الشهيد الفلسطيني مجاهد النجار.. البارودة سلوادية

الشهيد الفلسطيني مجاهد النجار.. البارودة سلوادية

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
12 ديسمبر 2022
+ الخط -

توجّه محمود حامد (النجار)، والد الشهيد الفلسطيني مجاهد النجار (32 عاماً)، عقب الإفراج عنه وعن ابنه خالد من سجون الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الأحد، مباشرة إلى مقبرة شهداء بلدة سلواد الواقعة شمال شرقي رام الله وسط الضفة الغربية، حيث يرقد مجاهد الذي حرمته قوات الاحتلال من وداعه؛ إذ اعتقلته وابنه خالد فجر الخميس الماضي، بعد يوم من استشهاد مجاهد وفي يوم تشييعه نفسه. وراح الوالد يدعو لابنه في مشهد مؤثّر، قائلاً "اللهمّ إنّي رضيت عن ابني مجاهد فارضَ عنه".

أمّا والدة الشهيد مجاهد، فقد توجّهت إلى قبره، يوم الخميس الماضي، منفّذة رغبة والده، وأبلغته بحبّها له وبأنّها سوف ترعى ولدَيه، في إشارة إلى طفله محمد وطفلته التي ما زالت جنيناً في أحشاء أمّها. وقالت الوالدة إنّها رأته "كحبيب لله" لأنّها رأت "حبّ الناس له"، وتذكّرت أنّه قال لها إنّه لا يريد العودة إلى السجن وطلب منها مسامحته، فأخبرته بأنّ زميلتها في صفّ تعليم القرآن أدّت عمرة عنه، وكذلك فعل شاب من البلدة.

وأعاد الشهيد مجاهد النجار مصطلح "البارودة السلوادية" إلى الواجهة، نسبة إلى مسقط رأسه سلواد. وتكرّر هذا المصلح مرّات عدّة في الهتافات التي تخلّلت جنازته وفي أحاديث الشبان في عزائه، فمجاهد استخدمها في إطلاق النار على مستوطنة "عوفرا" المقامة على أراضي شرقي رام الله، وظهرت في صورة إلى جانب جثّته بعد أن استشهد برصاص الاحتلال. وبندقية مجاهد نصف آلية وتعود إلى حقبة الاتحاد السوفييتي، لكنّ أهالي سلواد يشبّهونها بتلك التي استخدمها الأسير ثائر حماد في عمليته المشهورة في عام 2002، في منطقة عيون الحرامية شمالي رام الله، وقد قتل بواسطتها 11 جندياً إسرائيلياً وجرح ستّة آخرين، علماً أنّ بندقيته هذه أميركية الصنع وتعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية.

الصورة
الشهيد الفلسطيني مجاهد النجار وإلى جانبه بندقيته الشهيرة (فيسبوك)
صورة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مجاهد النجار وإلى جانبه بندقيته الشهيرة (فيسبوك)

ومن هتافات الشبان "ودّينا واحد قنّاص ع عيون الحرامية وهي بطّحهم بالرصاص.. بارودة سلوادية"، و"ودّينا واحد قنّاص على عوفرا يا خيي، ليبطّحهم بالرصاص.. والبارودة سلوادية".

يروي إبراهيم محمد ابن خال مجاهد لـ"العربي الجديد" بعضاً من تفاصيل الأيام الأخيرة. فمجاهد قرّر فجأة ومن دون سابق إنذار، إطلاق النار على معسكر مستوطنة "عوفرا" قبل أن ينسحب. يضيف إبراهيم: "علمنا لاحقاً أنّه ذهب إلى نابلس (شمالي الضفة الغربية)، وأنّ ثمّة من نصحه بتسليم نفسه لأجهزة الأمن الفلسطينية حتى يَسلم، لكنّه رفض وأصرّ على طريقه. ونشر على صفحته على موقع فيسبوك: "إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأنّ لهم الجنّة.. سامحوني حان موعدي ولقاء مع الله".

ويؤكد إبراهيم أنّ "مجاهد اشتبك مع الاحتلال ثلاث مرّات في يوم استشهاده، الأربعاء في السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، ولاحقه الاحتلال إلى قرية دير دبوان المجاورة، وأطلق على مركبته الرصاص. فترجّل منها وتوجّه إلى أحد الجبال حيث اشتبك مع الاحتلال واستشهد".

الصورة
في منزل الشهيد الفلسطيني مجاهد النجار (العربي الجديد)
في منزل مجاهد النجار عقب استشهاده (العربي الجديد)

من جهته، يخبر رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، وهو أحد القياديين في بلدة سلواد، بأنّ المكان الذي زاره مجاهد بعد أن قرّر الاشتباك مع الاحتلال هو مقبرة بلدة سلواد. يضيف فارس لـ"العربي الجديد" أنّ "مجاهد مكث ساعتَين في مقبرة الشهداء، وهو يحدّث رفيق دربه الشهيد محمد حسين حامد، وهو كذلك قريبه وصديقه". ويتابع فارس أنّ "مجاهد قال لرفيق دربه: أنا قادم إليك. فهو إنسان مؤمن، وخطاه تحتكم لعقله ويقينه وقناعاته، والقناعات التي لديه للتطبيق وليست للثرثرة".

يُذكر أنّ وصية مجاهد كانت بأن يُدفن إلى جانب رفيقه الشهيد محمد حسين حامد، وهذا ما حصل. ويقول نور الدين، شقيق الشهيد محمد لـ"العربي الجديد"، إنّهما "كانا مثل الإخوة، يتقاسمان اللقمة بينهما. ذهب شقيقي، فحزن مجاهد عليه. ونفّذ بعد ذلك عملية أمضى على أثرها تسعة أعوام في السجن".

ويشير فارس إلى أنّ "مجاهد كان منذ طفولته يشارك في الفعاليات الشعبية وفي مقدّمة المشاركين. وفي عام 2008، إبان العدوان على قطاع غزة، قرّر مع صديقه محمد إلقاء زجاجات مولوتوف على الطريق الالتفافي الذي يمرّ منه المستوطنون. فاستشهد محمد برصاص الاحتلال، واستطاع مجاهد العودة. وظلّ يتذكّره في كلّ محطات حياته، وظل يقول لوالد الشهيد محمد إنّه على دربه سائر، ويريد أن يُدفن في جواره".

قضايا وناس
التحديثات الحية

في هذا الإطار، يقول ابن عمّ مجاهد، محمد لطفي حامد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مجاهد عطوف وأب حنون على ابنه محمد. أذكر أنّني كنت معه قبل 14 عاماً نرعى الأغنام ونقرأ القرآن ونتسامر ونضحك، وعندما سمع بأنّ مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال هرع للمشاركة فيها. فقد حينها صديقه العزيز، لكنّه لم يقف مكتوف اليدَين، ففعل ما استطاعه وسُجن على خلفية ذلك تسعة أعوام".

ففي عام 2010، اعتُقل مجاهد بسبب عودته مقاوماً إلى الطريق الالتفافي ذاته، إنّما بعملية إطلاق نار في ذلك الوقت، وحُكم بالسجن سبعة أعوام. وبعد استئناف من نيابة الاحتلال، أُعيدت محاكمته وحُكم بتسعة. وكما في الخارج، هكذا كان في السجن، مقاوما يشارك بإضرابات الأسرى الجماعية ونشاطاتهم.

وبعد انتهاء مدّة حكمه، خرج مجاهد وتزوّج ورُزق بابنه البكر الذي أسماه محمد تيمّناً بصديقه الشهيد. وأعاد الاحتلال اعتقاله إنّما من دون محاكمة، اعتقالاً إدارياً بلا تهمة. وقد مُدّد اعتقاله مرّتَين، ليخوض إضراباً عن الطعام استمرّ 42 يوماً، قبل أن يعود بعد أقلّ من عام مقاوماً مشتبكاً مع الاحتلال.

ذات صلة

الصورة
فرحة الحصول على الخبز (محمد الحجار)

مجتمع

للمرة الأولى منذ أشهر، وفي ظل الحصار والإبادة والتجويع التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على شمال قطاع غزة، تناول أهالي الشمال الخبز وشعر الأطفال بالشبع.
الصورة

سياسة

رغم مرور عشرة أيام على استشهاد الأسير وليد دقة (62 عاماً) تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجاز جثمانه، متجاهلة مناشدات عائلته.
الصورة

سياسة

مُنع وزير المال اليوناني الأسبق يانيس فاروفاكيس من دخول ألمانيا لحضور مؤتمر مؤيد للفلسطينيين في برلين
الصورة
اختاروا النزوح من مخيم النصيرات جراء القصف (فرانس برس)

مجتمع

الاستهداف الإسرائيلي الأخير لمخيم النصيرات جعل أهله والمهجرين إليه يخشون تدميره واحتلاله إمعاناً في تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، في وقت لم يبق لهم مكان يذهبون إليه

المساهمون