المغرب: عودة الاحتقان بين النقابات الصحية والحكومة بسبب الأجور

المغرب: عودة الاحتقان بين النقابات الصحية والحكومة بسبب الأجور

19 يناير 2024
يعاني الممرضون في المغرب من ظروف عمل قاسية وسط قلة الموارد والتجهيزات (جلال مرشدي/ الأناضو
+ الخط -

فجّر إعلان مسؤولي وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب بعد اجتماع عقدوه مع النقابات الصحية أول من أمس، زيادة مبلغ 800 درهم (80 دولاراً) على أجور الممرضين والعاملين التقنيين في مجال الصحة، غضب النقابات التي رفضت العرض الحكومي وقررت اتخاذ خطوات تصعيدية.
وأعلن القطاع النقابي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل تنفيذ إضراب وطني يترافق مع وقفات احتجاج، كما دعت "حركة الممرضين وتقنيي الصحة" إلى المشاركة الواسعة في احتجاج أمام مقر وزارة الصحة.
وستنظم "النقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة" احتجاجاً، غداً السبت، وإضراباً وطنياً الأربعاء والخميس المقبلين يترافق مع مسيرة تنطلق الخميس المقبل من مقر وزارة الصحة إلى مقر البرلمان. كما قررت النقابة تنفيذ إضراب لمدة ثلاثة أيام بدءاً من 30 يناير/ كانون الثاني الجاري، وتنظيم مسيرة احتجاج، فيما لم تعلّق وزارة الصحة على مواقف النقابات ودعوات الاحتجاج والإضراب.

ويصف الكاتب الوطني لـ"النقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة" مصطفى جعا عرض الحكومة بأنه "هزيل وغير مقبول"، وأيضاً بأنه "كارثي ويشكل إهانة للممرضين". ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "بعدما أجرت النقابة باعتبارها الأكثر تمثيلاً في قطاع الصحة جولات حوار طويلة مع المسؤولين الحكوميين، وتوصلت في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى اتفاق ينص على زيادة أجور مهنيي الصحة، خاصة الممرضين، والذي أعقبه تعهد الحكومة بتصحيح وضع الممرضين وإنصافهم، فوجئنا بتقديم عرض كارثي هزيل وغير مقبول يمكن القول إنه يصل الى حدّ احتقار وإهانة الممرضين، علماً أننا كنا نتوقع صدور قرارات مقنعة ومنصفة". 
ويشدد على أن "ما أعلن لا يحل أي إشكال خاصة على صعيد الظلم الذي لحق بالممرضين في اتفاق فبراير/ شباط 2022 حين لم يستفيدوا من أي زيادة، كما لم تستجب الحكومة في قرارها الحالي لطلب زيادة 3000 درهم (300 دولار) على الأجر الثابت، لذا قررنا رفض عرض الحكومة بالكامل، وتحميل وزارة الصحة المسؤولية عن الإضرابات التالية والاحتجاجات التي ستنفذ. لقد آمنا بفعّالية الحوار في تحقيق النتائج العادلة المنشودة، وتعلقنا بالوعود الحكومية التي أطلقت لكننا نجد أنفسنا الآن مرغمين على الاحتجاج وممارسة كل أشكال النضال المتاحة استناداً إلى القانون".

الصورة
من احتجاجات العاملين الصحيين في المغرب عام 2017 (جلال مرشدي/ الأناضول)
من احتجاجات العاملين الصحيين في المغرب عام 2017 (جلال مرشدي/ الأناضول)

ولا يتجاوز عدد الممرضين في المغرب 34 ألفاً، منهم 29 ألفاً في القطاع الحكومي، في حين تحتاج البلاد إلى 65 ألف ممرض وعامل صحي لتلبية الحدّ الأدنى من المعايير الدولية. ويزيد الوضع سوءاً ارتفاع عدد المتقاعدين وطلبات الاستقالة والترك القسري للوظيفة، وأيضاً هجرة الكفاءات، علماً أن السنوات الأخيرة شهدت ضعفاً في الإقبال على المناصب المفتوحة في القطاع الصحي.
وكان تقرير سابق أصدرته "النقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة" قد أورد أن "الأطر التمريضية تعاني من تدني الأجور، إذ لا يتجاوز ما يحصل عليه ممرض يحمل إجازة 6200 درهم (620 دولاراً)، وهو الأجر نفسه الذي يتقاضاه ممرضون قضوا أكثر من 30 عاماً في العمل في الجبال والقرى، وساهموا في محاربة أوبئة عدة، علماً أن أجر ممرض في دول الاستقطاب يتجاوز 70 ألف دولار سنوياً في مقابل 8000 دولار سنوياً في المغرب، أي أكثر بنحو 6 أضعاف".
وأشار التقرير أيضاً إلى أن "معاناة الممرضين في المغرب لا تقتصر على الأجور، بل تشمل أيضاً التعويضات التي لا تتجاوز 1400 درهم (140 دولاراً) شهرياً عن الأخطار المهنية، في مقابل 5900 درهم (590 دولاراً) شهرياً بالنسبة إلى الطبيب".
وأشار التقرير إلى أن "الممرضين يعانون من ظروف عمل قاسية وسط قلة الموارد والتجهيزات، ما يعمّق أزمة هجرة الأطر التمريضية المرتبطة بسوء تسيير أعمال القطاع واعتماد الضغط في العمل وصولاً إلى مرحلة الاحتراق المهني، والممرضون يدفعون ثمن سوء التدبير ويتعرضون لكل أساليب الاعتداء والإهانة".

وكان نقابيون قد اتهموا وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بأنها "تقف اليوم مكتوفة الأيدي أمام هجرة الأطر التمريضية وتقنيي الصحة إلى الخارج"، وأشاروا إلى أن "أسباباً عدة تقف وراء نزيف الأطر الصحية، على رأسها غياب الحوافز وضعف الأجور، ووجود نمط للترقي محدد بدرجتين فقط، ما يضطر الممرض إلى البقاء 14 عاماً في الدرجة نفسها بخلاف باقي الفئات في الوظائف العامة التي تملك بين 3 أو 4 درجات ترقٍ".

المساهمون