أونروا سورية... وقف التمويل يقطع شريان حياة اللاجئين (5/5)

أونروا سورية... وقف التمويل يقطع شريان حياة اللاجئين الفلسطينيين (5/5)

05 فبراير 2024
مساعدات محدودة للاجئين الفلسطينيين في سورية (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

رغم التراجع الكبير في حجم الخدمات والمساعدات، إلا أن آلاف اللاجئين الفلسطينيين في سورية يستفيدون من وكالة "أونروا"، ويعيش هؤلاء حالياً مخاوف من تداعيات تعليق عدد من الدول دعمها للوكالة.

توفر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خدماتها للاجئين في مناطق سيطرة النظام السوري، في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة والخدمات الاجتماعية، وقد تأثرت هذه الخدمات على مدار سنوات الصراع الماضية.
يقول مدير مكتب الإعلام في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، فايز أبو عيد، إن "تعليق ما يقارب 15 دولة غربية مساهمتها المالية مؤقتاً لوكالة الغوث، بسبب مزاعم تتعلق باتهام عدد محدود من موظفي أونروا بالمشاركة في عملية طوفان الأقصى، يعتبر عقاباً جماعياً لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني. هذا القرار سيؤدي إلى انعكاسات خطيرة على الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين عامة، وخاصة المتعلقة بالصحة والتعليم والسلة الغذائية، وقد عاش اللاجئون الفلسطينيون في سورية أزمات عدة طوال السنوات الماضية بسبب ويلات النزاع، وما رافقه من انهيار أمني، وتدمير مخيماتهم وممتلكاتهم، وأزمات نزوح وتشريد متتالية، الأمر الذي ينعكس على أوضاعهم الإنسانية، ويؤثر سلباً على كافة مناحي حياتهم".
ويلفت أبو عيد إلى أن "وقف الدول الغربية مساعداتها المالية لأونروا يشكل خطراً على خدمات الوكالة الأساسية، ويعتبر بمثابة قطع شريان الحياة عنها، لأن 90 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين لا يزالون يعتمدون على المساعدات المقدمة من أونروا".
وتأسست وكالة "أونروا" بموجب القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 1948، بهدف توفير برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين، وتقدم الوكالة الأممية خدماتها في سورية في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة، وكذلك هناك برامج خاصة بالقروض، وبرامج للدعم النفسي، إلا أنها بسبب ما تعانيه من أزمات مالية قامت بتقليص الكثير من تلك الخدمات.

الصورة
9 مخيمات رسمية للاجئين الفلسطينيين في سورية (لؤي بشارة/فرانس برس)
9 مخيمات رسمية للاجئين الفلسطينيين في سورية (لؤي بشارة/فرانس برس)

ويعيش في سورية 438 ألف لاجئ فلسطيني يشكل الأطفال منهم قرابة 36 في المائة، وتعرض أكثر من 40 في المائة من اللاجئين للتهجير الداخلي، لا سيما سكان مخيمات اليرموك وحندرات ودرعا، كما أن نحو 90 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في سورية يعيشون في فقر مدقع بأقل من دولارين أميركيين للشخص في اليوم.
وعبر لاجئون فلسطينيون في سورية عن غضبهم من عدم اكتراث الوكالة الأممية لحالهم، مشيرين إلى أن راتب الشخص إن وجد عملاً لا يكفيه سوى عدة أيام من الشهر، لأنه يقتطع منه أجرة البيت والدواء والطعام والمواصلات، وأنهم يقفون عاجزين عن تأمين قوت أطفالهم، وعبرت إحدى اللاجئات الفلسطينيات عن وجعها قائلة: "نشتهي اللحم والبندورة، والتين والعنب. نشفت عروقنا من العدس والحمص والبرغل".
ووصلت معدلات الفقر في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في سورية إلى مستويات غير مسبوقة، ويقول فايز أبو عيد إن "الأزمات تعاظمت من جراء عدم القدرة على تأمين أبسط مقوّمات الحياة، وفقدان مصادر الرزق، وانخفاض معدلات الدخل، وارتفاع معدلات الإنفاق على الغذاء بسبب تدني قيمة الليرة السورية وقدرتها الشرائية، مع ارتفاع معدلات التضخم. توزع أونروا مبالغ طارئة على الفلسطينيين المقيمين في سورية، تغطي ثلاثة أشهر لفئتين من المستفيدين، وتمنح كل فرد من الأسرة  مبلغاً يعادل 20 دولاراً، في حين يُمنح الفرد مبلغ 27 دولاراً في الأسر الأكثر فقراً".
يتابع: "في الأردن تقدر المساعدة المالية التي تقدمها الوكالة لفلسطينيي سورية البالغ عددهم قرابة 19 ألف لاجئ، بـ 85 ديناراً أردنياً لكل فرد يحمل وثيقة سورية أو بدون، وهي مصدر عيشهم الوحيد، وفي لبنان توزع أونروا 60 دولاراً على كل عائلة فلسطينية سورية، و25 دولاراً لكل شخص شهرياً، فيما يبلغ عدد فلسطينيي سورية المهجرين إلى لبنان قرابة 29 ألف لاجئٍ، وهم يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة بسبب نقص الموارد، وصعوبة العمل، والتأخير المستمر في مساعدات أونروا".

ويلفت الناشط الفلسطيني عمار القدسي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى كون الوكالة تقدم الخدمات الأساسية والإغاثية، والتعليم والصحة وخدمات اجتماعية، مضيفاً أن "المساعدات التي تقدمها الوكالة تخفف بعض أعباء اللاجئين الفلسطينيين، وتسد بعض الاحتياجات الأساسية، واتبعت الوكالة معايير الحاجة لدى الأسر والأفراد لتقديم الخدمات، كما كانت تقدم خدماتها بشكل منتظم لكل اللاجئين الفلسطينيين خلال أحداث الثورة السورية، والتوترات التي طاولت مخيمات وتجمعات الفلسطينيين، وهي تقدم حالياً خدمات التعليم والصحة والإغاثة والسلال الغذائية والمساعدات النقدية".

حرم الفلسطينيون الذين تم تهجيرهم إلى الشمال السوري من خدمات أونروا

ويوضح القدسي أن "هناك ملفاً لا يجب تجاهله، وهو أن اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم إلى الشمال السوري تم حرمانهم من كافة خدمات أونروا، والسبب الأساسي سياسي، وهو تواجد هؤلاء اللاجئين خارج مناطق سيطرة النظام، علماً أنهم قانوناً مازالوا ضمن مناطق عمل أقاليم أونروا الخمسة، فهم مازالوا على الأراضي السورية، ولم تسقط عنهم صفة اللجوء، ولا يحق لأونروا التعامل مع أي لاجئ فلسطيني بناء على توجهه السياسي، أو حسب وجوده ضمن مناطق النظام أو مناطق المعارضة". 
وتعتمد الوكالة نظام القروض للفلسطينيين في سورية، كما تقوم بتسجيل الوقائع المدنية للاجئين، كالولادة والزواج والطلاق والوفاة، لكن هذه الخدمات أيضاً متوقفة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين المقيمين خارج مناطق سيطرة النظام منذ بداية الثورة السورية.

الصورة
دمر النظام العديد من مراكز أونروا في سورية (لؤي بشارة/ فرانس برس)
دمّر النظام العديد من مراكز أونروا في سورية (لؤي بشارة/فرانس برس)

ويقول اللاجئ الفلسطيني المقيم في ريف دمشق، حسام أبو علي، لـ"العربي الجديد"، إن "الوكالة تقدم مساعدات مالية ومساعدات إغاثية على شكل سلال، ومن بين الخدمات التي تنفذها تجهيز مراكز التعليم، ورفدها بالكوادر من اللاجئين الفلسطينيين، وتعمل على توفير مراكز دعم تعليمي، وتوفير الرعاية الطبية، ودفع فواتير العلاج، وهذه الخدمات تقدم لكافة الفلسطينيين في مناطق سيطرة النظام. مساعدات الوكالة شحيحة إذا ما قارناها باحتياجات العوائل في الوقت الحالي، وهذه المساعدات لا تحتمل أي تخفيض أو انقطاع، فالكثير من العوائل تعتمد عليها كلياً".
ويضيف: "العائلات التي كان لديها ممتلكات باعتها وغادرت سورية، وبقيت العوائل الفقيرة، وهؤلاء لا يملكون شيئاً يمكنهم بيعه، وغالبية الشباب الفلسطينيين غادروا سورية، والعوائل التي تقدم لها الوكالة المساعدات تعيش تحت خط الفقر، فلا عمل دائم، وإن وجد فإن مدخوله لا يكفي لعدة أيام، والمساعدات المحدودة تسد بعض الرمق، فـ 200 أو 300 ألف ليرة سورية لا تساوي شيئاً على أرض الواقع، حتى أن السلة الغذائية بالكاد تطعم عائلة صغيرة لأيام قليلة، والعوائل تعتمد على حوالات مالية يرسلها أبناؤها من خارج سورية لمواصلة الحياة".
ويقارن اللاجئ عبد الفتاح طاطيش بين ما كانت تقدمه وكالة الغوث قبل الثورة السورية وما تقدمه في الوقت الحالي، قائلاً: "كانت أونروا تقدم خدمات شاملة لكل اللاجئين الفلسطينيين قبل الثورة السورية، بما في ذلك الإغاثة والقروض، ورغم تقلص أعداد اللاجئين، تراجعت خدمات الوكالة نتيجة الحرب، فالكثير من المدارس التابعة لها دمرت كلياً أو جزئياً، وكذلك المراكز الصحية، وهذه المؤسسات الخدمية دمرها النظام بشكل متعمد لعدم تمكين الناس من العودة، لكن افتتحت الوكالة مدرسة في مخيم اليرموك مؤخراً".

يضيف طاطيش: "هناك 12 مخيماً للاجئين في سورية، 9 مخيمات منها منظمة، و3 مخيمات غير مسجلة رسمياً، وخلال السنوات الأخيرة، تحولت الخدمات الأساسية إلى شكل آخر، والشكل الجديد هو المساعدات وليس الخدمات، والشكل الأبرز حالياً هو المساعدات النقدية التي توزع كل 3 أشهر على العائلات الفلسطينية الأكثر عوزاً، وقيمتها 300 ألف ليرة، وتحصل العوائل العادية على 200 ألف ليرة كل 3 أشهر، والخدمات في حدها الأدنى بعد تدمير مراكز الصحة والتعليم التابعة للوكالة". 
ويلفت إلى أن "النظام السوري يحاول السيطرة على خدمات الوكالة عن طريق إجبارها على توظيف محسوبين عليه، وتقديم الخدمات لغير اللاجئين الفلسطينيين كي تستفيد بعض الفئات المحسوبة على النظام من هذه الخدمات".

المساهمون