الصين: حماسة ضعيفة إزاء السماح بطفل ثالث

الصين: حماسة ضعيفة بين الأزواج إزاء السماح بطفل ثالث

03 يونيو 2021
تبدو لكثيرين فكرة إنجاب طفل أو حتى الزواج ضرباً من الخيال (نويل سيليس/فرانس برس)
+ الخط -

لا يبدي معظم الشباب الصينيين حماسة لإنجاب ثلاثة أطفال رغم سماح السلطات بذلك سعياً منها إلى مواجهة شيخوخة السكان، إذ يفتقر كثر منهم إلى الإمكانات المالية اللازمة لإعالتهم، أو إلى الوقت بسبب انشغالهم بعملهم، أو حتى يفضل بعضهم البقاء من دون أولاد.

اعتباراً من سبعينيات القرن العشرين، فرضت سياسة تحديد النسل على مدى عقود على الأزواج الصينيين الاكتفاء بإنجاب طفل واحد، مع بعض الاستثناءات لأفراد الأقليات الإثنية وسكان الأرياف.

لكن في مواجهة ازدياد معدلات تشيّخ السكان، بدأت القيود تُرفع تدريجياً. وبات الحزب الشيوعي الحاكم يسمح منذ الإثنين للأزواج بإنجاب ما يصل إلى ثلاثة أطفال، بعد أسابيع من نتائج مقلقة خلص إليها أحدث مسح سكاني تجريه الصين كل عقد.

بين القطارات الكهربائية والدببة القماشية، يتنقل فتيان صغيران بين رفوف متجر للألعاب في بكين فيما يتناقش والداهما في القواعد الجديدة التي أعلنت عنها بكين والتي تثير تعليقات ساخرة كثيرة عبر الشبكات الاجتماعية.

ويقول الوالد الشاب يانغ شنغيي: "ليس لدينا ما يكفي من المال لتربية الأطفال كما أن بيتنا ضيق، لذا لا سبب يدفعنا لإنجاب طفل ثالث". ويتباين وضع يانغ وزوجته أصلاً مع حال أكثرية الأزواج في بلد الطفل الوحيد حيث لم تسمح السلطات للأزواج بإنجاب طفل ثانٍ سوى اعتباراً من 2016، من دون أن يساعد ذلك في رفع معدل الولادات.

ويوضح الأب البالغ 29 عاماً: "عند ولادة طفلنا الثاني، بات علينا أن نقسم كل شيء على اثنين. بعدما كنا قادرين على العطاء بنسبة 100%، أصبح علينا تقليص النسبة إلى 50 %".

تخفيف القواعد لا يكفي

ولكثير من المواطنين، تبدو فكرة إنجاب طفل أو حتى الزواج ضرباً من الخيال، إذ تفرض الحياة المعاصرة عليهم تمضية ساعات طويلة في العمل أو التنقل وسط غلاء كبير في أسعار السكن ومستلزمات تربية الأطفال. ويشكل ذلك تغييراً جذرياً في بلد تُلقى على عاتق أبنائه تقليدياً مسؤولية الحفاظ على نسل أسلافهم.

غير أنّ الشباب اليوم "لا يأبهون بتوريث اسم العائلة، وما يهم لديهم هو جودة الحياة" وفق الطالبة يان جياتشي البالغة 22 عاماً. وتقول: "نساء كثيرات في محيطي يرفضن فكرة إنجاب حتى طفل واحد، فكم بالحري مع ثلاثة أطفال".

وتكمن المشكلة في أنّ سياسة الطفل الوحيد عوّدت الأهل الصينيين على تكريس وقتهم بالكامل لولدهم، مع التفرغ لتعليمه ونشاطاته المختلفة بغية مساعدته على توفير فرص النجاح منذ الصغر. والضغط كبير على الأهل؛ إذ يتعين عليهم، وهم أيضاً أبناء وحيدون في عائلاتهم، الاهتمام بأهلهم المسنين من دون الاعتماد على أشقاء أو أقارب.

وتقول شابة في شنغهاي: "الشباب يواجهون ضغوطاً قوية. ليس لديهم الوقت الكافي للاهتمام بأطفالهم بسبب العمل، وإذا أرادوا التفرغ لتربية الأطفال، فسيتعين عليهم ترك وظائفهم".

وفي شركات التكنولوجيا، من غير النادر الاضطرار للعمل ستة أيام أسبوعياً من التاسعة صباحاً حتى التاسعة ليلاً، في نظام يسمى اختصاراً "996" يثير انتقادات في الإعلام لكنه يلقى تأييد بعض رؤساء الشركات.

وفيما تراجع معدل الخصوبة إلى 1,3 طفل لكل امرأة في سن الإنجاب، وهو أقل بكثير من معدل الإحلال (مستوى الخصوبة المطلوبة لبلوغ جيل جديد يوازي بعدد أفراده الجيل السابق)، وعد النظام الشيوعي بتدابير في التربية والصحة لتشجيع العائلات على زيادة عدد أفرادها. لكنه لم يعط تفاصيل عن ذلك.

ويقول الخبير في علم السكان بجامعة ويسكونسن-ماديسن الأميركية يي فوشيان، إنّ تليين القواعد وحده لا يكفي، إذا أرادت الحكومة الصينية حقاً إعادة تحفيز الولادات وتمويل الأنظمة التقاعدية.

ويوضح أن "إنجاب طفل واحد أو حتى عدم الإنجاب بات القاعدة في الصين"، وبالتالي فإنّ قرار السماح بطفل ثالث "أتى متأخراً" ولا أمل لدى الصين سوى باستنساخ السياسة اليابانية القائمة على توفير "خدمات الصحة والتعليم بالمجان وتقديم مخصصات للسكن للأزواج الشباب.

(فرانس برس)

المساهمون