الهلال الخيري الدنماركي... جهود إنسانية متواصلة لدعم فلسطين

الهلال الخيري الدنماركي... جهود إنسانية متواصلة لدعم فلسطين

21 ديسمبر 2023
العمل الخيري لدعم غزة في أوجه بالدنمارك (العربي الجديد)
+ الخط -

قبل نحو 20 سنة، وتحديداً عام 2004، تأسست مؤسسة الهلال الخيري الدنماركي كمؤسسة رسمية فلسطينية عربية مسلمة غير ربحية في البلد الأوروبي، وخضعت للقوانين المحلية الخاصة بالجمعيات الأهلية. يقول رئيسها محمد قيس، الذي يعرف باسم "أبو علي قيس"، لـ"العربي الجديد": "من خلال العمل طوال السنوات الماضية كسب الهلال الخيري الدنماركي ثقة المتبرعين والسلطات المعنية بعمل المؤسسات الأهلية. ونحن نعمل لمساندة فلسطين وفلسطينيي المخيمات في لبنان وسورية، علماً أن معظم أبناء الجالية الفلسطينية في الدنمارك عاشوا سنوات في مخيمات لبنان، ويعلمون ضعف الإمكانات فيها بعدما عانوا بأنفسهم على غرار أفراد أسرهم من الأوضاع السيئة، ما يجعلهم يظهرون الكرم في دعم شعبهم". 
ومن الأعمال الثابتة التي ينفذها الهلال الخيري الدنماركي أربعة مشاريع موسمية في المخيمات الفلسطينية سنوياً، تشمل تحديداً مجال الخدمة الاجتماعية والطبابة. كما تؤمن المؤسسة الطاقة الشمسية للعيادات في بعض مخيمات لبنان، وتهتم بكفالة الأيتام ومشاريع تنموية أخرى، إضافة إلى دعم التعليم وإنشاء الآبار، ورعاية الأطفال. 
وسبق أن وصلت مشاريع الهلال الخيري الدنماركي إلى دمشق في عز مرحلة تهجير سكان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين عام 2013. كما شاركت المؤسسة في مساعدة اللاجئين من خلال ما سمي بأزمة اللجوء الكبير عام 2015، وانتقل أفرادها إلى المجر لتخفيف الأوضاع السيئة التي عاشها اللاجئون بسبب التشدد الحكومي في هذا البلد".
ورداً على سؤال عن ثقة المتبرعين بوصول الأموال إلى وجهتها لإنجاح مهمات تنفيذ المشاريع الخيرية، يؤكد قيس أن الهلال الخيري الدنماركي يخضع لقوانين المؤسسات الخيرية أو الأهلية في الدنمارك، ويحرص على إظهار الشفافية المطلقة من خلال نشر الميزانية السنوية على موقعه.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقول: "أكسبتنا الشفافية التي حرصنا على إظهارها في أعمالنا منذ التأسيس ثقة السلطات المعنية بعمل المؤسسات غير الربحية، علماً أنه يجري توثيق جميع المشاريع المنفذة لدى الجهات الرسمية والجهات التي قدمت تبرعات أكانت مؤسسات أو أفراد. ومسألة الثقة بوصول أموال المشاريع التي ينفذها الهلال الخيري الدنماركي إلى مستحقيها يأتي على خلفية إثارة أشخاص تساؤلات حول التشديد على عمل جمعيات خيرية على المستوى الأوروبي، والتشكيك في عدم وصول تبرعات إلى عناوينها". 
ويؤكد قيس أهمية الشفافية، ويشير إلى أن "رقم الحساب المصرفي للمؤسسة في الدنمارك يخضع لمعاملة صارمة، إذ ليس من السهل أن يطلب البنك توضيحاً حول صرف أموال مخصصة للأيتام مثلاً من دون أن يكون ذلك موثقاً. ويضطرالهلال الخيري الدنماركي أحياناً إلى تقديم أدلة تربط بين المتبرعين والمستفيدين، في إجراء يكسر أحياناً رغبة البعض بعدم الظهور سوى كفاعلي خير". ويشدد قيس على أهمية الثقة في المشاريع التي ينفذها الهلال الخيري الدنماركي، "فحين نقوم بمشروع معيّن في مخيم بلبنان مثلاً تعرف الجهات المتبرعة تماماً كلفة التنفيذ والمبالغ المصروفة. وهذه الجهات هي أبناء هذه المخيمات الذين يمارسون مسألة تكافل اجتماعي مع المخيمات انطلاقاً من الدنمارك وأوروبا".

الصورة
محمد قيس رئيس الهلال الخيري الدنماركي (العربي الجديد)
محمد قيس رئيس الهلال الخيري الدنماركي (العربي الجديد)

وفي شأن دعم قطاع غزة، يؤكد قيس أن "الهلال الخيري الدنماركي افتتح مكتباً له في القطاع عام 2009 لمتابعة المشاريع الخيرية وكل أعمالنا وتوجيه المساعدات، والإشراف أيضاً على مسألة توثيق المشاريع. وهو نفذ مشاريع كثيرة في غزة قبل العدوان الأخير بدءاً من 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينها مشاريع لآبار المياه وعيادات طب الأسنان، إلى جانب عدد كبير من برامج كفالة الأيتام التي لا تحصل فقط بمبادرات من فلسطينيين ومسلمين، بل أيضاً من دنماركيين يكفلون أطفالاً شخصياً، ويتواصلون مباشرة مع الأطفال والأسر".
ومنذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة كان الهلال الخيري الدنماركي سبّاقاً إلى إطلاق مشاريع فورية تحت بند عمله الأساسي كجمعية خيرية مسجلة في الدنمارك تستطيع تقديم مساعدات خلال الكوارث والحروب. ويؤكد قيس أن "المؤسسة أطلقت أنشطة محلية لجمع التبرعات لصالح أهلنا في غزة، والتي لاقت تجاوباً كبيراً جداً من الناس في الدنمارك على اختلاف أديانهم وخلفياتهم العرقية. وتستمر هذه التبرعات حالياً بما يفوق المتوقع، ما يشير فعلاً إلى أن التضامن مع أهلنا في غزة أبعد من مجرد التعبير عن العواطف". 

ورغم القصف والدمار في غزة يواصل الهلال الخيري الدنماركي عمله الخيري بالتعاون مع مؤسسات دنماركية وأوروبية، في ظل التحوّلات في الرأي العام المؤيد لفلسطين. ويترجم ذلك من خلال ارتفاع منسوب التبرع ودعم المشاريع، وأيضاً مستوى التنسيق بين المؤسسة وباقي المؤسسات الخيرية. ومع تواصل جهود الهلال الخيري الدنماركي خلال العدوان الحالي على غزة، يلفت قيس إلى أن "أهم ما يجري هو استثمار اندفاع ووعي الجيل الثاني من أبنائنا، فهم يحملون همّ قضيتهم. ويظهر ذلك في كفالة الأيتام في غزة، علماً أننا فوجئنا بأن الرقم الكبير جداً للشبان والشابات الذين يؤدون دوراً له تأثير كبير في المجالين الإعلامي والسياسي، ويبدون في الوقت ذاته حماسة كبيرة لمشاريع دعم أهلنا في غزة. ولعلّ أهم ما استفاد منه العمل الخيري الفلسطيني في أوروبا هو الحماسة والمبادرة التي أظهرها الجيل الجديد في تحمل أعباء قضية شعبه".
ورغم أن الجالية الفلسطينية في الدنمارك لا تتخطى 30 ألفاً، بمن فيهم الأطفال، شهدت شوارع البلد أنشطة كبيرة لدعم غزة خلال الأسابيع الأخيرة، مثل إقامة بازار في قاعة ضخمة صبت مبيعاته في حساب مصرفي خيري واحد لدعم غزة. وخرج في إحدى التظاهرات 66 ألف شخص إلى الشوارع متحدين الأمطار، وهتفوا لحرية فلسطين. 

المساهمون