الفساد ينخر مساعدات النازحين في العراق

الفساد ينخر مساعدات النازحين في العراق

20 اغسطس 2023
يحصل النازحون العراقيون بالكاد على أغذية وخدمات (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

لا تتوقف معاناة مئات آلاف النازحين العراقيين عند مسألة استمرار وجودهم خارج مناطقهم وبلداتهم بعد أكثر من 6 سنوات على انتهاء المعارك، وذلك بسبب أجندات سياسية ورغبات فصائل مسلحة منعت عودتهم، وأيضاً بسبب الفساد الذي يمنع وصول الكثير من المساعدات والخدمات المفترضة إليهم، سواء تلك التي تقدمها وزارة الهجرة، أو منظمات محلية ودولية.

ويُقيم بعض النازحين من المناطق التي تسيطر عليها مليشيات مسلحة حليفة لإيران، مثل جرف الصخر والعوجة والعويسات وعزيز بلد ومناطق في شمال شرقي ديالى، في مخيمات تقع جنوب غربيّ الانبار، بينما توجد مخيمات أخرى أكبر في إقليم كردستان العراق (شمال). أما العدد الأكبر من النازحين، فيقطنون في مجمعات ومناطق عشوائية، ويتدبرون أوضاعهم من خلال العمل في مجالات مختلفة.

ويعتبر مخيم "بزيبز" الذي يقع جنوب غربيّ الأنبار قرب مدينة الفلوجة، أحد المخيمات التي تتجنب وزارة الهجرة فتح ملفاتها، لكون سكانه من نازحي منطقة جرف الصخر التي تسيطر عليها مليشيا "كتائب حزب الله" وفصائل مسلحة أخرى.

وقال أحد مسؤولي المخيم لـ"العربي الجديد": "لم يزر المكان أي طبيب منذ أشهر، والأمراض تفتك بالناس، خصوصاً النساء والأطفال، أما المساعدات فشبه معدومة، وإن وصلت لا يحصل عليها إلا ربع السكان، والخيام مهترئة، ولم تستبدل منذ أكثر من عامين".

وصرّح عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، علي البياتي، لـ"العربي الجديد"، بأن "الأرقام المتوافرة تفيد بوجود أكثر من مليون و180 ألف نازح في عموم العراق، بينهم 700 ألف في إقليم كردستان، وانتشار الباقين في أكثر من 10 محافظات، خصوصاً نينوى والأنبار".

أما زميله في المفوضية أنس العزاوي، فقال لـ"العربي الجديد": "تقدّر المخصصات المالية للنازحين بـ 50 مليار دينار عراقي (نحو 33 مليون دولار)، وتستهدف توفير مواد السلة الغذائية للنازحين. لكن هذه المواد قليلة جداً، وتوزعها وزارة الهجرة والمهجرين ومنظمات محلية ودولية على فترات متباعدة، علماً أن أحد مقيمي المخيمات حصل على حصة غذائية ذات نوعية رديئة "بعد انقطاع نحو ستة أشهر".

وأشار إلى أن ميزانية السلة الغذائية تتعرّض لفساد وهدر، فهي تكلّف 6 دولارات، لكن وزارة التجارة تشتريها بـ 9 دولارات.

وكانت المتحدثة باسم كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي فيان دخيل، قد قالت لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "ملفات الفساد تشمل السلة الغذائية وأوضاع مخيمات النازحين، والمنح المالية المخصصة لهم، ونملك تقارير من ديوان الرقابة المالية في شأن ملفات الفساد". وأعلنت فيان جمع أكثر من 50 توقيعاً من نواب أيدوا استجواب وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو في المسألة.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

 وقال محمد علي، النازح الذي يُقيم في مخيم "بزيبز": "نعيش ظروفاً مأساوية داخل المخيم، ونفتقر إلى أبسط الاحتياجات اليومية، وبينها طحين الخبز. ونحن نحصل بالكاد على غذاء، أما العلاج الطبي للأمراض فرفاهية لا نستطيع الحصول عليها".

كذلك اشتكى محمد من قلة المساعدات التي تقدمها الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية، لذا ناشد المنظمات المحلية والدولية إغاثة النازحين بسرعة.

والأسبوع الماضي، تراجعت وزارة الهجرة عن إعلان أصدره أحد مسؤوليها في شأن إغلاق ملف النزوح الشهر المقبل، وقالت في بيان: "فُهم الإعلان في شكل غير دقيق". لكن الناشطة المدنية رقية طلعت لفتت إلى أن "قرار وزارة الهجرة والمهجرين إغلاق المخيمات أثّر سلباً في بعض المخيمات التي انقطعت عنها المساعدات الطبية والإنسانية التي كانت تزودهم بها منظمات دولية ومحلية، باعتبار أن الملف أغلق".

وتابعت في حديثها مع "العربي الجديد": "عندما كانت المخيمات كثيرة، كانت المنظمات تتوافد إليها يومياً لتقديم مساعدات إنسانية. أما الآن، فانقطعت المساعدات مع عودة عائلات كثيرة إلى مناطقها". 

وفي 22 يونيو/ حزيران الماضي، أقرّ البرلمان بوجود أجندات سياسية وإقليمية تمنع عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، وتحدثت عن "تقليص عوامل سياسية قدرة الحكومة على حسم الملف، رغم أنها قادرة على فعل ذلك، ما يفاقم معاناة الكثير من العائلات العراقية النازحة".

المساهمون