"الأوفر برايس"... هادم لذّات المصطافين على شواطئ الإسكندرية

"الأوفر برايس"... هادم لذّات المصطافين على شواطئ الإسكندرية

24 اغسطس 2023
مصطافون على أحد شواطئ الإسكندرية (العربي الجديد)
+ الخط -

تسببت ظاهرة بيع السلع والخدمات بأسعار أعلى من قيمتها الحقيقية "أوفر برايس" على شواطئ محافظة الإسكندرية في شمالي مصر، في حالة غضب بين المصطافين من أهالي المدينة وزائريها، بسبب ما اعتبروه الاستغلال المبالغ فيه من جانب إدارات الشواطئ والعاملين فيها.
وأبدى كثير من زائري شواطئ الإسكندرية التي تُعد إحدى أهم المدن السياحية في مصر، استياءهم الشديد من عدم التزام العاملين على الشواطئ بالأسعار المحددة للسلع والخدمات من قبل الإدارة المركزية للسياحة والمصايف الحكومية، كما اشتكى مئات من المصيفين من "غياب الرقابة"، فضلاً عن تراخي الأجهزة المعنية عن متابعة ما يجري على الشواطئ من استغلال، مطالبين بإيجاد حلول لمعاناتهم مع غلاء الأسعار الذي يجعل من المستحيل على المواطن العادي ارتياد الشاطئ، أو حرمانه من الاستمتاع بالشاطئ نظراً لتدني مستوى الخدمات.
ورصد تقرير حديث للإدارة المركزية للسياحة والمصايف بمحافظة الإسكندرية، العديد من المخالفات على الشواطئ خلال شهر أغسطس/آب، من بينها فرض دفع "الإكراميات" على بعض الرواد، وتعرض بعض المصيفين للابتزاز والاستغلال، وأكد التقرير أنه جرى تحرير محاضر خاصة بالمخالفات، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة إزاء مرتكبيها.
يقول أحمد سمعان، أحد مرتادي شاطئ "البوريفاج" بالإسكندرية، لـ"العربي الجديد"، إنه جاء مع أسرته من محافظة البحيرة المجاورة، بغرض الاستمتاع بالشاطئ ليوم واحد، وإنه جهز لهذا الغرض ميزانية مالية محددة، وفقاً للأسعار المعلنة من قبل إدارة السياحة والمصايف عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. مضيفاً: "عمال بوابة الشاطئ لم يكتفوا بقيمة تذكرة الدخول لكل فرد من الأسرة، بل أجبرونا على دفع ما قالوا إنه (إكرامية)، قبل السماح لنا بالدخول، وهو مبلغ يصل إلى 100 جنيه يُدفع من دون الحصول في مقابله على أي خدمة أو سلعة، وعندما حاولت الامتناع عن الدفع هددوني بعدم توفير المقاعد والشماسي لكل أفراد الأسرة، فاضطررت للدفع".
تعيش الحاجة أمينة عدلي، في منطقة قريبة من شاطئ ستانلي بالإسكندرية، وتقول لـ"العربي الجديد": "أصطحب ابنتي مرة كل أسبوع إلى الشاطئ لنجلس أمام البحر، ونستمتع بالهواء الطلق وأشعة الشمس. ألاحظ منذ سنوات التلاعب الكبير في أسعار المشروبات على الشاطئ، وعدم الالتزام بقائمة الأسعار الرسمية. كوب الشاي الذي يبلغ سعره 8 جنيهات، يطلب فيه عمال الشواطئ 25 جنيهاً، بينما عبوة المياه الغازية المسعرة بـ14 جنيهاً يطلبون فيها 32 جنيهاً، والعصائر تصل أسعارها إلى 3 أضعاف، لتبلغ أكثر من 60 جنيهاً".

ويري محمود فاروق، وهو أحد سكان مدينة الإسكندرية، أن الاستمتاع بالمصيف هذه السنة بات للمقتدرين مادياً فقط، فلم تعد الشواطئ العمومية متنفساً لأهالي المدينة وزائريها كما كانت من قبل، مؤكداً أن "الغلاء وارتفاع أسعار كل الخدمات اضطرني إلى تقليص فترة الوجود على الشاطئ، وكذا عدد أيام المصيف. أسعار تأجير العوامات وألعاب الشاطئ ارتفعت من 3 جنيهات إلى 10 جنيهات بالمخالفة لتعليمات إدارة المصايف الحكومية، بالإضافة إلى السماح للبائعين الجائلين بالتطفل على زوار الشواطئ، وبيع السلع لهم بـ3 أضعاف أسعارها الحقيقية، بدعوى اضطرارهم لدفع مبالغ كبيرة لإدارة الشاطئ مقابل السماح لهم بالدخول للبيع".

الصورة
غياب الرقابة يفاقم زيادة أسعار خدمات الشواطئ (العربي الجديد)
غياب الرقابة يفاقم زيادة أسعار خدمات الشواطئ (العربي الجديد)

ويقول علي صبحي، وهو أحد مرتادي شاطئ "جليم" في الإسكندرية، إنه قصد مع أسرته الشاطئ المجاني بسبب ضيق ذات اليد، ولعدم قدرتهم على توفير المال اللازم لدخول الشواطئ المدفوعة التي تظل خدماتها أفضل، لكن العمال أجبروهم على دمع إكراميات قبل منحهم الكراسي والشماسي، وكان المبلغ يوازي ما يدفعه زوار الشواطئ غير المجانية تقريباً.
يضيف صبحي: "كل تفصيلة على الشاطئ تتطلب دفع المال بشكل يهدم لذة المصيف، ويجعلنا نفكر 100 مرة قبل أن نقرر زيارة الشاطئ، بسبب الإحراج الكبير الذي نواجهه أمام أسرنا، بسبب إجبارنا على دفع مبالغ أكبر من الأسعار الرسمية المقررة من قبل الجهات الحكومية".
من جانبه، يقول عضو غرفة شركات السياحة بالغرف التجارية في الإسكندرية، عماد مصطفى عبد الوهاب، إن "هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ظهور ظاهرة (الأوفر برايس) على شواطئ الإسكندرية، ومن بينها نقص الرقابة الحكومية على الأسعار، وزيادة الطلب على ارتياد الشواطئ خلال فصل الصيف، مع عدم وجود بدائل جيدة للشواطئ التي ترتفع أسعارها".

الصورة
تتكرر المطالبات بزيادة أعداد الشواطئ العامة (العربي الجديد)
تتكرر المطالبات بزيادة أعداد الشواطئ العامة (العربي الجديد)

ولإنهاء الأزمة يطالب عبد الوهاب بزيادة الرقابة الحكومية على الأسعار، وإنشاء مزيد من الشواطئ العامة التي تقدم الخدمات بأسعار مناسبة، وتشجيع الاستثمار في مجال السياحة، مع مراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي، بالإضافة إلى توعية المواطنين بحقوقهم، وكيفية التعامل مع من يقررون زيادة الأسعار، والعمل على تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية، ومن بينها حق المواطنين في الاصطياف.
في المقابل، يقول رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، محمد عبد الرازق، إن الأجهزة التنفيذية بالمحافظة كثفت جهودها لتثبيت أسعار الخدمات المقدمة على الشواطئ العمومية، والتي تستهدف شريحة كبيرة من المواطنين، ومنع أي زيادة للأسعار. لكن هناك العديد من الشكاوى حول استغلال إدارات وعمال الشواطئ للمصطافين، وقيامهم برفع الأسعار.

يتابع عبد الرازق: "هناك متابعة مستمرة على شواطئ الإسكندرية، لتحقيق أقصى درجات الانضباط والالتزام، ويجري تنظيم حملات تفتيش دورية لمنع التلاعب في الأسعار، وضبط مخالفات فرض رسوم أو إكراميات، ونناشد الزائرين عدم الرضوخ لأي ابتزاز أو استغلال، والإبلاغ الفوري في حال تعرضهم لتلاعب في الأسعار، وذلك عبر أرقام هواتف الشكاوى المثبتة على كل بوابات الشواطئ".
ويوضح أنه جرى قبل بداية الموسم الصيفي وضع خطة لانتشار مفتشي الإدارة على كل شواطئ الإسكندرية، بقطاعيها الشرقي والغربي، لتحقيق أقصى درجات الانضباط، وحل أي مشكلة فور حدوثها، إلى جانب تفعيل منظومة الشكاوى عبر موقع الإدارة المركزية للسياحة والمصايف، وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وأرقام هواتف الشكاوى تتلقى جميع البلاغات الخاصة بمخالفات المحال والشواطئ والكافتيريات وغيرها.

المساهمون