إسرائيل تغير استراتيجية ضرباتها لأهداف مرتبطة بإيران في سورية

إسرائيل تغير استراتيجيتها في سورية: ضربات أكثر فتكاً لأهداف مرتبطة بإيران

08 يناير 2024
أصبحت إسرائيل "أقل حذراً وضبطاً للنفس" في استهداف أعضاء "حزب الله" بسورية (Getty)
+ الخط -

قالت ستة مصادر مطلعة بشكل مباشر، لـ"رويترز"، إن إسرائيل تنفذ موجة غير مسبوقة من الضربات القاتلة في سورية تستهدف شاحنات بضائع وبنية تحتية، وأفراداً مشاركين في نقل أسلحة إيران إلى جماعات متحالفة معها في المنطقة.

وذكرت المصادر، ومن بينها مسؤول بالمخابرات العسكرية السورية، وقائد في التحالف الإقليمي الذي يدعم الحكومة السورية، أن إسرائيل غيرت استراتيجياتها في أعقاب الهجوم الذي شنه مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وما أعقبه من عمليات القصف الإسرائيلية في غزة ولبنان.

وأوضحت المصادر أنه على الرغم من أن الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى ضرب أهداف مرتبطة بإيران في سورية لسنوات، بما في ذلك المناطق التي تنشط فيها جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، فإنها تنفذ حاليا غارات جوية أكثر فتكا وتواترا، تستهدف عمليات نقل الأسلحة الإيرانية، وأنظمة الدفاع الجوي في سورية.

وقال القائد في التحالف الإقليمي، ومصدران آخران مطلعان على تفكير "حزب الله"، إن إسرائيل تخلت عن "قواعد اللعبة" القائمة على التكتم بشأن ضرباتها في سورية في السابق، ويبدو أنها "لم تعد حذرة" إزاء تكبيد الحزب هناك خسائر فادحة. وأضاف: "لقد اعتادوا إطلاق نيران تحذيرية، كانوا يضربون بالقرب من الشاحنة، فيخرج رجالنا من الشاحنة ثم يضربون الشاحنة" واصفاً الهجمات الإسرائيلية على عمليات نقل الأسلحة التي كانت جماعة حزب الله تقوم بها قبل السابع من أكتوبر. وأردف قائلاً: "انتهى ذلك. إسرائيل تشن الآن غارات جوية أكثر فتكاً وأكثر تواتراً على عمليات نقل الأسلحة الإيرانية وأنظمة الدفاع الجوي في سورية. إنهم يقصفون الجميع مباشرة. إنهم يقصفون من أجل القتل".

وأدت الحملة الجوية المكثفة إلى مقتل 19 من أعضاء "حزب الله" في سورية، منذ ثلاثة أشهر، وهو ما يزيد على ضعف العدد في العام 2023 بالكامل قبل السابع من أكتوبر، وفقاً لمسح لـ"رويترز". كما قُتل أكثر من 130 من مسلحي الحزب جراء القصف الإسرائيلي في جنوب لبنان في الفترة نفسها.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على أسئلة لـ"رويترز" بشأن تصعيد عملياته. وقال مسؤول إسرائيلي كبير للصحافيين، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن "حزب الله" بدأ هذه الجولة من القتال بهجمات يوم الثامن من أكتوبر، وإن الاستراتيجية الإسرائيلية كانت انتقامية.

ورداً على سؤال في الشهر الماضي حول غارة إسرائيلية في سورية، قال قائد جيش الاحتلال إن القوات تعمل في أنحاء المنطقة وتتخذ "كل الإجراءات اللازمة" لإظهار إصرار إسرائيل على الدفاع عن نفسها.

القوات الإيرانية

بدأت إسرائيل منذ سنوات استهداف أهداف مرتبطة بإيران في سورية، لكن مصادر مطلعة على الضربات قالت إنها بدت وكأنها تتجنب قتل أعضاء "حزب الله" قدر الإمكان.

وقال ضابط مخابرات إقليمي إن إسرائيل تخشى أن يؤدي ارتفاع عدد الضحايا إلى إثارة رغبة الحزب في لبنان في الانتقام من القرى الإسرائيلية المجاورة للحدود. وأضاف الضابط أنه مع استمرار تبادل إطلاق النار بين الجانبين بشكل يومي في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، فإن إسرائيل تنوي أن تكون "أقل حذرا وضبطا للنفس" في قتل أعضاء "حزب الله" اللبناني في سورية.

وقال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، في خطاب بثه التلفزيون في 5 يناير/ كانون الثاني، إن الجماعة فقدت عدداً من المقاتلين جراء القصف الإسرائيلي في سورية في عدة أماكن في الأشهر الثلاثة الماضية. وأضاف أن الجماعة كانت تتبع نهجاً قبل عملية طوفان الأقصى يقضي بالرد على قتل أي من أعضائها في سورية عبر الحدود اللبنانية، والتي كانت هادئة حينها. لكن بسبب التطورات الحالية، تغيرت شروط هذا النهج.

وقال قائد في التحالف الموالي لسورية إن ضربة نفذتها طائرة مسيّرة إسرائيلية، في 8 ديسمبر/ كانون الأول، أودت بحياة ثلاثة مقاتلين من الحزب كانوا يخططون لتنفيذ عمليات محتملة في شمال فلسطين المحتلة، كما استهدفت ضربة أخرى مدينة القنيطرة في جنوب سورية اثنين من مقاتلي "حزب الله" المسؤولين عن نقل الأسلحة. وقُتل أربعة آخرون في أواخر ديسمبر جراء ضربة على مبان وشاحنات تستخدمها جماعات مسلحة متحالفة مع إيران على طول الحدود الشرقية لسورية مع العراق.

واستهدفت الغارات أيضاً الحرس الثوري الإيراني في سورية. وتسببت ضربة، في أوائل ديسمبر، في مقتل اثنين من أعضاء الحرس وضربة أخرى في 25 ديسمبر، أودت بحياة مستشار كبير في الحرس كان يشرف على التنسيق العسكري بين سورية وإيران.

وقال مصدر مطلع على تفكير "حزب الله" وعملياته في سورية: "لم يكن سيتعرض للقتل قبل الواقع الجديد الذي دخل حيز التنفيذ بعد السابع من أكتوبر".

تهديد للأسد

استهدفت غارات جوية منفصلة بنية تحتية عسكرية في جنوبي سورية، منها قاعدة دفاع جوي، في 28 ديسمبر، بعدما استهدفت غارة أخرى نظاماً للدفاع الجوي.

وقال ضابط مخابرات سوري إن الغارات أصابت معدات دفاعية قبل أن تتمكن القوات من إدخالها للخدمة. وأصبحت المطارات في العاصمة السورية دمشق وشمالي حلب، والتي تستخدمها إيران لنقل الأسلحة، خارج الخدمة بصورة شبه مستمرة بسبب الضربات.

وقال ضابط المخابرات الإقليمي: "إسرائيل تقول للرئيس السوري بشار الأسد: أنتم تسمحون للإيرانيين وحزب الله بنقل الأسلحة وتعزيز قدراتهم، لذلك سنضرب المطارات التي تمثل شرياناً للحياة لكم وستجدون أنفسكم في مأزق".

وأكدت إسرائيل مراراً أنها لا تسعى لفتح جبهة حرب ثانية في لبنان أو سورية.

ورغم تكثيف الغارات الإسرائيلية، فإن الجيش السوري، الذي اعتمد بشكل كبير على "حزب الله" وإيران في خوض الحرب الأهلية، لم يفتح جبهة خاصة به.

وقال ضابط المخابرات السوري: "لا نريد أن نضع أنفسنا في مواجهة أو حرب مفتوحة مع إسرائيل"، فيما ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة لـ"رويترز" أن الأسد لم يتخذ أي إجراء لدعم "حماس" بعد تهديدات إسرائيلية.

وقال اثنان من المصادر إن الإمارات نقلت التهديدات الانتقامية عن إسرائيل، بينما نفى مسؤول إماراتي هذه الأنباء قائلاً إنّ "لا أساس لها من الصحة". ولم تتلق وكالة رويترز رداً من وزارة الإعلام السورية للتعليق على الخبر.

وقال المصدر الثالث إنّ الرسالة كان لها صدى لدى "حزب الله". وأضاف: "أخذ حزب الله التهديد على محمل الجد لأنه سيكلفه كل ما بناه في سورية خلال السنوات الأخيرة".

(رويترز)

المساهمون