التلوّث يرفع معدلات الإصابة بالسرطان في الشمال السوري

التلوّث يرفع معدلات الإصابة بالسرطان في الشمال السوري

15 فبراير 2024
انبعاثات مولدات الكهرباء تزيد إصابات السرطان في الشمال السوري (سلوان جورج/Getty)
+ الخط -

زادت نسب الإصابة بمرض السرطان في منطقة شمال شرق سورية نحو 7 في المائة خلال الأعوام العشرة الأخيرة، بحسب تقديرات أطباء وخبراء صحيين، في حين يواجه المرضى صعوبات كبيرة في الوصول إلى مراكز علاج في إقليم كردستان العراق أو مستشفيات ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، وأيضاً مشكلات عدم توفر الأدوية في المنطقة الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، وعدم وجود مركز لعلاج الأورام في المنطقة.
يقول الطبيب المتخصص في الأمراض السرطانية دانيش محمود لـ"العربي الجديد": "من بين الأسباب التي زادت معدلات الإصابة بالسرطان تلوّث البيئة بتأثير انقطاع الكهرباء الذي فرض استخدام مولدات تعمل بالديزل وتنتج انبعاثات ضارّة جداً تضاف إلى تلك الناتجة من سيارات الديزل وحراقات النفط البدائية، وأيضاً سوء مراقبة الأغذية كاللحوم وغيرها".
ويشير إلى فقدان كل مقومات العلاج بتأثير عدم إمكانية وصول المرضى إلى العلاجات بسبب ظروفهم المادية السيئة، ويقول: "تتواجد في المنطقة أنواع من العلاجات الكيميائية الرخيصة، أما الجرعات الحساسة مرتفعة الثمن فلا تتوفر إلا في إقليم كردستان العراق أو دمشق. وفي كل الأحوال تفتقر المنطقة إلى مركز مجاني لعلاج مرضى السرطان، في حين يقدم مركز الهلال الأحمر الكردي بعض العلاجات ضمن الإمكانات المتاحة لديه".

يفتقر الشمال السوري إلى مركز مجاني لعلاج مرضى السرطان

من جهته، يقول الصيدلاني صلاح رمو لـ"العربي الجديد": "تنتشر السرطانات والأورام الخبيثة بسبب الهواء الملوّث من حراقات النفط البدائية، والناس لا يعرفون كيف يتعاملون مع الأوضاع الصحية السيئة لذا نحتاج إلى دعم المنظمات الدولية".
وكان إحصاء أجرته وكالة الأبحاث الدولية الخاصة بالسرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية ذكر أن سورية تحتل المركز الخامس بين بلدان غرب آسيا الأكثر انتشار للأورام الخبيثة والسرطان، وأن هناك 196 مريضاً و105 وفيات من بين كل مائة ألف سوري.
تقول سلوى التي تعيش في حي قدور بيك بمدينة القامشلي وكانت فقدت ابنتها شهناز في سن الـ35 بسبب مرض السرطان، لـ"العربي الجديد": "عانت أسرتي من عذاب كبير وتعب وخسرت أموالاً كثيرة خلال خمس سنوات من مرض شهناز. كانت كل جلسة علاج تكلفنا مبلغاً كبيراً عدا أجرة الطائرة من القامشلي الى دمشق، وأجرة استئجار منزل قرب المستشفى، ولم تساعدنا أي جمعيات أو منظمة أو هيئة حكومية".

الصورة
من حملات المطالبة بتوفير علاجات لمرضى السرطان في الشمال السوري (رامي السيد/ Getty)
من حملات المطالبة بتوفير العلاج لمرضى السرطان في الشمال السوري (رامي السيد/Getty)

ويخبر محمود عبد الحي من أبناء القامشلي "العربي الجديد" أن قريبته مريضة بالسرطان، ويقول: "بالنسبة إلى مرضى السرطان الذين يذهبون إلى العلاج في دمشق تستغرق رحلة الباص 23 ساعة على الطريق التي تتضمن حواجز كثيرة، وهم ينامون في فنادق، ويعانون من ارتفاع ثمن الأدوية وصعوبة إيجادها. أيضاً يواجه المرضى الذين يتعالجون في إقليم كردستان صعوبات في الدخول، لذا يفترض أن تهتم جهة حكومية أو منظمات بإيجاد حلول لمشكلاتهم على صعيد التنقلات والتكاليف والأدوية المفقودة أيضاً في المنطقة، سواء الحقن والجرعات التي تتوفر في دمشق وكردستان فقط".
يضيف: "قريبتي في الـ35 من العمر، وهي أم لـ6 أطفال ولديها ابنة من ذوي الاحتياجات الخاصة. ورغم قساوة الواقع والمرض تعيش عائلتها بلا كهرباء، وتعاني كثيراً من الانتقال إلى دمشق، ونحن نرجو أن تعمل الإدارة الذاتية على توفير العلاج في المنطقة من أجل تخفيف معاناة المرضى الذين يواجهون كل أزمات الأدوية والتكاليف والتنقل".
وتعاني مناطق شمال شرقي سورية من أزمة الملوّثات التي تنتشر في الهواء وتشكل أحد أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السرطان، علماً ان مصادر في الإدارة الذاتية تقول إن "60 في المائة من مصابي السرطان الذين يتلقون العلاج في دمشق من سكان منطقة شمال شرقي سورية، ويفوق عددهم 5 آلاف".

ويؤكد ناشطون في المجالين الطبي والإنساني وجود ثغرات كبيرة في علاج مرضى السرطان في منطقة الشمال السوري، ويشيرون إلى أن "منظمات عدة ترغب في العمل في المنطقة، لكن الدور الأكبر يجب أن يلعبه المانحون الدوليون لتأمين مبالغ كبيرة من أجل إنشاء مراكز وتجهيزها وتوفير أدوية".
ويعتبر هؤلاء الناشطون أنّ "تحمّل العالم مسؤولياته ومدّ يد العون للأطفال والمرضى وإنقاذهم من الموت، من شأنه أن يساعد في ترميم بقايا الثقة مع الشعب السوري، والتي تحطمت آخرها أثناء الزلزال الأخير الذي تم فيه التجاهل المطلق للإنسان السوري، ومن دون أدنى مراعاة لحقوق الإنسان والميثاق الدولي".

المساهمون