أوروبا عالقة بين واشنطن وبكين حول كورونا بمجلس الأمن

أوروبا عالقة بين واشنطن وبكين حول كورونا في مجلس الأمن

14 مايو 2020
صراع بمجلس الأمن بين الأعضاء الدائمين وغير الدائمين (الأناضول)
+ الخط -

وقعت أوروبا ضحية جانبية لاختبار القوة الجاري بين الصين والولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي حول وباء كورونا، إذ باتت منقسمة بين مسودتي قرار تدعوان إلى وقف لإطلاق النار في العالم لمساعدة الدول التي تشهد نزاعات على مكافحة الفيروس.

فمن جهة، تسعى فرنسا جاهدة، منذ شهرين، لانتزاع تسوية بين الصين والولايات المتحدة حول نص طرحته مع تونس بهذا الصدد، فيما طرحت إستونيا وألمانيا من جهة أخرى، الثلاثاء، مسودة قرار منافس يتبنى الموقف الأميركي.
وقال دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه، منتقداً النص الثاني: "الجميع يعرف من يقف خلف المسودة الجديدة"، في وقت بحث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو هذه المسألة، يوم الثلاثاء ذاته، مع نظيره الإستوني أورماس راينسالو.
وقال دبلوماسي آخر إن الأميركيين هم الذين دفعوا إلى انقسام أوروبا، مشيراً إلى أنهم نجحوا في ذلك، متسائلاً عن دور برلين في هذه المناورة.
وأوضح ريتشارد غوان، من "مجموعة الأزمات الدولية"، أن "إستونيا وألمانيا تحاولان فقط إصلاح ما أفسدته الولايات المتحدة"، فيما اعتبر دبلوماسي في الأمم المتحدة أن "الأوروبيين موحدون حول جوهر المسألة، ومختلفون حول النهج".

وسعياً للخروج من المأزق، اقترحت إستونيا التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، مع ألمانيا، خلال اجتماع الثلاثاء، نصاً منافساً للنص الفرنسي التونسي، يتمحور حول الدعوة إلى وقف الأعمال الحربية، دون أن يتضمن أي ذكر لمنظمة الصحة العالمية.
وهددت الصين، على مدى شهرين، باستخدام حق النقض ضد أي نص يخلو من أي إشارة إلى منظمة الصحة العالمية، في حين هددت الولايات المتحدة بعرقلة أي نص يذكر الوكالة الأممية التي تتهمها بقلة الشفافية. ويتضمن النص الفرنسي التونسي إشارة إلى "وكالات متخصصة في مجال الصحة".

صراع متصاعد
وأثارت مبادرة إستونيا وألمانيا التي طُرحت بدون التشاور مسبقاً مع فرنسا، بحسب بعض المصادر، استياء العديد من أعضاء مجلس الأمن، على ما أفاد عدة دبلوماسيين وكالة "فرانس برس".
وقال أحدهم إن الأمر سيكون "في غاية الصعوبة" بالنسبة للنص الثاني. وقال ريتشارد غوان إن "الفرنسيين ليسوا مسرورين (...) لكن لم يعد أي من أعضاء المجلس يعتقد أن قراراً سيحدث أي فرق في المرحلة الراهنة"، مشيراً إلى استئناف المعارك قبل شهرين في ليبيا واليمن وأفغانستان.
وأكد أنه "حان الوقت لوقف هذا الجدل غير المجدي". ولا تزال باريس وتونس تؤكدان عزمهما على التوصل إلى اتفاق حول نصهما، لكن هامش المناورة أمامهما يبدو محدوداً بوجه معارضة واشنطن الصريحة.
والحقيقة أن "لا الصين ولا الولايات المتحدة تريدان قراراً" يدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في 23 مارس/ آذار، إلى وقف إطلاق نار في النزاعات في العالم، برأي دبلوماسي اعتبر أن أياً من البلدين "لا يريد منح قسم من نفوذه الواسع" للأمين العام للأمم المتحدة الذي يعتزم البلدان إبقاءه "تحت السيطرة".
وترى عدة مصادر في الانقسام الأوروبي مؤشراً إلى صراع متصاعد في مجلس الأمن بين الأعضاء الدائمين، وبينهم فرنسا، والأعضاء غير الدائمين، ومنهم ألمانيا وإستونيا.
وتعمدت باريس، على مدى عدة أسابيع، التفاوض حصراً مع الدول الأخرى الدائمة العضوية. وإزاء بطء التقدم، نفد صبر الدول العشر غير الدائمة التي كانت قد طرحت نصاً تم دمجه في إبريل/ نيسان مع المسودة الفرنسية.

وأوضح ريتشارد غوان أن الدول الأوروبية الثلاث ترى الأمور من منظار مختلف. وقال إنّ "فرنسا بحاجة إلى الحفاظ على مكانتها الخاصة داخل مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في حين "تريد ألمانيا إثبات أن مجلس الأمن لاعب فعلي في مكافحة الوباء".
وتابع أنه "لأسباب أمنية، تحرص إستونيا على عدم إثارة استياء الولايات المتحدة مع الحرص على التصرف من موقع الرئيسة المسؤولة لمجلس الأمن الساعية للتوصل إلى اتفاق". وحصل الخلاف في وقت تتولى أوروبا رئاسة مجلس الأمن لثلاثة أشهر. فبعد إستونيا، تنتقل الرئاسة لفرنسا في يونيو/ حزيران، ثم ألمانيا في يوليو/ تموز.
وكان من المقرر الاحتفال بـ"ربيع أوروبي" في مجلس الأمن، خلال مؤتمر صحافي مشترك، اليوم الخميس، غير أنه تم إلغاء ذلك، في وقت متأخر مساء الأربعاء.

(فرانس برس)

المساهمون