مناوشات إعلامية بين فصائل عراقية مسلّحة حول التصعيد ضد الأميركيين

مناوشات إعلامية بين فصائل عراقية مسلّحة حول عدم المشاركة بالتصعيد ضد الأميركيين

27 نوفمبر 2023
انقسام بين المليشيات بشأن التصعيد العسكري ضد الوجود الأميركي (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

لليوم الثاني على التوالي، تشتبك فصائل عراقية مسلحة عدة إعلامياً حول مسألة المشاركة باستهداف القواعد الأميركية من عدمها، وذلك في تأكيد آخر على الانقسام الحاصل بين المليشيات العراقية ضمن ملف التصعيد العسكري ضد الوجود الأميركي بالعراق.

وكان زعيم جماعة "كتائب حزب الله" العراقية أبو حسين الحميداي، الذي أعلن خفض التصعيد ضد القوات الأميركية في المنطقة تزامناً مع هدنة غزة، قد وجه تحية إلى من سماهم بـ"الإخوة المجاهدين الذين شاركوا في العمليات الجهادية العسكرية"، وحدّد منهم جماعات "أنصار الله الأوفياء"، "حركة النجباء"، "كتائب سيد الشهداء"، "كتائب حزب الله"، فيما استثنى بقية الجماعات المسلحة، ومنها "عصائب أهل الحق"، و"بدر"، وغيرها.

التراشق الإعلامي يتركز على نحو واضح بين مليشيا "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، ومليشيا "كتائب حزب الله"، بعد إعلان الأخيرة وقف التصعيد العسكري تماشياً مع الهدنة في غزة، وتوجيه الفصيل المقرب لإيران انتقادات تجاه فصائل لم تشارك معها.

وقال المتحدث باسم جماعة كتائب "حزب الله" العراقية جعفر الحسيني، في بيان له: "معلوماتنا متطابقة مع ما اعترف به العدو حول حجم وعدد العمليات وتأثيرها، ولم تُسجل لدينا أي عملية يتيمة، ولم نتبنَ أي عملية لم يعترف بها العدو، والفضل ما شهدت به الأعداء"، مؤكداً أن "هذه العمليات كانت لفصائل تم الإعلان عنها، فماذا لو انضمت باقي الفصائل الجهادية للمعركة؟".

مقابل ذلك، عبّرت جماعة "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، عن انزعاجها من تلك التصريحات، معتبرة أنها "غيبت دور جماعات أخرى".

وقال المتحدث العسكري باسم المليشيا جواد الطليباوي إن "المقاومة واجب شرعي ووطني، وأداء هذا الواجب الكبير تكفل به رجال صدقوا مع الله والوطن، كما قدموا أرواحهم ودماءهم دفاعاً عن الأرض والمقدسات".

وأضاف أن "المقاومة لها مقوماتها وركائزها ومبادئها الثابتة الأصيلة، التي لا يحق لكائن من كان أن يتجاوز عليها، ومن المؤسف حقاً ما تم نشره في وسائل الإعلام، من بيان صادر باسم إخوة الجهاد في كتائب حزب الله، لما فيه من تجاوز على ركيزة مهمة في عمل المقاومة، والتي تكفل سرية العمل ومراعاة الظروف الأمنية".

وعلى منصات التواصل الاجتماعي تراشق أعضاء من الجانبين الاتهامات، حيث ترى جماعة "كتائب حزب الله" أن الفصائل التي شكلت أجنحة سياسية لها، وحصلت على مناصب حكومية ووزارات، فضلتها على ما تسميه "المقاومة والجهاد".

وعدّ عضو بارز في لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي تلك التصريحات بأنها انعكاس لغياب منطق الدولة الحقيقية. وأضاف متحدثاً لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "تلك الفصائل اشتبكت إعلامياً، ولا نعلم متى تشتبك على الأرض في أي ملف آخر، ومحاولات التظاهر بالمقاومة لتحقيق مكاسب انتخابية وأجندات خاصة عززت هذا الانقسام، الذي بدأ يظهر بين فترة وأخرى".

وشدد على أن "هذا الانقسام إذ استمر، فسيضع البلاد أمام توجه نحو محورين للفصائل، وهو بكل الأحوال خطير، وقد يتطور، ويتسبب بمشاكل في ما بينها، وهو بالتالي يؤثر على أمن البلاد بشكل عام".

من جهته، اعتبر الناشط في "التيار الصدري" عصام حسين ذلك الجدل "محاولة للعب دور المجاهد"، وقال في تدوينة له على منصة "إكس": "واضح الانزعاج من بعض الفصائل التي لم تشترك في معركة طوفان الأقصى، التي حاولت ركوب الموجة والإيحاء غير المباشر بأنها في وسط المعركة، لكنها لم تقدم أي مساعدة لتحقيق أهداف أكثر تأثيراً ضد الاحتلال الأميركي".

وأضاف: "بالفعل هناك متسع من الوقت لالتحاق هذه الفصائل ونيل شرف المقاومة والتضحية بالمكتسبات الحكومية، من أجل مبادئ وقيم المقاومة التي تأسست عليها، بدل لعب دور المجاهد ودور رجل الدولة الذي يدعم الحكومة المتأثرة بالقرار الأميركي"، متحدياً إياها بالقول "هذا الميدان يا حميدان".

أما الباحث في الشأن السياسي العراقي فراس إلياس، فقد عدّ ذلك شكلاً من أشكال الفشل، وقال في تدوينة له "العراق كيان يُنازع من أجل الحياة، كل شيء فيه مُختلف عليه، ومُختلف فيه.. نظام سياسي وانتخابات وأحزاب وجماعات مسلحة، حتى فعل المقاومة أصبح فيه إشكال بين القائمين عليه، وهذه إحدى أبرز مظاهر فشل الدولة التي يعيشها العراق، فما يجري الآن هو حرب الكل ضد الكل، والبقاء للأذكى".

سياسياً، التقت السفيرة الأميركية في البلاد إلينا رومانسكي، مساء أمس الأحد، وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وبحثا مجمل العلاقات بين الجانبين والملف الأمني، وقالت السفيرة في تدوينة لها: "اجتماع مثمر مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، ناقشنا مجالات التعاون الثنائية والتطورات الإقليمية بما في ذلك توقف القتال في غزة"، مؤكدة أن "الولايات المتحدة والعراق يلعبان دوراً أساسياً في استقرار المنطقة وتقديم المساعدات الإنسانية".

وخلال الأسابيع الخمسة الماضية، شنت جماعات عراقية مسلحة، تُصنف على أنها حليفة لطهران، سلسلة من الهجمات المسلحة بواسطة صواريخ وطائرات مسيّرة استهدفت قواعد ومعسكرات للجيش الأميركي داخل العراق وسورية، رداً على "الدعم الأميركي للاحتلال الإسرائيلي" في العدوان الحالي على غزة، بحسب بيانات متسلسلة نشرتها تلك الجماعات، وتبنت من خلالها تلك الهجمات.

المساهمون