أكثر من 3 آلاف عامل صحي سوري مغيبون قسرياً

أكثر من 3 آلاف عامل صحي سوري مغيبون قسرياً

25 فبراير 2021
87 عاملا في قطاع الرعاية الصحية قُتلوا تحت التعذيب (إبراهيم ياسوف/فرانس برس)
+ الخط -

قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إنّ ما لا يقل عن 3364 عاملا في الرعاية الصحية، لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري منذ مارس/آذار 2011، 98 في المائة منهم لدى النظام السوري. وأشارت الشبكة إلى أنّ اعتقالهم ما زال مستمراً، بالرغم من انقضاء عام على بدء انتشار فيروس كورونا في سورية.

وأوضحت الشبكة في تقرير أصدرته، اليوم الخميس، أنَّ استهداف المراكز والطواقم الطبية كان واحداً من أبشع الفظائع التي مورست خلال النزاع السوري، ولم تقتصر الاعتداءات على عمليات القصف العشوائي أو المقصود على المراكز الطبية، بل تعدّته إلى ملاحقات مدروسة تطاول العاملين في قطاع الرعاية الصحية، الذين أسهموا بشكل أو بآخر في تخفيف معاناة المشاركين في الحراك الشعبي، وعلاج المصابين من المتظاهرين والمعارضين للنظام السوري.

وأضاف التقرير أنَّ اعتقال وإخفاء وتعذيب الكوادر الطبية، كان تكتيكاً مدروساً لزيادة معاناة المجتمع، وأشار إلى أنه بعد مضي قرابة عام على تفشي فيروس كورونا في سورية، وبالرغم من جميع المناشدات بضرورة الإفراج الفوري عن جميع الكوادر الطبية، نظراً لحاجة المجتمع الماسة إليهم، إلا أنهم ما زالوا قيد الاعتقال والإخفاء القسري.

وأشار إلى أنّ النظام السوري هو المسؤول عن 98 في المائة من حالات الاعتقال والاختفاء القسري مقارنة ببقية أطراف النزاع، ما يدلّ على تعمدّه على نحوٍ مخطّط ومدروس ملاحقة واعتقال وإخفاء العاملين في قطاع الرعاية الصحية، الذين شاركوا في تقديم خدماتهم للمصابين. كما أنّه المسؤول عن قرابة 96 في المائة من حصيلة الضحايا، من العاملين في قطاع الرعاية الصحية، الذين قُتلوا تحت التعذيب، مقارنة ببقية أطراف النزاع.

وأضاف أنّ 3329 منهم، بينهم 282 سيدة، اعتُقلوا على يد قوات النظام، وخمسة آخرين، بينهم سيدتان، على يد تنظيم داعش الإرهابي، وثمانية اعتقلتهم هيئة تحرير الشام، وثمانية آخرين اعتقلتهم المعارضة المسلحة (الجيش الوطني)، بينما اعتقلت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، 14 منهم.

وبحسب التقرير فإنَّ ما لا يقل عن87 من العاملين في قطاع الرعاية الصحية، قُتلوا تحت التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، بينهم 84 قُتلوا على يد قوات النظام السوري، واثنان على يد المعارضة المسلحة، وعامل واحد على يد "قسد".

وأكّد أنّ الاستهداف المتكرّر للمراكز والكوادر الطبية على مدى 10 سنوات، أنهك قدرة القطاع الصحي على التعامل مع جائحة كورونا، وحمَّل التقرير، النظام السوري وحلفاءه، المسؤولية الرئيسية عن الغالبية العظمى من تلك الانتهاكات، وأشار إلى الإهمال الصارخ في التعامل مع الجائحة. كما أوضح أنّ الحكومة التابعة للنظام السوري، لم تتخذ إجراءات حقيقية وجادّة للحدِّ من تزاحم المواطنين للحصول على المواد الأساسية، وفي ذلك مُخالفة صارخة لأبرز الإجراءات الاحترازية للوقاية من المرض. وأضافَ أنَّ النظام السوري لم يفكر في إطلاق سراح أيّ من الكوادر الطبية المحتجزين لديه، بالرغم من انقضاء عام على بدء انتشار الجائحة وظهور سلالات جديدة منها، وحاجة المجتمع السوري الجوهرية لجهودهم.

وقال وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، مرام الشيخ، لـ"العربي الجديد"، إنّ "النظام يحاول دائماً القضاء على البنى الحوكمية المدنية في مناطق سيطرة المعارضة، واعتبر هذه البنى أخطر من العمل السياسي والعسكري ضدّه، لأنها من الممكن أن تستبدل وجوده الإداري والسياسي على المستوى الدولي، وخوفاً من أن تصبح بديلاً له، لأنه يعتبر نفسه المزوّد الرئيس للخدمات في مناطق سيطرته وسيطرة المعارضة، وهذا ما دعاه إلى استهداف الكوادر والمنشآت الطبية والمدنية".

وأشار إلى أنّ " القطاع الصحي هو من أنجح القطاعات في المعارضة، وله اعتبار دولي وقدّم خدمات كبيرة وسيتلقى قريباً لقاحات فيروس كورونا، وكلّ هذه النجاحات تُغضب النظام. من جانب آخر، إنّ استهداف الكوادر والمنشآت الصحية هو لإضعاف الروح المعنوية للسكّان، كي يشعروا أن لا سند طبيا لهم في مناطقهم".

وأضاف الشيخ أنّ "العمل الخدماتي الإنساني، لا يمكن عزله عن العمل السياسي، والملف الصحي في سورية هو ملف سياسي بامتياز، يسعى لإثبات نفسه وقدرته على إدارة المناطق التي عجز وفشل النظام في إدارتها، وكل هذه العوامل كانت تزيد من حقد النظام على العاملين في هذا المجال".

وتضمّن التقرير تصريحاً لمدير الشبكة السورية، فضل عبد الغني، قال فيه، إنّ "وجود هذا العدد الهائل من الكوادر الطبية خارج مراكز الاحتجاز، كان سيُساهم بشكل فعّال في تخفيف معاناة المجتمع السوري خلال جائحة كورونا، لكن النظام السوري، السبب الرئيس في تهشيم المجتمع السوري، لا يكترث بزيادة الآلام والمعاناة".

وأشار إلى أنه لا توجد سلطة قضائية أو تشريعية أو إعلامية تنتقده وتحاسبه، والأجهزة الأمنية هي السلطة المطلقة، والمجتمع الدولي، بما فيه مجلس الأمن ومسارات المفاوضات، فشل في إطلاق سراح هذه الكوادر أو مجرد الكشف عن مصيرها.

وبالرغم من أنّ المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شهدت انخفاضاً كبيراً في أعداد المصابين، إلا أنّ مدير الطوارئ في وزارة الصحة التابعة للنظام، توفيق حسابا، أعلن رصد زيادة في أعداد المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا منذ بداية الأسبوع الجاري.

وقال حسابا، بحسب ما نقلت وكالة "سانا" الحكومية إنّ أعداد المراجعين لأقسام الإسعاف في المستشفيات تضاعفت عن الأسبوع الماضي، وارتفعت نسب المسوحات الإيجابية في اختبارات كورونا التي تُجرى للمواطنين الراغبين بالسفر، وأضاف أنه في حال دعت الحاجة سيتم الانتقال إلى الخطة "ب"، وهي التوسّع بالأقسام لمصلحة مرضى كورونا.

وحتى يوم أمس الأربعاء، سجّلت وزارة الصحة في النظام السوري أربع وفيات بفيروس كورونا و61 إصابة، بينما سجّلت المعارضة في مناطقها ست إصابات، والإدارة الذاتية (الكردية) سبع إصابات.

المساهمون