بريطانيا: النظام التعليمي لا يواكب سوق العمل

بريطانيا: النظام التعليمي لا يواكب سوق العمل

13 مايو 2022
يواجه الخريجون الجدد تحديات كبيرة في سوق العمل (أولي سكارف/ Getty)
+ الخط -

تُظهر العديد من الأبحاث واستطلاعات الرأي أن الطلاب وخريجي الجامعات يفتقرون إلى الكفاءات المناسبة لسوق العمل
وأظهر استطلاع حديث أعدته اللجنة الخاصة بمجلة تايمز للتعليم العالي في العاشر من مايو/ أيار الجاري، أنّ 35 في المائة من الشركات لديها نقص في المهارات الأساسية بما في ذلك معرفة القراءة والكتابة والحساب، و39 في المائة تكافح لتوظيف الأشخاص من أصحاب الكفاءات الرقمية والتكنولوجية المناسبة. ويتوقع أن يعاني أكثر من 40 في المائة من نقص في المهارات اللازمة في غضون الاثني عشر شهراً المقبلة. ولا تكترث 17 في المائة من الشركات بدرجات شهادة التعليم المدرسية أو الجامعية حين توظف أشخاصاً جددا، وتستخدم 75 في المائة منها تقنيات التقييم الخاصة بها. وبحسب استطلاع أعدته لجنة "يوغوف"، يعتقد نحو 60 في المائة من الأهل أن نظام التعليم لا يهيئ الشباب بشكل كافٍ للعمل أو الحياة.
شُكلت اللجنة العام الماضي لدراسة مستقبل التعليم في ظل تفشي وباء كورونا والقيود التي فرضها على المجتمع والتطور التكنولوجي وتغير طبيعة العمل. وعلى الرغم من أنّه كان لتفشي فيروس كورونا الجديد تأثير على الصحة النفسية للطلاب، لا تنفي اللجنة العيوب الموجودة في النظام التعليمي في البلاد. ويرى هؤلاء أنه كان واضحاً منذ فترة طويلة أنّ النظام التعليمي فشل في تخريج طلاب مؤهلين لسوق العمل، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنتاجية ونقص المهارات الأساسية، وساهم في عرقلة تقدم بريطانيا.
في هذا السياق، يقول ماهي (26 عاماً) لـ "العربي الجديد": "قبل أربع سنوات، تخرّجت من جامعة ويستمنستر في لندن بدرجة جيد وتخصصت في إدارة الأعمال. حاولت جاهداً الحصول على وظيفة في مجال تخصصي من دون نتيجة". تنقل بين مهن عدة، منها بيع السيارات والعمل في المقاهي والمطاعم لتأمين احتياجاته الأساسية. ويلفت إلى أنّه منذ فترة، كان يشكو لأصدقائه رفضه من قبل العديد من الشركات بعد المقابلة الأولى أو الثانية بحجة افتقاره إلى المؤهلات اللازمة للعمل. نُصح بالالتحاق بدورات تدريبية لدى شركة توظيف. وبالفعل، التزم بالنصيحة ويعمل اليوم في شركة عالمية للبترول في مجال تخصصه. ويسأل: "لماذا نضيع سنوات من عمرنا ونتخرّج من دون الحصول على المهارات التي يتطلبها سوق العمل اليوم؟".

ويشير إلى أن العديد من الأشخاص الذين قابلهم خلال فترة التدريب، وجميعهم من خريجي الجامعات، صدموا بواقع سوق العمل وعانوا مثله تماماً إلى أن التحقوا بشركات توظيف لتأمين عمل يتلاءم ودراستهم. وكما يكافح أصحاب الشهادات للعثور على وظيفة، وجد استطلاع للرأي أن 63 في المائة من أرباب العمل يكافحون للعثور على موظفين يتمتعون بالكفاءة أو الخبرة المطلوبة، ويقدر أن تسعة ملايين بالغ في سن العمل في بريطانيا لا يتمتعون بالمهارات الأساسية والضرورية في القراءة والكتابة أو الحساب. كما يفتقر 22 في المائة من البالغين إلى المهارات المطلوبة للمشاركة في العالم الرقمي.

برطانيا  (أولي سكارف/ Getty)
هل تجد فرصة عمل؟ (أولي سكارف/ Getty)

وتشير الأبحاث إلى أنّ العالم يتغيّر بشكل كبير وسريع، إلا أن نظام التعليم فشل في مواكبة التطور. كما تغيرت وسائل التسوق والعمل والسفر والاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة التلفزيون خلال العقد الماضي. 
إلى ذلك، وجد معهد "آي إس إي" (صوت مستقل ورائد في المملكة المتحدة للطلاب الموظفين، يعمل على تطوير الأعمال من خلال تحديد مواهب الطلاب) أن الخريجين الجدد يفتقرون إلى المهارات التقنية التي يحتاجها أصحاب العمل. وأظهر الاستطلاع الذي أعده في 17 مارس/ آذار 2021 أن أرباب العمل عمدوا إلى تطوير الخريجين الجدد خلال فترة الوباء. ولدى سؤال أصحاب العمل عن المهارات التي يجب أن يمتلكها الخريجون للعمل بفعالية، تحدثوا عن أهمية العمل الجماعي والتعامل مع الآخرين، وأعربوا عن قلقهم من غياب مهارات الإدارة والتفاوض وتلك الفنية والبرمجة وتحليل البيانات. 

ويرى 78 في المائة من أرباب العمل أن الخريجين الذين أكملوا فترة تدريب عملي كانوا أكثر مهارة من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك. مع ذلك، أظهر استطلاع أن فرص التدريب والتوظيف انخفضت. في المقابل، قال 15 في المائة فقط من أرباب العمل أن لدى خريجي الدراسات عليا مهارات أفضل. 
على مدار العام، عقدت اللجنة الخاصة بمجلة تايمز للتعليم العالي خمسة اجتماعات في مناطق مختلفة من بريطانيا، بالإضافة إلى إسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية. وكانت هناك زيارات لمدارس وكليات وجامعات. كما عمدت إلى دراسة أنظمة التعليم الدولية من خلال رحلات إلى إستونيا وهولندا وفنلندا والولايات المتحدة. وأجرت مقابلات مع خبراء في شنغهاي وسنغافورة لتحديد الدروس التي يمكن تعلمها. ومن المقرّر نشر التقرير النهائي في 16 يونيو/ حزيران المقبل.

المساهمون