الأردنيون يستقبلون رمضان بنمط استهلاكي

الأردنيون يستقبلون رمضان بنمط استهلاكي

25 مارس 2023
إقبال على زينة رمضان في الأردن (محمد صلاح الدين/ الأناضول)
+ الخط -

استقبل الأردنيون شهر رمضان في السنوات الأخيرة بعادات جديدة من بينها الزينة التي ترتبط بأشكال الهلال والفوانيس والنجوم. في المتوسط، تخصص العائلة نحو 20 ديناراً (30 دولاراً)، لهذه الأدوات والإكسسوارات.
يملك رعد سليمان متجراً لبيع أدوات الزينة، ويقول لـ"العربي الجديد": "يختلف سعر الفانوس بحسب حجمه، ومعظمها صيني الصنع، وسعرها بين 4 إلى7 دولارات، وتختلف أيضاً بين منطقة وأخرى بحسب التجار، وحجم الطلب. الأهالي يرضخون في كثير من الأحيان لرغبات أبنائهم الذين يصرّون على شراء زينة رمضان، والتي يرون أنها أصبحت أحد طقوس استقبال الشهر، وتحوّل بالتالي إلى موسم ينتظره التجار" .
ورغم أن رمضان هو شهر الروحانيات الدينية، إلا أن الواقع يظهر أنه أصبح أيضاً موسماً للعادات الاستهلاكية، علماً أن تهافت الأردنيين على المنتجات يشمل أيضاً المواد التموينية والبهارات المتنوعة والتمور ومنتج قمر الدين. ويُكثر البعض من شراء الدواجن واللحوم وبعض أنواع الخضار تحسباً لارتفاع الأسعار.
يقول سعد العبادي لـ"العربي الجديد": "يتمتع رمضان بتقاليد اجتماعية وغذائية خاصة، فهو شهر يستقبله الأطفال بفرح غامر، ويستقبله الكبار بمشاعر روحانية جميلة. عموماً يزيد حجم إنفاق العائلات في رمضان أكثر من 50 في المائة عن باقي الشهور. أطفالي الصغار طالبوني بشراء زينة مماثلة لتلك التي علقها الجيران في بيوتهم قبل 10 أيام من قدوم الشهر، وقد استجبت لطلبهم بهدف إدخال الفرحة إلى قلوبهم، كما أنني كنت أريد تحفيزهم وجعلهم يعتادون على الصيام، فوعدتهم بشراء الزينة التي يريدونها مقابل أن يحاولوا الصيام".
ويؤكد العبادي أن تفاصيل شهر رمضان والتزاماته الاجتماعية مختلفة، فهو "شهر له تقاليده ومتطلباته، وتختلف فيه الحياة عن باقي الأشهر. وهذا التغيّر أصبح أكثر وضوحاً في السنوات الأخيرة، حتى في ساعات العمل والنوم".

الصورة
زينة وأجواء احتفال رمضانية في الشوارع (علي باليكشي/ الأناضول)
زينة وأجواء احتفالية برمضان في كل الشوارع (علي باليكشي/الأناضول)

بدورها، تقول فاطمة محمود لـ"العربي الجديد": "تختلف تفاصيل أيام رمضان عن باقي أيام العام، والاستعدادات لهذا الشهر تبدأ مبكراً من أجل التخطيط لاستقبال هذا الشهر، ويجري شراء كثير من الأطباق ومفارش السفرة المزينة بالهلال والفوانيس، وأدوات مكتوب عليها عبارات تتعلق بشهر رمضان، مثل رمضان كريم وصيام مقبول وغيرها. نستعد أيضاً للشهر بشراء كثير من المواد الغذائية الخاصة بالمناسبة، والمواد المستخدمة في صنع حلويات رمضان، ومادة قمر الدين. ورمضان يشكل متعة خاصة رغم ما يرافقه من جهد مضاعف خاصة في إعداد وجبات الإفطار".

ويؤكد أستاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة، حسين محادين، لـ"العربي الجديد"، أن إدخال عناصر جديدة في إحياء رمضان يدل على أن المجتمع الأردني شعر بأن التقاليد القديمة ليست كافية للتعبير عن مظاهر فرحه الإيماني بحلول هذا الشهر، ووسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تسويق بضائع ومظاهر مغرية لا ترتبط بالضرورة بالجوهر الديني لرمضان بقدر ارتباطها بمظاهر تثير الدهشة والاستغراب، وتلفت النظر. استطاع المسوقون إقناع المجتمعات المسلمة بعادات مثل إضاءة فوانيس تصنع في الصين، ومظاهر أخرى انجرفنا إلى تقليدها".

ويوضح محادين أن "علاقة التأثر والتأثير قائمة على جودة الرسالة البصرية التي يتلقاها المجتمع، وأصبح كثير من الأفراد يرون أن هذه الطقوس قد تحدث فرقاً، وبتنا بالتالي نشهد تزاحماً على شراء الحبال الضوئية والفوانيس وغيرها، كما أصبحت لدينا فناجين قهوة وكؤوس وصحون مرتبطة برمضان. إذن عملنا كمتلقين للسلع الاستهلاكية المظهرية على تبنيها، وأصبحت جزءاً من سلوكنا في رمضان".
يتابع: "يقوم مضمون الشهر الفضيل في الأصل على التقشف والعبادة أكثر من الإسراف، ومع تتابع الأجيال أصبحت تغزونا عادات تعمّق الاستهلاك المظهري والاجتماعي، فنلاحظ أن الإقبال على شراء السلع قبل أيام من حلول رمضان أصبح يتسبب في ارتفاع أسعار السلع، ما يحرم آخرين منها. الحقيقة أننا نذهب رغم الضائقة الاقتصادية طوعاً إلى المظاهر الاجتماعية المبالغ بها في رمضان، ما يثقل ميزانيات الأسر".

المساهمون