الليبيون يستعيدون عادات العيد بأمان ووفرة

الليبيون يستعيدون عادات العيد بأمان ووفرة

22 ابريل 2023
ازدحمت الأسواق استعداداً للعيد في ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

للعام الثالث على التوالي، يسترجع الليبيون العديد من عادات الاحتفال بعيد الفطر مع توقف الحروب في منتصف عام 2020، وتراجع الكثير من تأثيراتها السلبية عبر عودة نازحين إلى منازلهم، وإطلاق سراح عشرات من المحتجزين والأسرى. وتكشف هذه المظاهر إصرار المواطنين على التمسك بعادات وتقاليد العيد.
في العادة تبدأ استعدادات الاحتفال بالعيد قبل أسبوعين على الأقل من حلوله، ما يجعل الأسواق تكتظ بالناس لشراء ملابس العيد والحلويات. وقد عزز الاستقرار النسبي للأسعار وتوفر السيولة هذه الأجواء خلال السنوات الأخيرة، بحسب ما يرى  الأمين التير، الذي يسكن في العاصمة طرابلس، وقرر اصطحاب أسرته الصغيرة التي تضم زوجته وطفليه لشراء ملابس العيد من سوق أبو سليم، وسط العاصمة.
يقول التير لـ"العربي الجديد": "بدأ الإقبال على الأسواق في منتصف شهر رمضان، علماً أن بين الظواهر الجديدة اللافتة المرتبطة بخيارات ملابس العيد شراء الناس أزياء تقليدية للأطفال والشبان الأكبر سناً، في مقابل تراجع الطلب على باقي الملابس، وهو ما ظل شائعاً طوال عقود ماضية. وشجّع ذلك مصانع الأزياء في ليبيا على توفير أصناف ومقاسات أزياء تقليدية لكل الأعمار. وأنا أرى أن هذا التغيير إيجابي لأنه يدعم استمرار الشبان في التعلّق بهويتهم الوطنية، ويعطي العيد طابعاً ومظهراً خاصاً من خلال الحرص الشديد على ارتداء الملابس التقليدية لإحياء العيد". يضيف: "اشتريت لطفلي تحديداً لباساً تقليدياً تضمن كاط وشنة وجلابية"، وهي عناصر اللباس التقليدي لدى الذكور.
وفيما تتحدث زوجة التير عن أن أسراً قليلة ما زالت تحافظ على عادة صنع حلويات العيد في المنازل، تشير إلى أن هذه العادة بدأت تتراجع، وتقول لـ"العربي الجديد": "حالياً تشتري غالبية الأسر حلويات العيد جاهزة من محلات الحلويات التي توفر أصنافاً خاصة كثيرة في الأسبوع الأخير من شهر رمضان".

وتذكر أن "البنات كن يجتمعن عادة مع أمهاتهن طوال ليالٍ عدة قبل حلول العيد من أجل إعداد أصناف حلويات الكعك والمقروض والغريبة، ثم بات هذا الأمر من الماضي واختفى بالنسبة إلى أسر كثيرة اليوم بعدما باتت المحلات توفر هذه الأصناف لكن مع ملاحظة وجود اختلاف كبير في مذاقها مقارنة بما كانت تصنعه الأمهات والبنات، وأيضاً غياب الأجواء المليئة بالفرح التي ترافق هذا النشاط المميّز في العيد".

الصورة
تترافق أيام العيد في ليبيا مع إجازات عمل (حازم تركية/ الأناضول)
تترافق أيام العيد في ليبيا مع إجازات عمل (حازم تركية/ الأناضول)

وتشترك غالبية مدن ليبيا في بداية الاحتفال بعيد الفطر بالإفطار على العصيدة المصنوعة من دقيق وماء وعسل، ثم يذهب الرجال برفقة أطفالهم لأداء صلوات العيد في المساجد.
وتشمل العادات المصاحبة للصلاة التجمّع أمام المساجد وفي الطرقات أثناء الرجوع إلى المنازل لتبادل المعايدة، وهي تتشابه في غالبية المناطق الليبية، لكن محمد غبيق، إمام مسجد بمدينة ترهونة، جنوب شرقي العاصمة طرابلس، يلفت في حديثه لـ"العربي الجديد"، الى أن بعض المدن أضافت ميّزات جديدة إلى يوم العيد، بينها دعوة البلديات في بعض المناطق والمدن إلى أداء الصلاة في الميادين العامة من دون أن تشترط الصلاة في المساجد، ما يمنح المناسبة زخماً أكبر".
وعن باقي عادات عيد الفطر، يقول غبيق: "يحتفل الشبان وأسرهم بالعيد في بيت الأب، في عادة ما زال مجتمعنا يحافظ عليها، ما يفرض أخذ العديد من الشبان إجازات عمل للسفر إلى الأرياف من أجل قضاء العيد في بيوت الآباء". يضيف: "يستمر تبادل الزيارات في اليوم الثاني للعيد الذي يُخصص لزيارة الأصهار. ويصطحب الشبان عادة زوجاتهم إلى أهاليهن من أجل معايدتهم. واليوم الأول تحديداً خاص بزيارة الأطفال للأجداد من جهة الأب، والثاني زيارة الأطفال للأجداد من جهة الأم".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويشير إلى أن "الجانب الأهم للعيد بالنسبة للأطفال خلال العقود الماضية كان المرح واللعب، ثم بات التسوّق من أجل شراء ألعاب لهم فقرة أساسية في السنوات الأخيرة"، لكنه يبدي في الوقت نفسه استياءه من غياب الكثير من مظاهر الفرح والعادات، "فأطفالنا يتلهون حالياً، حتى في يوم العيد، بالألعاب الإلكترونية التي توفرها الهواتف الخليوية، وأصبح معظمهم يمضون أوقاتاً طويلة في عزلة بعضهم عن البعض".
أما ساسي البريكي، الذي يعمل موظفاً في العاصمة طرابلس، فيجد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "تمضية العيد في الأرياف تمنح أسرته الكثير من الراحة، خصوصاً أن المناطق النائية البعيدة عن المدن الكبيرة ما زالت تحافظ على عادات العيد"، وهو يستعد للسفر إلى مسقط رأسه في منطقة العربان البعيدة عن طرابلس غرباً لقضاء أيام العيد برفقة والدته ووالده وباقي إخوته، ويقول لـ"العربي الجديد": "أقصد منطقتي في كل عيد، وأسافر في كل المناسبات من العاصمة طرابلس حيث أقيم بسبب وظيفتي الحكومية، وهو ما يفعله أيضاً الكثير من أصحاب الوظائف الحكومية".

المساهمون