أحلام حلويات وملابس في عيد سورية

أحلام حلويات وملابس في عيد سورية

21 ابريل 2023
استعدت عائلات سورية للعيد بالحد الأدنى (عدنان الإمام)
+ الخط -

منعت الظروف محمد الجاسم، المهجَّر من مدينة حمص السورية، من تحضير أي شيء للعيد هذا العام، ويقول لـ"العربي الجديد": "عملت 4 أيام فقط خلال شهر رمضان، فلا عيد بالتالي بسبب ما نمر به والتهجير، ونحن لم نحضّر أي شيء فعلياً للاحتفال به".
لكن الظروف والأوضاع الصعبة لم تمنع بعض المهجرين والنازحين الذين يقطنون في مخيمات شمال غربي سورية من شراء ملابس لأطفالهم، التي وفروا ثمنها قبل مدة طويلة، باعتبار أن الملابس بالنسبة إلى الأطفال هي فرحة العيد، وحتى العيد كلّه.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

تقول ربا أحمد، البالغة 30 من العمر، والمهجَّرة من حماة، وتعيش في مخيمات الدانا، لـ"العربي الجديد": "بالنسبة إلى العيد لم نستطع خلال وجودنا في المخيمات التحضير له، واكتفينا بشراء ملابس للأطفال، علماً أن لدي 5 أولاد كلّفت ملابسهم 150 دولاراً على الأقل. ونحن نحمد الله على كل حال، رغم أننا لم نفعل أي شيء غير شراء ألبسة الأطفال".
وقد تكون غالبية الزيارات في الشمال السوري خلال العيد للمقابر، كما يوضح رائد العمر، وهو عامل يقيم في إدلب، لـ"العربي الجديد"، ويقول: "تتراجع تحضيرات العيد كل عام لدى غالبية سكان شماليّ سورية، وأيضاً بالنسبة إلى عائلتي التي لم تحضّر أي شيء للعيد بسبب قلة الدخل والعمل. لا حلويات ولا ألبسة التي تعتبر كلها حلماً. وقد حاولت بعض العائلات توفير أموال على مدى فترة طويلة لشراء ملابس للأطفال، وحققت نجاحات متفاوتة بحسب الأوضاع السائدة، أما بالنسبة إليّ فليس لدي أطفال، ولن أستطيع أيضاً شراء شيء لنفسي. تعيش عائلات كثيرة في هذا العيد في حزن بسبب فقدانها أقارب في كارثة زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي، وأتخيّل أن زيارات العيد ستكون للمقابر، وستكون أجواؤه حزينة، لأن الزلزال كان كارثة صعبة".
أما علي حمّادة النازح الذي يقيم في مخيم أبي الفداء غربي سرمدا، فيقول لـ"العربي الجديد": "ليس لدي عمل على غرار معظم قاطني المخيم. لم نجر أي تحضيرات للعيد، ولم نشتر ملابس للأطفال. في السابق كانت الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان تمتلئ بالفرح والبهجة والتحضيرات، لكن الوضع يختلف في الوقت الحالي. كنا نحضر الحلويات في السابق، وكانت أمورنا أفضل".
ويتحدث حسين محمد نور المحمد، الإعلامي والمصور الذي يُقيم في مخيم بمنطقة كللي بريف إدلب الشمالي، لـ"العربي الجديد" عن تحضيراته للعيد، ويقول: "أحضرت ألبسة للأطفال، لكنني لم أجهّز حلويات. دفعت ثمناً غالياً لجلب الملابس، والوضع صعب للغاية، فالعمل قليل والغلاء يمنعنا من توفير الاحتياجات. استعدّت العائلات للعيد بالحد الأدنى، والزيارات ستكون للأقارب في المناطق".

الصورة
تطوّق متطلبات الحياة السوريين (عدنان الإمام)
تطوّق متطلبات الحياة السوريين (عدنان الإمام)

ولا تمنع الظروف الصعبة إبراهيم محمد الدرويش من التمسك بطقوس العيد، رغم الواقع الصعب في المنطقة التي يقيم فيها وغلاء الأسعار، وهو يتمسك بالتحضيرات للحفاظ على رمزية العيد وخصوصيته، ويقول لـ"العربي الجديد": "أنا عامل أقيم في مخيمات دير حسان منذ 4 سنوات بعدما تهجرت من ريف إدلب الجنوبي، وجلبت نصف كمية الحلويات، وملابس لأطفالي الأربعة من النوعية الوسط. ونحن نستمر في الاستعداد للعيد كي نفرح به، وجهّزنا حلويات وفطائر، ونحن نحضّر دائماً للعيد، ونزور رغم الأوضاع الصعبة الأقرباء من أعمام وعمات وأخوال وخالات خلال أيامه الثلاثة. بالطبع، نشعر بحسرة على الأوضاع".
في مدينة القامشلي، يترافق العيد مع تحضيرات خجولة تعتبر بالحد الأدنى مقارنة بالأعياد السابقة، فالأسعار والظروف كلها اختلفت، وباتت متطلبات الحياة وأعباؤها تطوّق الأهالي. 
وتقارن سمية الحسين تحضيرات العيد هذا العام بتلك السابقة، وتقول لـ"العربي الجديد": "أجواء العيد هذا العام ليست مثل السابق. كربّة منزل وأم لستة أولاد تجولت في السوق بمدينة القامشلي، واشتريت فقط ملابس لثلاثة أطفال فقط، لأن الأسعار غالية جداً".
تضيف: "في السابق كنا نجتمع مع الأخوات لتحضير كليجة العيد، وذلك قبل أربعة أو خمسة أيام من حلوله. نغلّفها ونحرص على تحضيرها في صباح العيد، ونعمل في شكل متواصل لأيام على تنظيف البيت بالكامل وتجهيز غرفة الضيوف. أما هذا العام، فحصل ذلك بالحد الأدنى، إذ نظفنا المنزل واشترينا بعض السكاكر. هذه كل تحضيراتنا لهذا العام، لا كليجة أو معمول أو حتى كعك".
وتجري تحضيرات العيد في سورية عبر طقوس، أهمها تجهيز الحلويات من الكعك والمعمول والغريبة والسكاكر والحلويات التي تقدم إلى الضيوف خلال تبادل الزيارات، كذلك تشمل تجهيز عيديات الأطفال التي تمثل العيد بالنسبة إليهم، وكذلك الملابس الجديدة والحلويات. 

وتقول أمل البالغة سن الـ52 لـ"العربي الجديد": "هذا العيد لا يقارن بأي عيد سابق. أقيم حالياً وحدي في حمص بعيدة عن كل الأحفاد، ولم أحضّر أي شيء للعيد كما اعتدت سابقاً، حتى إن شقيقاتي يعشن بعيداً عني خارج البلاد وشماليَّها. ما يميّز العيد اجتماع تحضير الحلويات خلال يومين أو ثلاثة أيام قبل حلوله، لكن هذا الطقس أصبح من الماضي، وكل ما نفعله حالياً، شراء قليل من المعمول الجاهز لاستقبال من يأتينا في العيد. في السابق كنت أجهز عيديات للأحفاد، لكن لا أحد يعيش قربي حالياً".

المساهمون