إلزام وزير داخلية الأردن بتعويض عاملة اغتصبت ونُسيت بالسجن 3 سنوات

إلزام وزير داخلية الأردن بتعويض عاملة اغتصبت ونُسيت بالسجن 3 سنوات

26 مارس 2024
الاحتجاز الإداري يعد انتهاكاً للحق في الحرية الشخصية (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في حدث غير مسبوق، قضت محكمة استئناف عمّان بتعويض عاملة منزل إندونيسية بـ 20,880 دينار أردني بعد توقيفها إداريًا لمدة 3.5 سنوات دون مسوغ قانوني، حيث تعرضت للاغتصاب وتم احتجازها بدلاً من حمايتها.
- استندت المحكمة إلى تقرير خبرة لتقدير الضرر المادي والمعنوي، معتبرة توقيف العاملة خطأ جسيمًا يرتب المسؤولية المدنية على وزير الداخلية ومحافظ المفرق، وأكدت أن العاملة كانت ضحية.
- أثار القرار تأكيدات على ضرورة إعادة النظر في قانون منع الجرائم وتحديد صلاحيات الحاكم الإداري، مع دعوات لوقف العمل بالقانون واقتصار التوقيف على السلطة القضائية لضمان حماية الحقوق والحريات.

في سابقة قضائية، قررت محكمة استئناف عمّان إلزام وزير الداخلية ومحافظ المفرق بتعويض عاملة منزل إندونيسية الجنسية، عن مدة توقيفها إداريا لثلاث سنوات ونصف، بمبلغ 20,880 دينار (حوالي 30 ألف دولار أميركي). وكانت العاملة قد تعرضت للاغتصاب وأدين مُغتصبوها ثم وضعت بالسجن بغرض الحماية، لكن جرى نسيانها في السجن لثلاثة أعوام ونصف العام.

ووفق تقرير صادر عن جمعية تمكين للمساعدة القانونية، اليوم الثلاثاء، وجاء في قرار المحكمة أنها "اتخذت قرارها بعد اعتمادها لتقرير الخبرة، الذي قدّر للعاملة مبلغ 5880 ديناراً (8.300 دولار) ضرراً مادياً، و15 ألف دينار (حوالي 21 ألف دولار) بدل ضرر معنوي لما تسبب لها التوقيف الإداري من حرمانها للعيش بشكل طبيعي ومستقر.

وأضاف قرار الاستئناف: "حضرت العاملة إلى المملكة عام 2006 طلباً لكسب العيش للعمل عاملة منزل. وكان عمرها عندها 21 سنة وكانت "بكراً"، وتعرضت العاملة للاغتصاب بالاحتيال على يد مجرمين حيث تشكلت على ضوء ذلك قضية جنائية لدى محكمة الجنايات الكبرى والتي أدانت المغتصبين بجرم الاغتصاب"، وعلى إثر ذلك تم احتجاز العاملة بموجب قرار من محافظ المفرق وبتنسيب من إدارة حماية الأسرة/المفرق بمديرية الأمن العام، وذلك من عام 2012 بحجة حمايتها وتم نسيانها وتركت محجوزة حتى عام 2015.

وبحسب تمكين، فإن العاملة التي صدر الحكم لصالحها بقيت في السجن لمدة تجاوزت الثلاث سنوات ونصف السنة دون مسوغ قانوني، حيث استندت محكمة الاستئناف إلى قرار محكمة التمييز في ذات الدعوى والذي جاء فيه: "فإن المدعية عند صدور قرار محافظ المفرق كانت ضحية ومجنياً عليها، ولم تتحقق بها أي من صفات أصناف الأشخاص الجائز للمحافظ اتخاذ الإجراءات بحقهم والوارد ذكرها على سبيل الحصر في المادة (3) من قانون منع الجرائم، حيث لم توجد المدعية في مكان أو ظروف توحي بأنها على وشك ارتكاب أي جرم أو المساعدة على ارتكابه، ولم يثبت كذلك اعتيادها أو ارتكابها لأي جرم، وكذلك لم ترد بينة على أن وجودها طليقة بلا كفالة فيه خطر على الناس، أي لم تتحقق بالمدعية أي من الحالات المحددة حصراً لفئة الأشخاص الجائز للمحافظ اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في قانون منع الجرائم بحقهم".

وأضاف قرار محكمة الاستئناف: "وعلى إثر ذلك، فإن قرار المحافظ مخالف لأحكام القانون لتجاوزه الصلاحيات التي منحه إياها القانون، وما ترتب عليه من بقاء المدعية في السجن لمدة 3 سنوات ونصف يعد خطأ جسيماً يرتب المسؤولية المدنية عما لحق بالمدعية من أضرار جراء حجز حريتها دون مسوغ قانوني، وأنه لا يعد فعل المحافظ من قبيل الأفعال المشروعة باستعماله للحق، لكون الخطأ الحاصل لا يدخل ضمن نطاق المشروعية".

ومن خلال وحدة المساعدة القانونية في "تمكين"، أقامت العاملة دعوى صلحية حقوقية لدى محكمة صلح حقوق عمّان ضد الجهات التي تسببت بطريقة أو بأخرى باحتجازها، مطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها جراء احتجازها.

وأكدت المحامية المتخصصة بقضايا العمال أسماء عميرة أن القرار يعد سابقة قضائية لحصول عاملة مهاجرة على تعويض عن مدة التوقيف الإداري، وذلك استناداً إلى الدستور الأردني، كما كفلت الاتفاقيات الدولية الحرية والأمان وعدم توقيف أي شخص تعسفاً.

وقالت عميرة إنه وفقاً لقانون منع الجرائم حددت الصلاحيات الممنوحة للمحافظ فيما يتعلق بالتوقيف، ولها شروط محددة يتوجب على المتصرف عند إصداره قرار التوقيف، مثل الاعتقاد بوجود شخص في منطقة الاختصاص على وشك ارتكاب جرم أو المساعدة على ارتكابه أو كل من اعتاد اللصوصية أو السرقة أو حيازة أموال مسروقة أو اعتاد حماية اللصوص أو كان في حالة تجعل وجوده طليقاً بلا كفالة خطراً على الناس أو أن تكون هناك أسباب كافية لاتخاذ الإجراء، وحضور الشخص أمام المتصرف ليبين إذا كانت لديه أسباب تمنع من ربطه بتعهد.

بدورها، أكدت المديرة التنفيذية لـ"تمكين" لندا الكلش على ضرورة وقف العمل بقانون منع الجرائم، واقتصار التوقيف على السلطة القضائية فقط، وتعديل قانون الإقامة وشؤون الأجانب، وتحديد سلطة الحاكم الإداري ببيان الأسباب التفصيلية لقراراته، إلى جانب إعطاء السلطة القضائية سلطة التوقيف وحدها دون غيرها للحفاظ على هيبة القضاء.

ولفتت كلش إلى أهمية إتاحة الطعن أمام المحكمة الإدارية للجميع دون اقتصاره على فئة معينة، أو تفعيل دور المساعدة القانونية لهذا النوع من القضايا، قائلة "إنّ الاحتجاز الإداري يعد انتهاكاً للحق في الحرية الشخصية، في ظل استمرار السلطة التنفيذية من خلال الحكام الإداريين وقراراتهم بممارسة صلاحية واسعة بالتوقيف الإداري، وباستنادهم إلى قانون منع الجرائم وقانون الإقامة وشؤون الأجانب، خصوصاً بعدما أسدلت عليه المحكمة الدستورية الشرعية القانونية، على الرغم من أنّه يخالف الدستور والاتفاقيات الدولية التي أعطت صلاحية التوقيف للقضاء وحده"، مُشيرة إلى أنّ قانون الإقامة وشؤون الأجانب يُعطي الحق للحاكم الإداري توقيف الأجانب وإبعادهم دون بيان أي أسباب.

المساهمون