النازحون السوريون يتحايلون على الحرارة الخانقة

النازحون السوريون يتحايلون على الحرارة الخانقة

05 يونيو 2021
طفل يتلقّى العلاج في مركز طبي بمخيم للنازحين السوريين (محمد بشير الضاهر/ فرانس برس)
+ الخط -

مع حلول فصل الصيف، تصبح درجات الحرارة المرتفعة من أكبر الهموم التي تواجه النازحين في المخيمات السورية. وهم يحتالون على أساليب مواجهتها من أجل التخفيف من تأثيراتها على حياتهم اليومية باستخدام أية وسائل متوافرة، في وقت تزداد وطأتها على الأطفال وكبار السن والذين يعانون من أمراض مزمنة. في مخيم "حربنوش" للنازحين شمال المحافظة.

وصف عبد الله محمد علي صالح، مسؤول المخيم، في حديثه لـ "العربي الجديد"، الوضع في مواجهة معضلة الحرارة المرتفعة بأنه "سيئ جداً جداً. نحن نسكن في خيم عبارة عن شوادر داخلها نوع من البلاستيك أو النايلون، ما يزيد الطين بلة، فإذا كانت درجة الحرارة خارج الخيم 35 درجة مئوية تكون داخلها 40 أو 45 درجة مئوية". وأوضح أن النازحين "لديهم مراوح تعمل بالطاقة الشمسية، لكنها تضخ الهواء الساخن. ولدى الأطفال هناك مخاوف دائماً من تأثيرات ارتفاع درجة الحرارة عليهم، لأن أجسامهم ضعيفة والحر يؤثر عليهم في شكل كبير، وقد يُغمى على بعضهم فجأة، ويحتاجون إلى مراجعة المستشفى فوراً.

ويلجأ البعض إلى شراء المياه الباردة وألواح الثلج لتخفيف درجة الحرارة، ويشمل ذلك كل المخيمات، خصوصاً بعد توقيف عدة منظمات مشاريع توفير المياه، ما أثر بشكل كبير على سكانها. وعلى امتداد الأراضي السورية، يواجه النازحون المعاناة ذاتها وضرورة التأقلم مع ظروف أُجبروا مكرهين منذ سنوات على التعايش معها والتأقلم مع ضغوطاتها وصعوباتها، خصوصاً حرّ الصيف. 

مشكلات لدى الأطفال
في مخيم "الركبان" الذي يقع عند تقاطع الحدود بين سورية والعراق والأردن، ويعتبر إحدى البقع الجغرافية ذات المناخ الصحراوي التي تشهد ارتفاعاً حاداً في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، في ظل انقطاع الكهرباء ومقومات حياة أساسية، امتلك النازحون الذين يناهز عددهم 12 ألفاً طرقاً محدودة للتخلص من حرارة الصيف المزعجة. الناشط الإعلامي عمر الحمصي المقيم في مخيم البركان قال لـ "العربي الجديد" إن "المنطقة التي يوجد فيها المخيم تعد إحدى الأكثر حرارة في سورية، وتشحّ فيها المياه التي تصل إلينا من الأردن. وقد تأقلم سكان المخيم مع درجات الحرارة المرتفعة في ظل مكوثهم في بيوت مصنوعة من الطين ومسقوفة بالخشب، والتي تعطي برودة محدودة، بالإضافة إلى شراء المياه المتوافرة خلال الصيف، لكن ذلك لا يمنع انتشار أمراض كثيرة بسبب الحرارة، خصوصاً لدى الأطفال الذين يُنقل حوالى 25 منهم يومياً إلى المركز الطبي في المخيم بسبب معاناتهم من حالات إسهال وأعراض أخرى مرتبطة بارتفاع درجة الحرارة وموجة الحر". 

الصورة
حياة يومية في مخيم بادلب - فرانس برس
شاب يزاول مهنة الحلاقة قرب خيم في منطقة معرة النعمان بإدلب (عمر حاج قدور/ فرانس برس)

من جهته، يتحدث مدير مخيم "التح" عبد السلام يوسف لـ"العربي الجديد" عن معاناة الأهالي من ارتفاع درجات الحرارة، ويقول: "يضع البعض قطعاً من القماش فوق الخيمة ويرشّها بالماء لتخفيف تداعيات الحرارة، بينما ينشر آخرون الطين خارج الخيم، ويلجأ بعضهم إلى تبريد أجسام الأطفال بالماء كل نصف ساعة، لأن الحرارة لا تحتمل بالنسبة إليهم. كما تغادر بعض العائلات الخيم خلال ساعات الظهيرة، وتلجأ إلى ظل أشجار قريبة". 

المراوح الوسيلة الأكثر تطوراً
تعدّ المراوح إحدى أكثر الطرق المتطورة لتخفيف درجات الحرارة بالنسبة إلى النازحين، في ظل الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، ويجرى تشغيلها على بطاريات تغذّى بألواح الطاقة الشمسية، ما يجعلها ذات فائدة كبيرة. يوضح النازح المقيم في

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

شمالي إدلب عمار أبو أحمد (63 عاماً) لـ"العربي الجديد" أن "المروحة هي الخيار الوحيد المتاح لتخفيف درجة الحرارة، وحين تتجاوز درجة الـ40 مئوية أضع قطعة قماش على رأسي أبللها بقليل من الماء، وهي تخفّف عني الحرّ عند الظهيرة. كما نبلل ملابس الأطفال". يتابع أبو أحمد: "قد يكون المكيّف الصحراوي الذي يعبأ بالماء خياراً أكثر فاعلية من المروحة، لكنه يحتاج إلى كهرباء، وهو أمر غير متاح في المخيم، لذا تعتبر المروحة التي تعمل ببطاريات أفضل الطرق المتاحة لنا حالياً". يقدّم اختصاصي الهندسة البيئية محمد إسماعيل توصيات للنازحين من أجل تخفيف درجات الحرارة.

يقول لـ"العربي الجديد": "غالبية خيام النازحين مصنوعة من قماش مغطّى بطبقة من البلاستيك الرقيق مانع للتسرب، ما يجعل داخل الخيمة مشابهاً لبيوت البلاستيك، حيث يتم حبس الحرارة فترتفع بمعدل أكبر مما هي عليه خارج الخيمة، وكذلك البيوت المسقوفة بشوادر أو ألواح الصفيح". يشرح إسماعيل أنه "يمكن اللجوء إلى طرق تحدّ من درجة الحرارة داخل الخيمة أو البيت المسقوف بالصفيح، من خلال توفير عوازل حرارية، واعتماد التهوية الجيدة للخيمة، أو وضع طبقة عازلة خارجية فوق سقف الخيمة تعلوه بمسافة 40 إلى 50 سنتمتراً، وهذا يقلل من تأثير الحرارة. لكن طبعاً تبقى هذه الحلول مؤقتة ومرهقة للنازح، لكنها تساعد بالحد الأدنى في تلافي المشكلات والأضرار التي قد تنجم عن الارتفاع الحاد في درجات الحرارة. ويبقى العازل الحراري الخيار الأفضل والأنسب". وفي آخر إحصاء له، قدّر فريق منسقي استجابة سورية عدد النازحين بنحو 2.1 مليون في شمالي سورية، بينما قدّر إجمالي عددهم بنحو 4 ملايين في مناطق سيطرة المعارضة. ويسكن في المخيمات نحو 1.4 مليون شخص. 

المساهمون