أطفال ليبيا أكثر عرضة للانتهاكات... إهمال حكومي يطاول جميع الفئات

أطفال ليبيا أكثر عرضة للانتهاكات... إهمال حكومي يطاول جميع الفئات

15 مارس 2021
هل من يوفّر الحماية لهما؟ (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تُؤثّر الفوضى الأمنيّة في ليبيا بشكل كبير على الأطفال. ومؤخّراً، رُصدت العديد من الجرائم والانتهاكات بحقهم، ما دفع ناشطين ليبيين إلى المطالبة بضرورة اتخاذ إجراءات لحماية صغار ليبيا في ظل الأخطار الكثيرة التي يواجهونها. وأعلنت مديرية أمن العاصمة طرابلس عن استعادة طفلين بعد ساعات من خطفهما وسرقة سيارة والدهما في منطقة خلة الفرجان في طرابلس. وبحسب بيان المديرية، فإن عملية البحث عنهما بدأت بعد تلقي مركز الشرطة في منطقة خلة الفرجان، بلاغاً يفيد بخطف طفلين كانا داخل سيارة والدهما من أمام منزلهما في المنطقة، بعدما غادر الأب سيارته لفتح باب سور البيت، ليعود ويتفاجأ بسرقتها وفي داخلها طفلاه النائمان. ويوضح أن فرق الشرطة عثرت على السيارة وفي داخلها الطفلان على طريق عام "بعدما تركها الجاني ولاذ بالفرار، وتم تسليم السيارة والطفلين إلى مركز شرطة عين زارة لاستكمال إجراءات التحقيق.

بعدها بأيام، أعلنت فرق التحري في مركز شرطة أحد الأحياء في طرابلس، عن اعتقال شخص متهم بقتل طفل العام الماضي، مشيرة إلى أن المعتقل مطلوب لتورطه في قضايا أخرى. وبحسب بيان المديرية، فإن الجاني ارتكب جريمته أثناء سرقته منزل أسرة الطفل العام الماضي. وجاء ذلك بعد يوم من إعلان وحدة الإعلام الأمني في مديرية أمن أجدابيا شرق البلاد، عن "وفاة طفل حديث الولادة" عثر عليه داخل كيس بلاستيكي في إحدى ضواحي المدينة. وقالت في بيان، إن حالة الطفل الصحية كانت سيئة، بعدما نقل إلى المستشفى نتيجة إبلاغ مواطنين قسم البحث الجنائي في المدينة عنه.

وعلى الرغم من محاولة الأطباء إنقاذ حياة الطفل، إلا أنه توفي في اليوم التالي بسبب سوء حالته الصحية، وهو ما أكده الناشط نعمان الأطيوش، لافتاً إلى أن قسم البحث الجنائي لا يملك أية معلومات عن الجريمة حتى الآن. ويرجح الأطيوش، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن الطفل لقي حتفه خلال محاولة للتخلص منه كونه ولد نتيجة علاقة غير شرعية، محذراً من تصاعد خطر الانتهاكات بحق الأطفال في البلاد. 

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفي حين يُسجَّل  اهتمام دولي بأطفال ليبيا الذين يكبرون وسط نزاعات مسلحة خلال السنوات الماضية، إلا أن الأطيوش يرى أن تسجيل ثلاث جرائم مختلفة في أسبوع واحد في مناطق مختلفة مؤشر خطير. يضيف: "عدد من القضايا الأخرى المتعلقة بحقوق الأطفال في البلاد ما زالت تواجه صعوبات جمة، من بينها أطفال الأسر النازحة"، لافتاً إلى أن غالبية هذه الأسر لم تحصل على حق تسجيل مواليدها في سجلات المناطق التي لجأت إليها. ويوضح أن "قضية النزوح ليست وليدة اليوم؛ فمنذ عشر سنوات تعيش مئات الأسر مأساة النزوح بسبب استمرار الحرب والفوضى". 

ويلفت الأطيوش إلى أنه ليس لدى الحكومات حتى الآن أرقام دقيقة حول أعداد الأطفال النازحين، خصوصاً حديثي الولادة أو الذين ولدوا خلال فترات النزوح، مؤكداً أن جهود الناشطين في هذا المجال تعتمد على إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" وغيرها من المنظمات الدولية. يضيف: "لا نعلم شيئاً عن أوضاع الأطفال النازحين والانتهاكات التي يعيشونها، وإذا ما كانوا عرضة للخطف والاستغلال القسري. كل ما نعرفه هو أن هناك أطفالاً اختطفوا خلال فترات مختلفة بهدف طلب فدية مالية من ذويهم".

وفي وقت يؤكد الأطيوش أن عدداً من الأطفال حديثي الولادة في مناطق النزوح لا تتوفر لديهم أوراق رسمية، تلفت المتخصصة في علم الاجتماع وهيبة الكبير إلى الانتهاكات التي يعاني منها الأطفال ذوو الإعاقة. وتتحدث عن الأطفال المصابين بالتوحد، مشيرة إلى أن وزارات الصحة في حكومات ليبيا المتعددة عملت على المساهمة في علاج أطفال التوحد في الخارج قبل أن تتركهم وأسرهم يواجهون رفض المستشفيات استقبالهم بعد توقفها عن سداد مستحقات علاجهم. تضيف أنها أم لطفل مصاب بالتوحد، كانت تسعى إلى علاجه في الخارج قبل أن يقنعها الأطباء بضرورة دمج طفلها في مجتمعه كأحد أهم وسائل علاجه.

وبعد أربع سنوات على عودتها إلى البلاد لعلاج ابنها، توضح أن "السلطات لا تشرف على أي مركز متخصص لعلاج المصابين بالتوحد، وكل المراكز الأخرى خاصة، وقد أقفل بعضها ليترك أطفالنا يواجهون مصيرهم". تضيف: "لا أريد الحديث عن الإهمال بحق الأطفال من منطلق شخصي، بل أدعو إلى فتح ملف الانتهاكات بحق الطفل في ليبيا"، لافتة إلى أن قضية ابنها دفعتها لدراسة أوضاع الطفل في البلاد، لتكتشف أن ليبيا انضمت إلى اتفاقية حقوق الطفل منذ تسعينيات القرن الماضي من دون الاكتراث للوفاء بالتزاماتها. وترى أن آثار الحرب والنزوح فاقمت من معاناة الأطفال المصابين بالتوحد، مشيرة إلى أن الجهات الأمنية "هي الأخرى لا تتحلى بالمسؤولية"، إذ ليست من مؤيدي نشر أخبار الجرائم مؤخراً، وقد تم تداولها بشكل كبير. وتسأل: "هل يستعين هؤلاء المسؤولون الأمنيون بخبراء لبحث تسريب مثل هذه الأخبار المرعبة كاختطاف أطفال وهم نيام من سيارة من أمام منزلهم؟"، مضيفة: "لا أعتقد ذلك بالمطلق، فليس لدى المسؤولين الوعي حول مدى تأثير بعض الأمور على نفسية الأطفال".

المساهمون