أطفال غزة... سوء تغذية حتمي بسبب نقص العناصر الأساسية

أطفال غزة... سوء تغذية حتمي بسبب نقص العناصر الأساسية

17 نوفمبر 2023
يحاول أطفال غزة الحصول على أي نوع من الطعام (محمود الهمص/ فرانس برس)
+ الخط -

يعيش الأطفال في قطاع غزة واقعاً أليماً، بسبب النقص في الطعام والشراب، وهم لا يتناولون في أفضل الأحوال أكثر من وجبة واحدة طوال اليوم، تتضمن عادة حواضر من البيت بالنسبة إلى من لا تزال عائلاتهم صامدة في المنازل، في حين يعتبر الوضع صعباً جداً لأولئك الذين نزحوا إلى خارج ديارهم.
وكشف المركز الأورو متوسطي الذي يتخذ من جنيف مقراً له، أن أطفال قطاع غزة يواجهون، على غرار النساء والرجال، مجاعة حقيقية، خصوصاً أن إسرائيل لم تسمح إلا لنحو 2 في المائة من المساعدات والإمدادات الغذائية الضرورية بدخول القطاع عبر معبر رفح المحاذي للحدود مع مصر، وذلك رغم استمرار دعوات منظمات حقوق الإنسان للسماح بدخول مساعدات إلى القطاع من دون قيود وشروط. 

وفي ظل عدم تسليم أي واردات غذائية تجارية، يترك سكان قطاع غزة الذين يتجاوز عددهم مليونين في حاجة ماسة إلى الغذاء في ظل نهج العقاب الجماعي الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي عليهم، علماً أن برنامج الغذاء العالمي توقع ألا تكفي الإمدادات الحالية من المواد الغذائية الأساسية إلا أياماً قليلة قبل أن تنفد بالكامل.
يقول أخصائي الصحة العامة الدكتور حسن كريم لـ "العربي الجديد": "يُحدث النقص في الغذاء مشاكل صحية خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال الذين لديهم معدلات أيض (تحويل الغذاء إلى طاقة) مرتفعة، ويحتاجون بالتالي إلى الطعام بشكل أساسي". 
يضيف: "في العادة يعرّض نقص الغذاء، وتحديداً الحاد كما الحال في قطاع غزة، الأطفال إلى الإصابة بأمراض عدة أبرزها الجفاف والضعف الجسدي وغياب الوعي وعدم القدرة على القيام بالأعمال اليومية الروتينية. ويعد سوء التغذية أحد أبرز العوامل التي تتسبب في حدوث وفيات، خاصة أنه يصعب أن يقاوم الأطفال الأمراض العادية. ويمكن أن يجعل نقص الغذاء أجساد الأطفال تحديداً أكثر عرضة للأمراض من جهة، ومن جهة ثانية أقل مقاومة للأمراض مثل الإسهال".
ويشير كريم أيضاً إلى أن "نقص الغذاء والإصابة بسوء التغذية قد يؤثران على نمو الأطفال، والدليل على ذلك حالات التقزم التي أصابت الكثير من الأطفال في مناطق النزاعات وبينها اليمن بسبب هذا الأمر. كما يمكن أن يؤدي سوء التغذية إلى حصول نوع من الهزال، وفي هذه الحالة لا يتناسب وزن الطفل وكتلة عضلاته مع طوله نتيجة سوء التغذية الحاد، ما يضرّ بنموه البدني والمعرفي. 
وعموماً يحتاج جسم الإنسان إلى عناصر غذائية أساسية تسمح له بالنمو والعيش بطريقة سليمة. وتنقسم هذه العناصر إلى سبع مجموعات تشمل الكربوهيدرات والبروتين والدهون والألياف والمعادن والفيتامينات والماء التي تعد جميعها ضرورية لإكساب الجسم أداءً مناسباً. وتعمل المغذيات الكبيرة كمصدر للطاقة، بينما تلعب تلك الدقيقة دوراً حاسماً في التفاعلات الكيميائية الحيوية. وأي نقص أو خلل في هذه العناصر يتسبب في انعكاسات صحية بحسب ما تذكر إدارة الغذاء والدواء الأميركية في تقارير عدة أصدرتها.
وتحتسب الاحتياجات اليومية للأطفال من السعرات الحرارية، بحسب العمر والجنس وكمية النشاط. وبالنسبة إلى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وثلاث سنوات لا تقل السعرات الحرارية اليومية التي يوصى بها عن 1000 في اليوم. وهي تزداد مع تقدم عمر الطفل، بحسب ما توضح أخصائية التغذية سماح عايش لـ"العربي الجديد"، والتي تقول: "يحتاج الأطفال إلى كميات أكبر من السعرات الحرارية للحفاظ على الجسم والنمو، وفي حال انخفضت السعرات الحرارية إلى مستويات ضعيفة جداً يعاني الأطفال من مشاكل صحية وضعف وعدم قدرة على التركيز، إضافة إلى إمكان الإصابة بأمراض 9عدة، مثل الهذيان وفقر الدم وغيرها". 
تتابع: "إلى جانب التركيز على السعرات الحرارية يجب تناول المغذيات الأساسية من الحصص الموصى بها من البروتين والألياف والكاربوهيدرات والدهون الصحية وغيرها، ونقص هذه المغذيات ينعكس سلباً على صحة الأطفال تحديداً".

وتقول عايش: "تختلف السعرات الحرارية الضرورية التي لا بد للأطفال الحصول عليها. ويحتاج الأطفال ما بين سن 3 و5 سنوات إلى حوالي 1400 سعرة حرارية، والأطفال ما بين سن 6 و8 سنوات إلى حوالي 1600 سعرة حرارية، والأطفال ما بين  9 و10 سنوات إلى 1800 سعرة حرارية، والأطفال ما بين 11 و18 سنة إلى ما بين 2000 و2300 سعرة حرارية. أما بالنسبة لأطفال غزة، يفضل التركيز على زيادة السعرات قليلاً، والتركيز على البروتين ومضادات الالتهابات ومضادات الأكسدة التي تحتوي عليها الخضار والفاكهة". ولا تستبعد أن الأطفال قد يحتاجون إلى مكملات غذائية نظراً لسوء التغذية في الوقت الحالي.  

الصورة
ما يتيسر في أحد مراكز "أونروا" (سعيد خطيب/ فرانس برس)
ما يتيسر في أحد مراكز "أونروا" (سعيد خطيب/ فرانس برس)

وأخيراً، أعلنت الأمم المتحدة أنّ الحصول على الخبز بات صعباً في جنوب قطاع غزة الذي نزح إليه كثيرون من الشمال. 
وقبل اندلاع هذه الحرب، كان أكثر من 80 في المائة من سكان غزة يعانون من الفقر، ويعتمد ثلثهم تقريباً على المساعدات الدولية، بحسب الأمم المتحدة.
وفيما يعاني قطاع غزة من عدم القدرة على تشغيل مولدات الكهرباء بسبب نفاد الوقود، ما يعطّل عمل محطات تحلية المياه، وكذلك إمكان تشغيل الآبار الجوفية، يُضطر كثير من النازحين إلى شرب مياه مالحة وملوّثة، ما يهددهم بالإصابة بأمراض وأوبئة.
وأعلنت بلدية غزة أن كمية المياه التي استطاعت ضخها منذ بدء الهجوم الإسرائيلي في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تعادل ثلث احتياجات المدينة من المياه بسبب القصف وانقطاع الكهرباء ونفاد الوقود اللازم لتشغيل الآبار التي تضرر نحو 12 منها.
يقول كريم: "يتسبب نقص المياه واستخدام المياه الملوثة، بتفشي الأمراض المعدية، على غرار التيفوئيد والكوليرا والدسنتاريا والتهاب الكبد. وتشير التقديرات إلى أن عدم كفاية الوصول إلى الحد الأدنى من المياه والنظافة الصحية والصرف الصحي يمثل نحو 50 في المائة من سوء التغذية العالمي".

وتفيد دراسة نشرتها المكتبة الوطنية للطب الأميركي بأن الأطفال الذين تتراوح أوزانهم بين 3.5 كيلوغرامات و10 كيلوغرامات يحتاجون إلى 100 ملليلتر من السوائل يومياً. وبالنسبة إلى أولئك الذين تتراوح أوزانهم بين 11 و20 كيلوغراماً تحدد الاحتياجات اليومية من المياه بين 100 ملليلتر لأول 10 كيلوغرامات و50 ملليلتر لكل كيلوغرام فوق 10 كيلوغرامات. وبالنسبة إلى الأطفال الذين يزيد وزنهم عن 20 كيلوغراماً تحتسب متطلبات السوائل بأنها 1500 ملليلتر لكل 20 كيلوغراماً و20 ملليلتر لكل كيلوغرام فوق 20 كيلوغراماً.

المساهمون