تقديرات إسرائيلية ترصد معيقات تحسين العلاقة مع تركيا

تقديرات إسرائيلية ترصد معيقات تحسين العلاقة مع تركيا

28 ديسمبر 2020
معيقات إقليمية وسياسية تعترض علاقة تركيا وإسرائيل(آدم التان/فرانس برس)
+ الخط -


تفاوتت ردود النخب السياسية الحاكمة والدوائر البحثية ووسائل الإعلام في تل أبيب على التصريح الذي أطلقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة الماضي، والذي أكد فيه أن بلاده معنية "بعلاقات أفضل" مع إسرائيل.
ففي الوقت الذي دعت أوساط إسرائيلية إلى استغلال العرض التركي، فإن أخرى استبعدت حدوث ذلك لوجود معيقات إقليمية وسياسية، فيما طرحت نخب الحكم في تل أبيب شروطاً رأت أن تركيا مطالبة بالوفاء بها قبل تحسين العلاقة معها.
ففي تحليل نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها، الصادر اليوم الإثنين، نبّه الكاتب تسفي بارئيل إلى البعد الإقليمي كعائق يحول دون التقارب التركي الإسرائيلي، مشيراً إلى أن "الخريطة الجيوسياسية تلزم إسرائيل بأن تنسق مواقفها مع كل من الإمارات، السعودية، ومصر، قبل أن ترد على عرض أردوغان".

ولا يبدو أن إسرائيل الرسمية تكتفي فقط بأخذ الاعتبارات الإقليمية في الحسبان في تعاطيها مع تصريح الرئيس التركي، بل إنها تطرح شروطاً على أنقرة يتوجب الوفاء بها قبل إصلاح العلاقة الثنائية. ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، عن وزير إسرائيلي "كبير"، لم تسمه، إن علاقة تركيا بحركة "حماس" تمثل عائقاً إشكالياً أمام إصلاح العلاقة، مدعياً أن أردوغان سمح للحركة بتدشين مقر قيادي لها في بلاده. وأوضح أن العلاقة مع "حماس" تعكس الفرق الكبير بين أردوغان والحكام العرب الذين وقّعت دولهم على اتفاقات تطبيع مع إسرائيل، مشدداً على أنه طالما واصلت تركيا نمط علاقتها الحالي مع حماس "فلن يحدث تطور على العلاقة مع إسرائيل".
وهناك من شكك في النوايا الحقيقية التي تدفع أردوغان لإبداء الحرص على تحسين العلاقات مع إسرائيل حالياً. وقد سبق لإيهود يعاري، معلق الشؤون العربية في قناة "12"، أن حذر من أن عروض الرئيس التركي تمثل مناورة تهدف إلى نسف التحالفات الإقليمية التي نجحت إسرائيل بتكريسها مع كل من قبرص، اليونان، ومصر.
 وحسب يعاري، فإن السعي لتحسين العلاقة مع إسرائيل يعد خطوة استباقية لنتائج الانتخابات الليبية، مرجحاً بأن الرئيس التركي يخشى أن تسفر هذه الانتخابات عن واقع سياسي ليبي لا يسمح بوضع اتفاق ترسيم حدود المياه الاقتصادية مع حكومة طرابلس موضع التنفيذ.
أما بيني أفيفي، الذي عمل سفيراً في أنقرة بين عامي 2003 و2007، وبعد ذلك شغل منصب وكيل مساعد للخارجية الإسرائيلية، ويوصف في تل أبيب بأنه الإسرائيلي الأكثر معرفة بأردوغان، فرأى أنه على الرغم من تعبير الرئيس التركي شخصياً عن رغبته بتحسين العلاقة مع تل أبيب، إلا أن هناك محدداً ثابتاً يحكم توجهه وهو ما يصفه بـ"نهج العثمانية الجديدة التي تتكرس بدفاع أنقرة عن كل مسلمي العالم".

ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن أفيفي قوله إنه ليس في حكم الوارد بالنسبة لتركيا أن يقود تحسين العلاقة مع إسرائيل إلى استئناف العلاقة الأمنية والمناورات (التي كانت ينفذها الجيش الإسرائيلي في تركيا قبل صعود حزب العدالة والتنمية للحكم)، مشدداً على أن أردوغان معني بتطوير العلاقات الاقتصادية مع تل أبيب، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين الطرفين قفز من مليار دولار قبل وصول أردوغان إلى 5 مليارات حالياً. وضمن الأسباب التي يرصدها أفيفي لتفسير التوجه التركي الجديد إشارته إلى التوتر بين أنقرة وطهران والأوضاع في سورية.
أما حاي إيتان كوهين، الباحث المتخصص في "شؤون تركيا الحديثة" في "معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمن"، التابع لجامعة تل أبيب، فرأى أيضاً أن الاعتبار الاقتصادي مركب من منظومة الاعتبارات التي تحكم توجهات أردوغان الأخيرة. ونقلت "يسرائيل هيوم" عن كوهين قوله إن عودة السفير الإسرائيلي إلى أنقرة والقنصل إلى إسطنبول تكتسب أهمية كبيرة لأنها تساعد على توفير بيئة تعزز من قدرة تركيا على تحسين أوضاعها الاقتصادية، لا سيما في ظل ميل الميزان التجاري بشكل كبير لصالح أنقرة.
أما المعلقة كارول فلنسي فعزت رغبة أردوغان بتحسين العلاقة مع إسرائيل إلى "عزلة" تركيا الإقليمية، لا سيما في ظل تأزم علاقة أنقرة بكل مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لكن على الرغم مما تقدم، فإن كل الدلائل تشير إلى أن حالة انعدام الثقة في أردوغان إلى جانب الاعتبارات الأمنية والإقليمية التي تحكم التوجهات الإسرائيلية ستقلص من فرص استجابة تل أبيب للعرض التركي.

دلالات

المساهمون