الاحتلال الإسرائيلي يجوّع الأسرى المقدسيين بالسرقة والقرصنة

الاحتلال الإسرائيلي يجوّع الأسرى المقدسيين بالسرقة والقرصنة

23 فبراير 2023
إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي للعقاب والانتقام (سعيد القاق/ Getty)
+ الخط -

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ قرار وزير الأمن يوآف غالانت حجز أموال وممتلكات نحو 90 عائلة مقدسية يتلقى أفرادها مخصصات للأسرى من السلطة الفلسطينية، وهي تنفذ حملات دهم شبه يومية لمنازل وتصادر منها كل ما تعثر عليه من أموال ومصاغات ذهبية، فيما يؤكد مسؤولون مقدسيون أن الحملات تندرج في سياق تصعيد العقوبات الجماعية ضد المقدسيين، وتنفيذ قرصنة لا مثيل لها لأموالهم.
ويقف أهالي الأسرى مصدومين ممّا تنفذه قوات الاحتلال من عمليات دهم وتخريب لمنازلهم، ووضع يدها على مبالغ كبيرة من أموالهم لا علاقة لها بمزاعم كونها رواتب مدفوعة من السلطة الفلسطينية، بل هي مدخرات بعضها من أجور أعمالهم، كما الحال بالنسبة إلى حسن فيراوي الذي حجزت سلطات الاحتلال على نحو 35 ألف دولار من حسابه المصرفي.

واعترض فيراوي على قرار الاحتلال من خلال محامٍ إسرائيلي قدم كشوف رواتب تقاضاها من مكان عمله، وقال لـ"العربي الجديد": "ما نفذته سلطات الاحتلال إجراء للعقاب والانتقام من نجلي محمد الذي أمضى نحو تسع سنوات في الأسر، وأفرج عنه العام الماضي. وبالتالي يمتد العقاب اليوم إلى كل أفراد عائلته  لمجرد أنه كان أسيراً أمنياً".
والأسبوع الماضي حجزت قوات الاحتلال سيارة مفيد محمد عبيد من قرية العيسوية بحجة تلقيه مخصصات للأسرى ثم اعتقلته، كما حجزت في اليوم نفسه سيارة موسى درباس من العيسوية بحجة تلقي نجله حكيم الأسير المحرر أموالاً من السلطة، ثم حجزت حسابات مصرفية للأسيرين المحررين.
وقال محمد شقيق موسى درباس لـ"العربي الجديد": فوجئت حين أبلغني موظفو البنك أنه يجب ان أدفع  مبلغ 87 ألف شيكل (23.843 دولاراً) للاحتلال بموجب إجراء الحجز، كما جرت مطالبة شقيقي موسى بتسديد مبلغ 77 ألف شيكل (21.102 دولارا)، مشيراً إلى أن جنود الاحتلال سألوه حين اقتحموا منزل شقيقه موسى عن وجود مقتنيات مال وذهب. وحين لم يجدوا شيئاً صادروا سيارته".
وخلال أيام قليلة حجزت سلطات الاحتلال ممتلكات وأموالا وحسابات بنكية لنحو خمسين أسيراً مقدسياً وأفراد من عائلاتهم، وصادرت سيارات يملكونها بحسب رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب الذي يقول لـ"العربي الجديد": "هذه قرصنة وسرقة، ونحن نتشاور حالياً في الإجراءات والخطوات القانونية التي يمكن اتخاذها للتصدي لهذه العمليات".
ويصف القيادي في حركة فتح، حاتم عبد القادر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، الإجراءات الإسرائيلية بأنها "عقاب جماعي ينتهك القانون الدولي وتتحمل تبعاته حكومة التطرف في دولة الكيان، وهي لا يمكن أن تواجه بصمت، إذ يجب أن تتحمل السلطة الفلسطينية مسؤولياتها في وقف العدوان على الأسرى، وتؤكد وقوفها إلى جانبهم ودعمها لهم، كما يجب أن تضطلع منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بدورها ضد ممارسات الاحتلال".

الصورة
السلطة الفلسطينية مطالبة بتحمل مسؤولية وقف العدوان على الأسرى (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
السلطة الفلسطينية مطالبة بتحمل مسؤولية وقف العدوان على الأسرى (أحمد غرابلي/ فرانس برس)

من جهته، يحذر مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، من التبعات المترتبة لإجراءات مصادرة أموال الأسرى، وحجز حساباتهم في البنوك، وأثرها على حياتهم وعائلاتهم "لأنها تضيّق الخناق الاقتصادي عليهم، علماً أن المصادرات لا تنحصر في الأموال بل تشمل الممتلكات، ما يعني دفع  العائلات إلى اتخاذ خيارات صعبة تصب في خانة سياسة الطرد الصامت التي تنتهجها سلطات الاحتلال في حق المقدسيين منذ احتلال القدس عام 1967، حيث فقد أكثر من 16 ألف مقدسي حقهم في الإقامة، بسبب ملاحقة وزارة الداخلية لهم في الأحياء والتجمعات السكانية التي تقع خارج الحدود البلدية المصطنعة للمدينة المقدسة".
ويلفت الحموري إلى أن "إجراءات القرصنة والاستيلاء على أموال الأسرى وعائلاتهم ستزيد أعداد الفقراء والعاطلين من العمل في صفوف المقدسيين، والذي تجاوزت نسبتهم 80 في المائة خلال السنوات الأخيرة، علماً أن الاحتلال يفرض قيوداً على عمل كثير من الأسرى المحررين".
ويرى المحلل السياسي والإعلامي راسم عبيدات، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "التصعيد في القدس محتم في الفترة المقبلة، في وقت تؤكد فيه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لدولة الاحتلال تصاعد الغليان في القدس خاصة في ظل السياسة التي يعبر عنها وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير الذي يعتقد بأنه سيحسم الصراع بالقوة مع الشعب الفلسطيني".
يتابع: "لن يتخلى بن غفير عن مشاريعه ومخططاته في الطرد والتهجير والاقتلاع والتطهير العرقي، وتنفيذ عمليات واسعة ترتقي إلى حد ارتكاب مجازر في حق الفلسطينيين، ما سيتسبب في تصعيد غير مسبوق خلال الفترة المقبلة قد يطاول كل جغرافيا فلسطين، وربما يترك تداعيات على المنطقة كلها".
ويتوقع عبيدات أن تفشل سياسة الاحتلال في استهداف عائلات الأسرى ومحاربتهم اقتصادياً، "فالمقدسيون خاصة أهالي الأسرى يستطيعون إفشال سياسة التجويع، وهو ما فعلوه سابقاً".

وكان وزير الأمن السابق نفتالي بينت أصدر قبل عامين قرارات مماثلة بمصادرة أموال أسرى محررين وحجز حساباتهم المصرفية. وصودرت حينها عشرات الآلاف من الشواكل ومصاغات من الذهب وبعض الممتلكات.
وكان بينت أصدر في كانون الأول 2019 قرارا بحجز حسابات مصرفية خاصة بتسعة أسرى ومحررين من القدس بحجة "تلقيهم رواتب شهرية من السلطة الفلسطينية شجعتهم على تنفيذ عمليات".

المساهمون