الفلسطينية أنهار الديك تخشى الولادة في السجن

الفلسطينية أنهار الديك تخشى الولادة في السجن

30 اغسطس 2021
أنهار الديك مع عائلتها (العربي الجديد)
+ الخط -

"اشتقت لجوليا بشكل مش طبيعي (كبير)، قلبي واجعني (يؤلمني) عليها ونفسي أحضنها (أتمنى أن أعانقها) وأضمها لقلبي. الوجع إلي (الذي) في قلبي لا يمكن أن يكتب في سطور. شو أعمل إذا ولدت (أنجبت) بعيد عنكم وتكلبشت (تم تكبيل يدي) وأنا أولد وإنتوا عارفين شو الولادة القيصرية برا (خارج السجن)! كيف بالسجن وأنا مكلبشة لحالي". هذا ما قالته الأسيرة الفلسطينية أنهار الديك (25 عاماً)، المتحدرة من قرية كفر نعمة غرب رام الله وسط الضفة الغربية، في رسالة إلى عائلتها وهي على وشك أن تلد أصغر أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي والعالم، لكونها تقبع في سجن الدامون على سفوح الكرمل الفلسطيني. يصعب عليها تصديق أنها على موعد مع موقف يكاد يكون الأصعب في حياتها، هي التي ستلد طفل داخل زنزانة. 
اعتقلت أنهار في اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس/ آذار 2021، حين ادعت قوات الاحتلال أنها حاولت تنفيذ هجومٍ على مستوطنة قريبة من جبل الريسان، غرب رام الله. ومنذ ذلك الوقت، تُحاكم بهذه التهمة من دون تحديد سقف زمني للاعتقال. حين اعتقلت، كانت تعاني من اكتئاب ما بعد ولادة ابنتها جوليا (عام ونصف عام)، علماً أن الاحتلال لم يسمح لها برؤية طفلتها منذ اعتقالها، كما يؤكد زوج الأسيرة ثائر الحجة لـ "العربي الجديد".

الصورة
حملة تضامن مع أنهار الديك (من العائلة)
(العربي الجديد)

ويقول: "تواجه أنهار صعوبات في أثناء الحمل على غرار نساء كثيرات. إلا أن ظروف اعتقالها زادت من تلك الصعوبات، وخصوصاً أنها تنام على البرش (سرير)، وتحتاج إلى عملية قيصرية للولادة. ولم يسمح الاحتلال لي بزيارة زوجتي الحامل في شهرها التاسع إلا مرة واحدة استمرت أربعين دقيقة فقط، كنت أحاول من خلالها التخفيف عن أنهار التي تعاني قلقاً شديداً من احتمال ولادتها في السجن".

ما يتحدث عنه الحجة تؤكده أنهار في رسالتها التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. إذ تقول: "آخ يا رب طمعانة في رحمتك، أنا كثير تعبانة وصابتني آلام حادة في الحوض ووجع قوي في إجري (قدمي) نتيجة النوم على البرش. مش عارفة (لا أعرف) كيف بدي أنام عليه بعد العملية؟ وكيف بدي أخطو خطواتي (أمشي) الأولى بعد العملية؟ وكيف السجانة تمسك إيدي باشمئزاز؟".
كان يفترض أن تلد أنهار داخل غرفة مجهزة ومعقمة في أحد المستشفيات المتخصصة، إلا أن الاحتلال سيفرض عليها الولادة في الزنزانة، من دون حقيبة ولادة ومساندة الأهل والأقارب. وتقول والدتها عائشة الديك لـ "العربي الجديد": "لا أعرف ماذا أفعل. أرسلت لي أنهار رسالة تقول فيها إنها إذا ولدت في السجن، سيضعونها في زنزانة هي والطفل وحدهما، ليتم تحويلها إلى الإقامة الجبرية في منزلي بدل السجن. والله لم أستطع أن أنام طوال الليل، رسالة ابنتي آلمتني كثيراً".

الصورة
حملة تضامن مع أنهار الديك (من العائلة)
(العربي الجديد)

لم تشترِ الجدة عائشة لحفيدها أية ملابس أو حاجيات، إذ رفضت إدارة سجون الاحتلال إدخال مستلزمات الولادة للأسيرة المحتملة ولادتها في أي لحظة. تضيف: "لم يسمحوا لي أن أدخل أي شيء إلى ابنتي. أوصي الجميع بالدعاء لها بأن يمنّ الله عليها بالإفراج لتلد في منزلها".
وتتّجه أنظار الفلسطينيين إلى تاريخ العشرين من سبتمبر/ أيلول المقبل، وهو آخر موعد طبي لولادة أصغر أسير فلسطيني. وتحاول الجهات الفلسطينية المعنية بحقوق الأسرى إخراجها من السجن قبل هذا التاريخ. في هذا السياق، تؤكّد محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين حنان الخطيب، لـ "العربي الجديد"، أنّ أنهار تشعر بخوف شديد في حال ولادتها داخل سجون الاحتلال بعيداً عن زوجها وابنتها وعائلتها، وأنها تواصل البكاء مع كل زيارة للمحامين، ما دفعهم إلى الضغط بكل الوسائل للحصول على قرار بالإفراج عن أنهار لتضع مولودها خارج سجون الاحتلال.

الصورة
حملة تضامن مع أنهار الديك (من العائلة)
(العربي الجديد)

وتقول الخطيب لـ "العربي الجديد": "نسعى لإحداث ضغط قانوني وإعلامي للإفراج عن أنهار أو حتى تتمكن على الأقل من الولادة خارج السجن، وخصوصاً أن السجن غير مؤهل بالمرة لولادة طفل، ونحن لا نعوّل على القضاء الإسرائيلي، فللقضاة خلفيات عسكرية". تتابع الخطيب: "سألت أنهار عن قرارها عند الولادة داخل السجن إذا ما سترضى ببقاء ابنها معها في السجون، أو الإفراج عنه إلى حين الولادة وتبقى قيد الاعتقال، فأكدت أنها ستُبقي طفلها الذي تنوي تسميته علاء معها داخل السجن. وبحكم قانون الطوارئ العسكري الإسرائيلي الذي يطبقه الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين أيضاً، يُسمح ببقاء الطفل مع والدته الأسيرة حتى عامين إذا كانت مُرضعة".

وتتوعد سلطات الاحتلال في السجون بعزل أنهار ومولودها إلى مصير مجهول، في الوقت الذي يجب أن توفر لها كل مقومات الراحة. وتوضح: "ربما يريدون وضعي في العزل مع إبني، ويا خوفي عليه من كورونا. لا أعرف كيف سأتمكن من الاعتناء به وحمايته من أصواتهم المخيفة. مهما كانت أمه قوية، قد تضعف".
يُذكر أن ثماني فلسطينيات أنجبن في سجون الاحتلال، أقدمهن ماجدة السلايمة من مدينة القدس التي وضعت مولودها في سجن تلموند عام 1978، وتحررت في عام 1985، وفاطمة الزق من قطاع غزة التي أنجبت طفلها عام 2007، وبقي معها قيد الاعتقال حتى الإفراج عنهما بعد عامين.

الصورة
حملة تضامن مع أنهار الديك (من العائلة)
(العربي الجديد)

المساهمون