التلوث يهدّد سكان القامشلي

التلوث يهدّد سكان القامشلي

20 سبتمبر 2020
المولدات المنتشرة في المدينة هي الملوث السمعي الأول (ديميتار ديلكوف/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش مدينة القامشلي أسوةً بمدن أخرى في الجزيرة السورية، وهي المنطقة الجغرافية التي تقع شرق وشمال شرق نهر الفرات وتشمل محافظة الحسكة وجزءاً من كل من محافظتي الرقة ودير الزور، تلوثاً متعدّد الأشكال والأنواع، منه التلوث الغازي (الجوي) نتيجة للغازات السامة، كغاز ثاني أوكسيد الكربون الصادر عن وسائل النقل وآبار النفط والغاز، مروراً بالحرّاقات النفطية البدائية، والتلوث المائي نتيجة رمي الأوساخ والقمامة والمخلفات الصناعية ومياه الصرف الصحي في المجاري المائية (الأنهار)، والتلوث في الغلاف الصخري والتربة، نتيجة عدم اتباع الدورة الزراعية، والاستخدام المفرط للأسمدة والكيماويات.
يتحدث الطبيب رضوان محمد، وهو اختصاصي توليد وأمراض نسائية، لـ"العربي الجديد" عن التلوث السمعي وخطره على الأجنّة، والدخان الناتج من المولّدات. يقول: "لا شك في أنّ دخان المولدات المنتشرة بكثرة في الأحياء السكنية، التي تعمل بمحروقات غير نظامية ودون فلاتر ولا حماية، يترك أثراً ضاراً وسلبياً على الصحة. المولدات تؤدي إلى أمراض تنفسيّة، ودخول السموم للدورة الدموية وانتشارها في كامل أعضاء الجسم، وتزيد نسبة السرطانات، وتسبّب نقص المناعة الذي ينجم عنه أذية الأجنّة، وأمراض جهازية مثل أذية الكلية والأوعية الدموية والقلب".

يتابع محمد: "يضاف إلى ذلك الضجيج، وهو تلوث صوتي خطير، يؤدي إلى الأرق وارتفاع الضغط والقلق، وفقدان التركيز وحتى المشاكل الإجتماعية. الجنين رغم أجواف الرحم المتعددة، ليس بمعزل عن التأثيرات الجانبية الخطيرة لتلوث البيئة والضجيج، ونشاهد زيادة ملحوظة في نسبة التشوهات والإجهاض لدى النساء الحوامل، الناجمة عن الضجيج والتلوث".
حكيم هولي، وهو أحد المواطنين من مدينة القامشلي، يتحدث لـ"العربي الجديد" عن مشكلة التلوث السمعي والضوضاء، وما يعانيه منها ويقول: "حقيقة هناك تأثير كبير لأصوات المولدات ودخانها على الإنسان، بالأخصّ عندما تطفأ المولدات العامة، ويشغّل الناس المولّدات الخاصة. أحياناً تشعر بصداع وألم بالغ في الرأس، بسبب أصوات المولدات". ويضيف المواطن: "من ناحية أخرى، الدخان الذي ينبعث من المولدات له تأثير أيضاً بصحة الإنسان، بالأخصّ المحروقات الحالية، التي تحتوي على نسبة أكبر من الكربون والمواد الملوّثة السامة، وهي تؤدي إلى صداع في الرأس وإلى الإعياء، وأصواتها تؤثر في الجهاز العصبي عند الإنسان".
من جهته، يتحدث الطبيب إياد إبراهيم، وهو مدير مستشفى، لـ"العربي الجديد" عن مشكلة الضوضاء والتلوث السمعي في منطقة الجزيرة السورية، وتحديداً في مدينة القامشلي، ويوضح أنّ لهذا النوع من التلوّث ضرره على صحة الإنسان، ويقول: "بالنسبة إلى موضوع التلوث البيئي والضوضاء وتأثيره بصحة الإنسان، فإنّ الضوضاء تؤثّر بعضلة القلب وتسبّب زيادة الأدرينالين، الذي يسبّب بدوره أعراضاً عصبية، وتسبّب أيضاً القلق والانفعالات الزائدة، وعدم التركيز، إضافة إلى الاكتئاب واضطراب النوم، وتسبّب مشاكل عصبية، ولها أيضاً تأثير في المرأة الحامل".

يضيف: "هناك دراسات تفيد بأنّ الضوضاء تسبّب تلفاً في دماغ الجنين في حال تعرّضه لها باستمرار. هي أيضاً تؤثر بالجهاز الهضمي، حيث تسبّب القرحة، ومتلازمة القولون العصبي. ومن الممكن أن تسبّب ضعفاً في جهاز المناعة ونقصاً في مناعة الجسم عموماً. والتلوث البيئي يؤثر كثيراً بالجهاز التنفسي".
من جهته، يعاني حسين العبود، من مدينة القامشلي، من مشكلة التلوث السمعي وأصوات الضجيج الصادرة عن المولدات، ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمر لا يُحتمل، والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى أصوات مولدات الديزل المنتشرة في المدينة، سواء كانت خاصة أو غيرها". كذلك إنّ مرور المروحيات في سماء المنطقة يثير الرعب في نفسه. يقول العبود: "في كثير من الأحيان أضع القطن في أذني كي أستطيع النوم، وعند إطفاء بعض المولدات القريبة من بيتي، أشعر بنوع من الارتياح. دائماً ما أشعر بالتوتر والانزعاج، وحالة من الارتباك، بسبب هدير محركات الديزل، وأصوات السيارات وأبواقها في الشارع. الأمر لا يحتمل، وهو بحاجة لحلول حقيقية. عليهم إخراج هذه المولدات من الأحياء السكنية أو إيجاد حلول جذرية لها".
  

المساهمون