القدس تسترد أنفاسها في شهر رمضان

القدس تسترد أنفاسها في شهر رمضان

16 ابريل 2021
حواجز لجيش الاحتلال تدقق بهويات الزوار (مصطفى الخروف / Getty)
+ الخط -

تستعيد القدس القديمة والمسجد الأقصى أنفاسهما مع حلول شهر رمضان، بعد سنة قاتمة على تجار ورواد المدينة، نتيجة الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا، إضافة إلى الاقتحامات المتكررة لجيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه لباحات المسجد الأقصى، والتي ترافقت مع قيود مشددة تمنع الفلسطينيين من دخول البلدة القديمة.
وكان المسجد الأقصى قد ازدحم قبيل بدء شهر رمضان بآلاف الوافدين إليه، من مختلف مدن فلسطين المحتلة عام 1948، إذ احتفلت دائرة الأوقاف الإسلامية بمشاركة متطوعين بغسل قبة صخرته الذهبية، واستقبلت ساحاته عشرات الآلاف من المصلين الذين يحيون ليالي هذا الشهر بصلاة التراويح وصلوات يوم الجمعة.
وأكد مدير أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب أنّ لجاناً عدة تعمل على ضمان أمن المصلين، وحفظ النظام في الساحات، مثل لجان الصحة ولجان النظام والشؤون الدينية، والنظافة والحراسة. ودعا الخطيب عبر "العربي الجديد" جميع المواطنين إلى تلقي  لقاح كورونا، مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي والتعقيم المستمر حفاظاً على السلامة العامة. وتقتصر الوجبات التي ستُقدم للصائمين على التمر والماء هذا العام بسبب جائحة كورونا، بعدما كانت تُوزع وجبات إفطار كاملة من الأطباق الرئيسية وغيرها، خلال السنوات الماضية.
وكانت أسواق المدينة القديمة، كأسواق القطانين والعطارين وخان الزيت، قد ازدحمت بالزوار ومعظمهم من فلسطينيي عام 1948، الذين وصلوا لحضور فعالية معسكر "القدس أولاً"، الذي تقيمه الحركة الإسلامية، دعماً لتجار المدينة المقدسة، وتأكيداً على ارتباطهم وتواصلهم الدائم مع المسجد الأقصى، بحسب محمد القريناوي من مدينة بئر السبع.

واتجه القريناوي مع أفراد عائلته، إلى الأسواق القديمة، بهدف التبضع لشهر رمضان من محال الألبان والصعتر والحلويات، والمخللات المتنوعة، التي يتميز بها تجار سوق خان الزيت، أشهر أسواق البلدة القديمة المتفرع إلى شارع الواد ومنه إلى المسجد الأقصى.
وعبّر الشيخ أمين النابلسي، الذي يدير كشك فلافل للعائلة، عن أمله بأنّ تظل القدس عامرة بروادها ومحبيها، آملاً أنّ يساعد زوار الأسواق خلال رمضان، في التخفيف من تأثير الإغلاقات المتكررة على مدى عام ونصف العام بسبب جائحة كورونا.
وليس ببعيد عن مطعم النابلسي، وجه التاجر فرج وزوز، وهو صاحب محل للألبسة التراثية نداءً إلى جميع الفلسطينيين من فلسطينيي عام 1948 والضفة الغربية، عبر "العربي الجديد"، طالباً منهم زيارة القدس القديمة وأسواقها دعماً لتجارها ومواطنيها وللتأكيد على تمسكهم بمدينتهم.

الصورة
رمضان في القدس 1 (العربي الجديد)
(العربي الجديد)

وقال وزوز لـ"العربي الجديد" : "هذا رمضان الخير، ونأمل من زوارنا وشعوب أمتنا العربية والإسلامية زيارة القدس ليس من بوابة التطبيع مع الاحتلال، بل من بوابة زيارة السجين، فالمقدسيون اليوم بأشد الحاجة لمن يدعمهم ويؤازرهم".
وعلى وقع الأناشيد والتواشيح الدينية التي تبثها المحال في شارع الواد، أقبل كثيرون على شراء ملابس الصلاة الخاصة بالنساء، بينما ارتدت العشرات من الفتيات والنسوة الكوفية السوداء، في وقت وقفت مجموعات من جنود الاحتلال ومجنداته لمراقبتهن. ويقوم عناصر من شرطة الاحتلال بإيقاف شبان وفتيات عند مدخل سوق القطانين المؤدي إلى داخل ساحات الأقصى للتدقيق في هوياتهم.

الصورة
رمضان في القدس 2 (العربي الجديد)
(العربي الجديد)

كل تلك الأنشطة، تزامنت مع فعاليات مهرجان التسوق "على البلد يلا" التي تنظمها مؤسسات مقدسية ومنها وقفية القدس، إذ نظمت فعالية للسيرك يوم الأحد الماضي، عند مدخل سوق القطانين، ومن بعدها قامت مجموعة من الموشحين بعرض موسيقي انطلق من شارع الواد وصولاً إلى باب العمود للاحتفال بشهر رمضان.
من جهته، قال منسق هذه الفعاليات، مؤمن شبانة لـ"العربي الجديد": "إنّ الهدف من تلك الفعاليات هو تنشيط الحركة التجارية في البلدة القديمة ودعم التجار فيها"، آملاً أن تساهم تلك الانشطة بجذب الزوار.

وقال التاجر أحمد دنديس صاحب محل للملابس، وأحد المساهمين في فعاليات مهرجان التسوق "على البلد يلا"، لـ"العربي الجديد": "إنّ الأيام الأخيرة شهدت انتعاشاً مهماً في حركة التسوق داخل أسواق البلدة القديمة من القدس"، داعياً "كل أبناء الشعب الفلسطيني لزيارة القدس وليس فقط في أيام الشهر الفضيل، والتسوق من التجار".

الصورة
رمضان في القدس 3 (العربي الجديد)
(العربي الجديد)

واعتبر دنديس أنّ تسوق الزوار "يدعم وجودنا كتجار، ويقويه بعد معاناة على مدى عام ونصف العام"، مضيفاً: "القدس تسترد أنفاسها، وتستعيد جزءاً من عافيتها بهذا التواجد الكبير للمواطنين. المحلات هنا عامرة، وتجارنا ينتظرون بفارغ الصبر أنّ يحل عليهم شهر رمضان ليستردوا أنفاسهم".

المساهمون