السيول والأمطار تغرق منازل الليبيين مجدداً

السيول والأمطار تغرق منازل الليبيين مجدداً

23 يناير 2023
البنية التحتية الليبية لا تتحمل الأمطار الغزيرة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت بلدية طلميثة في شرق بنغازي، مطلع الأسبوع الجاري، تضرر أكثر من 55 منزلاً من جراء السيول والفيضانات التي نتجت من موجة الأمطار الغزيرة التي تشهدها مناطق شرقي ليبيا.
ووصف مسؤولو البلدية المنطقة بـ"المنكوبة"، لكونها الأكثر تضرراً من موجة الأمطار، وخصوصاً مع عدم قدرة المنطقة على مواجهة أضرار الأمطار سنوياً، بسبب افتقارها إلى البنية التحتية المناسبة.
ووجه سكان الحيّ القديم في طلميثة نداء استغاثة للنشطاء والمتطوعين لإجلاء عائلاتهم المحاصرة في المنازل، وقال أحمد الدينالي، من سكان المنطقة، إن "البلدية كانت شبه عاجزة، وإن مواطنين من الأحياء المجاورة هرعوا للمساعدة، خصوصاً أصحاب سيارات الدفع الرباعي الذين تولوا إجلاء العائلات"، معبراً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، عن استيائه من التجاهل الحكومي الكبير.
وأضاف الدينالي: "مياه الأمطار عادة ما تأتي لغسل الأجواء، لكنها في بلادنا تكشف غسل الأموال، والميزانيات السنوية التي ينهبها المسؤولون من دون أن يقدموا للمواطنين أي شيء، حتى إن المواطن لم يعد آمناً في بيته من الكوارث الطبيعية".
ويشير الدينالي إلى توقف حركة السيول بعد اشتدادها، "لكن جفاف المنازل، وإنقاذ ما يكن إنقاذه من حاجيات سكانها سيستغرق وقتاً. ماذا يفعل المواطن بما تقدمه حكومات البلاد كالبطاطين وبعض السلع التموينية، بينما أكثر ضروريات منزله تضررت بسبب المياه؟".
لم تكن طلميثة وحدها التي واجهت السيول والامطار، إذ عانت أيضاً مناطق "البيضان" و"البريقة" بالقرب من أجدابيا، و"جردينة"، ومناطق غربي طبرق، من ذات المخاطر، واضطر السكان إلى مغادرة منازلهم بعد أن أغرقتها السيول، ودخلتها مياه الأمطار.
وليست تلك المرة الأولى التي تعاني فيها مناطق ليبية من مخاطر السيول والأمطار. ففي عام 2019، أعلنت حكومة الوفاق الوطني السابقة مدينة "غات" في أقصى جنوب غرب البلاد، مدينة "منكوبة" من جراء غرق أغلب منازلها بمياه السيول، وارتفاع منسوب المياه في المدينة، وإغراقها المناطق المجاورة بعد خروجها عن السيطرة، مؤكدة فقدان 28 شخصاً، ونزوح أكثر من 1500 شخص أخرين.
وفي ذات العام، أُعلن مقتل سيدة وطفليها في منطقة "أم الرزم" شرقي البلاد، من جراء سيول مدمرة شهدتها المنطقة، وطاولت مدينة "شحات" وضواحيها في شرق بنغازي.

الصورة
تعطل الأمطار الغزيرة شوارع ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
تعطل الأمطار الغزيرة الحركة في شوارع ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)

وفي مطلع فصل الشتاء من العام الحالي، أُعلن فقدان أب وطفله في مدينة "غريان" غرب طرابلس، لعدة ساعات قبل العثور عليهما ميتين في إحدى غرف الصرف الصحي، بعد أن قتلتهما مياه الأمطار الغزيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان هيئة السلامة الوطنية إغلاق مياه الأمطار لعشرة شوارع رئيسية في العاصمة طرابلس، ومناشدتها المواطنين "عدم الدخول إلى أماكن تجمع المياه".
ويقول صلاح الخيتوني عن معاناة أسرته وجيرانه من جراء السيول والأمطار الشتوية في منطقة وادي الربيع، جنوبيّ طرابلس: "كانت الأمطار تهطل بغزارة، لكن وقعها كان أقل من وقع البيانات الصادرة عن الجهات الحكومية، فقد كان مركز الأرصاد الجوي يتحدث عن إمكانية تدافع السيول من وادي المجينين، وهو وادٍ سيوله مدمرة، ولا تعرف الرحمة". مشيراً إلى أن تلك الإعلانات كانت تكرر خطورة خروج العائلات من منازلها في المنطقة.
ويضيف الخيتوني في حديثه لـ"العربي الجديد": "تخيلوا وضع العائلات، فمن جهة الخروج فيه خطر، ومن جهة ثانية الوادي الأشد ضراوة يمكن أن تتدفق السيول منه، ومنطقتنا أولى المناطق التي سيدمرها، ولا حديث عن أي مبادرة من جهة الحكومة لإنقاذ الأهالي، أو تفادي تلك الأوضاع".

بيئة
التحديثات الحية

ويتعلق الأمر بتهاوي الكثير من سدود الأودية، أو تراجع صلاحيتها، حسب تصريحات مسؤولي هيئة السلامة الوطنية الحكومية، ويؤكد فضل الله شعيب، وهو أحد مسؤولي الهيئة لـ"العربي الجديد"، أن أغلب تلك السدود لم تجرِ صيانتها منذ عقود، وأن مسؤولين في الهيئة خاطبوا الجهات الحكومية لإيجاد حلول للبنية التحتية للطرق، خصوصاً خطوط وغرف تصريف المياه، والهيئة تقف عاجزة في الكثير من الأحيان، وتكتفي بإعلان غلق مياه الأمطار لبعض الطرق الرئيسية.
وتعمل فرق الإنقاذ والطوارئ مع الشركات الخدمية على تفريغ الطرق الرئيسية من مياه الأمطار بواسطة سيارات شفط ونقل المياه، وهذا أمر يستلزم وقتاً، ويعرقل حركة المرور، ويرى شعيب أن "الصعوبات القائمة تبدو بلا حلول، والأمر الوحيد المتاح للمواطنين، استمرار المواجهة بالطرق البدائية".

المساهمون