بلدية لبنانية تتراجع عن تعميم عنصري بحقّ اللاجئين السوريين

بلدية لبنانية تتراجع عن تعميم عنصري بحقّ اللاجئين السوريين

12 نوفمبر 2021
التعميم يحدّد ساعات عمل اللاجئين وأجورهم اليومية (جوزف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

تراجعت، اليوم الجمعة، بلدية رأس بعلبك (البقاع الشمالي) عن قرار عنصري بحق اللاجئين السوريين، كانت قد أصدرته، الأربعاء، في تعميمٍ يحدّد ساعات عملهم وأجورهم اليومية، ويمنعهم من استقبال ضيوفٍ من خارج البلدة ليلاً، كما يفرض حظر تجوّل عليهم بعد الساعة السابعة مساءً وإلى غاية السادسة صباحاً، في انتهاكٍ صارخٍ لأبسط حقوق الإنسان.

وبعد الجدل الكبير والانتقادات اللاذعة بحقّها، ألغت البلدية، اليوم الجمعة، تعميمها السابق، وأصدرت تعميماً جديداً، استهلّته بتبريرٍ مفاده أنّه "نظراً للأحوال الاقتصادية المتردّية وغلاء المعيشة والأسعار، وعدم تعديل الرواتب، حُدّدت أجرة العامل السوري واللبناني بستين ألف ليرة لبنانية (أقلّ من 3 دولارات أميركيّة)، من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثالثة بعد الظهر، وأجرة العاملة في النظافة المنزلية بـ15 ألف ليرة لبنانية (نحو نصف دولار أميركي) عن كل ساعة عمل". واللافت أنّ البلدية تخلّت فيه عن قرارَي حظر التجوّل واستقبال الضيوف.

وكان التعميم الأول اشترط على العامل السوري 7 ساعات عمل في اليوم مقابل 40 ألف ليرة لبنانية (أقل من دولارين)، وحدّد أجرة العاملة في النظافة المنزلية بـ10 آلاف ليرة لبنانية عن كل ساعة عمل (أقل من نصف دولار أميركي)، ما أثار ردود فعلٍ غاضبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إذ وصف البعض التعميم بأنّه "تكريس إضافي للعنصرية"، في حين غرّد أحد الروّاد قائلاً: "أن تكون سورياً في لبنان يعني أن تكون إنساناً مع وقف التنفيذ".

وفي اتصالٍ مع "العربي الجديد"، شدّدت المحامية ديالا شحادة على أنّ "التعميم مخالف للقوانين المحلية والدولية، وللدستور الذي ينصّ على الاقتصاد الحر، بحيث لا يحقّ للبلدية أن تحدّد للمواطنين القيمة التي سيدفعونها للأجراء".

وأضافت شحادة: "بالنسبة لمنعهم من استقبال ضيوف من خارج البلدة ليلاً، فهذا الكلام حتى لو أنّه يصبّ بالشكل في إطار حماية البلدة من (الغرباء)، لكنّه ينتهك حقوقاً وحرياتٍ كفلها الدستور عبر التزامه بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها، مثل حرية التنقل وحرية التعبير والتجمّع".

بدوره، أكّد رئيس "المركز اللبناني لحقوق الإنسان" وديع الأسمر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "التعميم يتعارض مع القوانين اللبنانية، ويندرج في سياق العنصرية والتمييز، وعلى وزارة الداخلية والبلديات أن تتّخذ إجراءاتٍ بحق البلدية المذكورة، وعلى المدّعي العام أن يلاحقها".

وكشف رئيس "المركز اللبناني لحقوق الإنسان" عن أنّهم "بصدد تقديم إخبار للمدّعي العام، فهناك حالات مماثلة حصلت تحت ذريعة "حفظ الاستقرار والأمن"، وقدّمنا نحو 10 إخبارات بحق أكثر من بلدية، بالإضافة إلى إخبار عام لوزير الداخلية والبلديات"، مضيفا: "جدير بالذكر أنّ بلدية الفرزل، مثلاً، تراجعت وأصدرت تعميماً مغايراً بعد استدعاء رئيس بلديتها على خلفيّة الإخبار الذي تقدّمنا به حينها".

واعتبر الأسمر أنّ "منع التجوّل عندما يكون لفئة دون أخرى، هو عنصريّ محض"، مبدياً أسفه لما تضمّنه التعميم كذلك من "تمييزٍ جندري في الأجور بين العامل والعاملة السوريين".

من جهته، أوضح رئيس بلدية رأس بعلبك، منعم مهنا، لـ"العربي الجديد"، أنّ "التعديل جاء بعد "الطوشة" (الضجة)، وبعد اتهامنا بأنّنا عنصريّون، مع أنّني أكثر الداعمين لحقوق السوريّين، لكن الحقيقة أنّه لا يوجد عمّال من أهل البلدة التي تقطن فيها 269 عائلة سورية".

وقال: "اعترضوا على الأجرة اليومية، علماً أنّ موظفي البلدية بمعظمهم يتقاضون شهرياً مبلغ مليون ليرة لبنانية (نحو 44 دولاراً أميركيّاً)، وبينهم عناصر الشرطة الذين يعملون ليل نهار. كما أنّ العامل مع التعديل الجديد سيتقاضى أكثر من راتبي التقاعدي". وإذ ربط قراره الأول بـ"ارتفاع معدّل السرقات في البلدة والجوار"، قال: "عدّلتُ التعميم، لكنّني أحمّل مسؤولية أيّ سرقة جديدة للجمعيات الحقوقية ووزارة الداخلية والبلديات".

المساهمون