إجلاء ثلاثة آلاف شخص من مدينة ماريوبول الأوكرانية

إجلاء ثلاثة آلاف شخص من مدينة ماريوبول الأوكرانية

02 ابريل 2022
نجح هؤلاء المهجّرون الأوكرانيون في الخروج من جحيم ماريوبول (إمره تشايلاك/ فرانس برس)
+ الخط -

فرّ أكثر من ثلاثة آلاف شخص من مدينة ماريوبول الواقعة جنوب شرقي أوكرانيا في حافلات وسيارات خاصة، بحسب ما أعلنت السلطات الأوكرانية، في حين تستعد فرق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم السبت، لمحاولة تنفيذ عملية إجلاء جديدة من هذه المدينة الساحلية المحاصرة والمدمّرة بعد فشل محاولة أولى.

وفي اليوم السابع والثلاثين للغزو الروسي لأوكرانيا الذي أسفر عن سقوط آلاف القتلى المدنيين والعسكريين، تخفّف القوات الروسية قبضتها على كييف وتعمل على تجميع صفوفها للتركيز على شرقي البلاد، حيث ستتواجه مع جيش أوكراني متمرّس، الأمر الذي يشير إلى صراع "طويل الأمد" قد يستمرّ أشهراً وفق ما حذّر البنتاغون الأميركي.

وفي جنوب شرق البلاد، ما زالت مدينة ماريوبول محلّ نزاع بين الطرفَين، فيما الوضع الإنساني كارثي. وبعد قصف استمرّ لأسابيع عدّة على هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة على بحر آزوف، أعلنت السلطات المحلية أنّ ما لا يقلّ عن خمسة آلاف من أبناء المدينة قُتلوا. وتفيد التقديرات الأخيرة بأنّ نحو 160 ألف شخص ما زالوا عالقين في هذه المدينة، التي سوف يؤمّن سقوطها تواصلاً جغرافياً للروس من شبه جزيرة القرم إلى الجمهوريتَين الانفصاليتَين المواليتَين لروسيا في منطقة دونباس.

وتجرى عمليات إجلاء المدنيين بشكل تدريجي بعدما كانت مستحيلة على مدى أسابيع. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في تسجيل مصوّر بُثّ ليل الجمعة-السبت، إنّ "اليوم (الجمعة)، عملت الممرّات الإنسانية في ثلاث مناطق، دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا. تمكنّا من إنقاذ 6266 شخصاً، من بينهم 3071 من ماريوبول". من جهتها، أوضحت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك أنّ "1431 شخصاً انتقلوا من برديانسك وميليتوبول بوسائلهم الخاصة إلى زابوريجيا، علماً أنّ 771 منهم أتوا من ماريوبول". أضافت فيريشوك أنّ "42 حافلة من برديانسك تقلّ سكاناً من ماريوبول، و12 حافلة من ميليتوبول تقلّ سكاناً محليين"، كانت في طريقها مساءً إلى زابوريجيا، مشيرة إلى ما مجموعه "أكثر من 2500 شخص".

وقد رصدت وكالة "فرانس برس"، مساء أمس الجمعة، دخول نحو 30 حافلة إجلاء إلى مدينة زابوريجيا، بعضها يقلّ أشخاصاً فروا من ماريوبول بمفردهم ثمّ نُقلوا بالحافلات إلى مناطق أخرى. وبعد وصولهم إلى ضاحية زابوريجيا، بكى بعض الأشخاص الذين غادروا ماريوبول ارتياحاً لعودتهم إلى مناطق تسيطر عليها القوات الأوكرانية. وقال أشخاص تمّ إجلاؤهم من ماريوبول لـ"فرانس برس" إنّهم اضطروا إلى السير مسافة 15 كيلومتراً أو أكثر ليغادروا المدينة، قبل أن يجدوا سيارات خاصة تقلّهم في رحلتهم. وانتهت مشقّتهم برحلة في الحافلة استمرّت 12 ساعة، سلكت طريقاً تنتشر فيه الحواجز، قبل الوصول إلى زابوريجيا، علماً أنّ مثل هذه الرحلة كانت تستلزم ثلاث ساعات قبل الحرب.

حكت أولينا وهي تحمل طفلتها الصغيرة: "رحنا نبكي عندما وصلنا إلى هذه المنطقة. بكينا عندما رأينا جنوداً عند حاجز مع شارات أوكرانية على أذرعهم. لقد دُمّر منزلي، رأيته في صور. مدينتنا لم تعد موجودة". بدورها، قالت أولغا، وهي امرأة أوكرانية كانت تنتظر في مركز للأسر النازحة في زابوريجيا: "أبكي... لقد رأيت حفيدتي للتوّ". أضافت أولغا: "أفراد عائلة والدتي ما زالوا في ماريوبول، ولا نعرف إذا كانوا على قيد الحياة أم لا. لا توجد كلمات لأعبّر عن مدى سعادتي برؤيتهم بأمان". وقد تمكّن سكان من ماريوبول من الوصول إلى مدينة برديانسك التي تحتلها القوات الروسية، حيث جرى ضمّهم إلى قافلة وفق شهادات أدلى بها ركاب ومسؤولون لـ"فرانس برس".

من جهتها، أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي كان من المقرّر أن تشارك في عملية الإجلاء، أمس الجمعة، بأنّ فريقها الذي أُرسل إلى ماريوبول اضطرّ إلى أن يعود أدراجه، لأنّ الإجلاء المقرّر لآلاف المدنيين من هذه المدينة الساحلية التي تحاصرها القوات الروسية كان "مستحيلاً" حينها. أضافت اللجنة في بيان أنّ فريقها الذي "يضمّ ثلاث آليات وتسعة أشخاص، لم يصل إلى ماريوبول ولم يتمكّن من تسهيل المرور الآمن للمدنيين اليوم (الجمعة)". وأوضحت أنّه "لكي تنجح العملية، من الضروري أن يحترم الطرفان الاتفاقات ويوفّرا الشروط اللازمة والضمانات الأمنية"، مشدّدة على أنّ محاولة جديدة سوف تقوم اليوم السبت. لكنّ استمرار المعارك يهدّد الضمانات.

(فرانس برس)

المساهمون