والمفاصل، إضافة إلى تيبس الرقبة والرجفة، أو فقدان البصر والغياب عن الوعي، ومثل بكتيريا "لايم" التي يحملها القراض ذو الأرجل السوداء، والتي تسبب الحمى ووجع الرأس وحكة الجلد والغثيان.
يمنح الشتاء المعتدل ودرجات الحرارة الأكثر دفئاً البعوض والقراد مزيداً من الوقت للتكاثر وتوسيع موائلها، وبالتالي نشر الأمراض في أنحاء العالم. بين عامي 2004 و2018، تضاعف عدد الأمراض الناتجة من لدغات البعوض والقراد والبراغيث، إذ أُبلِغ عن أكثر من 760 ألف حالة في الولايات المتحدة وحدها، واكتُشِفَت تسع جراثيم جديدة تنتشر من طريق البعوض والقراد في الولايات المتحدة خلال ذات الفترة. وفي عام 2012، مهد الشتاء المعتدل وأوائل الربيع والصيف الحار الطريق لتفشي مرض فيروس غرب النيل في الولايات المتحدة، وهو مرض انطلق أصلاً من منطقة الشرق الأوسط، ما أدى إلى أكثر من 5600 إصابة و286 وفاة. 
وهناك العديد من الأمراض التي يعمل تغير المناخ على انتشارها، كذلك يعتبر مسؤولاً عن العديد من حالات ضعف الصحة العقلية. وقد يتفاوت تأثير تغير المناخ من شخص إلى آخر. فالذين يمضون أكثر أوقاتهم خارج البيت أو المكتب يتأثرون أكثر بالحرارة أو البرودة، وكبار السن قد لا يستطيعون مقاومة درجات الحرارة العالية أو المنخفضة، وهذه الأمور قد تؤدي إلى الموت المبكر، بينما الصغار الذين يشكون من الربو لا يتحملون الملوثات الموجودة في الهواء، كما لا يتحملون دخان الحرائق.
وقد يسبب تغير المناخ موجات من الفيضانات التي تجبر السكان على ترك منازلهم أو مناطقهم قسراً بعد أن تقضي على مزارعهم، واضعة الكثير من الناس تحت ضغط المجاعة، والفقر المدقع. 
وهناك تغيرات في التوزيع الجغرافي لانتشار الأمراض التي تنقلها الأغذية والمياه والأمراض المعدية تحت ضغط تغير المناخ، وفي حين أن القلق البيئي هو استجابة طبيعية لحالات الطوارئ المناخية، ولا يرتفع عادة إلى مستوى الاهتمام السريري، إلا أنه قد يؤدي إلى حالات من الغضب أو اليأس، أو الانتحار، خصوصاً عند المراهقين.

من جهة أخرى، أجبر تغير المناخ بعض أنواع الحيوانات على العيش في موائل جديدة بعد اختفاء موائلها الطبيعية، وأدى إلى توسيع موائل حيوانات أخرى. انتقال الحيوانات إلى مناطق جديدة يزيد من فرص الاتصال بين الإنسان والحيوان، واحتمال انتشار الأمراض حيوانية المصدر، والدليل على ذلك توسع انتشار فيروس داء الكلب ليشمل مناطق جغرافية جديدة حول العالم.

ارتفعت درجات الحرارة في القطب الشمالي بأكثر من ضعف سرعة الارتفاع في بقية العالم، وأدى ارتفاع درجات الحرارة في ألاسكا إلى زيادة أعداد فأر الحقل قصير الأذن، الذي يمكن أن ينقل أمراضاً مثل جدري ألاسكا إلى البشر، ومع ارتفاع درجات الحرارة عالمياً، ستزداد الأمراض التي تشكل تهديداً، مثل إيبولا، وحمى الوادي المتصدع، وجدري القردة.
ولا بد من إضافة أن ارتفاع درجات الحرارة قد سمح لبعض الفطريات المسببة للأمراض بالانتشار في مناطق جديدة كانت في السابق شديدة البرودة بحيث لا يمكنها البقاء فيها على قيد الحياة. على سبيل المثال، انتشرت حمى الوادي المتصدع التي تسببها فطريات تعيش في تربة المناطق الحارة والجافة في أماكن جديدة، وسببت التهابات شديدة، وأدت إلى الموت أحياناً، وغالباً ما يصعب تشخيصها بشكل صحيح.
ومع تضييق الفرق بين درجات حرارة البيئة ودرجات حرارة جسم الإنسان، قد تظهر أمراض فطرية جديدة عندما تصبح الفطريات أكثر تكيفاً مع الجسم البشري، ويزيد تغير المناخ أيضاً من مخاطر الكوارث الطبيعية والفيضانات، ما يزيد من خطر نمو العفن في المنازل، وهو يسبب التهابات مميتة في الرئتين والدماغ.
ويتوقع العلماء أن يكون لتغير المناخ آثار مدمرة على المياه العذبة والبيئات البحرية. على سبيل المثال، يمكننا أن نرى حالات أكثر تواتراً لتكاثر الطحالب الضارة، على غرار النمو السريع للطحالب أو البكتيريا الزرقاء في البحيرات والأنهار والمحيطات والخلجان، وكما أنها تضر بالإنسان، يمكنها أيضاً أن تضر بالحيوانات الأليفة والماشية، وبالحياة البرية، وتؤثر في البيئة التي قد تمرض أو تموت.
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون