حفتر وحلفاؤه في مأزق: تظاهرات شكلية للبقاء في المشهد

حفتر وحلفاؤه في مأزق: تظاهرات شكلية للبقاء في المشهد

25 ابريل 2020
نجحت قوات الحكومة في الإمساك بمبادرة الهجوم (محمود تركية/الأناضول)
+ الخط -

بعد تراجع فرص اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بالحسم العسكري في ليبيا، إثر التقدّم الذي حققته حكومة الوفاق ميدانياً في الفترة الأخيرة، لجأ وحلفاؤه في مصر والإمارات والسعودية إلى خطة بديلة، سبق استخدامها في القاهرة في 30 يونيو/ حزيران 2013، عبر الانقلاب على الرئيس المنتخب وقتها محمد مرسي، عن طريق تحريك تظاهرات مفتعلة ضده، تلاها تدبير حشود لمطالبة وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي بتسلّم زمام الأمور.

ومع الانهيار الأخير لمليشيات حفتر في المحاور القتالية حول العاصمة طرابلس، وخسارتها مدن الساحل الغربي، ومقتل المئات من المسلحين السودانيين والتشاديين في صفوفها، وتدمير العشرات من الآليات العسكرية الممنوحة من القاهرة وأبوظبي، باشر حفتر في تحريك بعض المتظاهرين في مدينة بنغازي أمام منزله لمطالبته بـ"تسلّم زمام الأمور"، مع تشغيل آلة إعلامية داعمة له لتصوير الأمر بالمطلب الجماهيري، والسعي لحشد دعم غربي له يمكّنه من دور رسمي خلال الفترة المقبلة. وكان حفتر قد وعد حلفاءه مطلع العام الماضي بقدرته على الحسم العسكري في غضون أسابيع قليلة في حال دعمه في حملة عسكرية على العاصمة طرابلس، والإطاحة بحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، فورّطهم في معركة مفتوحة ما زالت مستمرة منذ إبريل/ نيسان 2019 وصلت إلى حدّ تكبّد خسائر كبيرة لحفتر وداعميه، لا سيما بعد دخول تركيا على خط الأزمة، وتوقيعها اتفاقيتين أمنية وبحرية مع حكومة الوفاق.

في السياق، أفادت مصادر على اطلاع وثيق على الأزمة الليبية، لـ"العربي الجديد"، بأن "حلفاء حفتر في مأزق كبير مع استمرار المعارك وتحول موقف حكومة الوفاق من الدفاع على مدار عام إلى الهجوم وبدء طرد المليشيات من المدن التي استولت عليها"، مضيفة أن "الأمر بات يحتاج مزيداً من التمويل لا للتخلص من حكومة الوفاق كما كان يروج حفتر، بل لعدم سقوطه وباقي ليبيا تحت سيطرة الحكومة، في ظل الحديث عن تطلعات تركية في دعم حكومة الوفاق لبسط سيطرتها على مجمل الأراضي الليبية. في المقابل، تعاني خزائن داعمي حفتر من أزمة اقتصادية عاصفة بسبب وباء كورونا، وانهيار أسواق النفط، ما يصعب عملية الدفع بمزيد من الإمدادات العسكرية، فضلاً عن تمويل نفقات المقاتلين، وهو الأمر الذي بدأت تبعاته تظهر في تفلت بعض هؤلاء ومطالبتهم برواتبهم التي تأخرت خلال الفترة الماضية، أمام ضراوة المعارك ومقتل العديد منهم".

وأشارت المصادر إلى أن "الأمر تحول من الإطاحة بحكومة الوفاق وبسط سيطرة حفتر على ليبيا بالكامل، إلى كيفية وقف تقدم حكومة الوفاق، ومن ورائه وقف التوغل التركي في المنطقة، وتهديده للنفوذ المصري والإماراتي والسعودي"، موضحة أن مخاوف حلفاء حفتر تتصاعد في الفترة الراهنة أيضاً بسبب القلق بشأن الوضع الصحي لقائد مليشيات شرق ليبيا، معتبرة أن "حفتر وضع الجميع في مأزق".

يأتي ذلك في وقت تحدثت فيه مصادر ميدانية ليبية تابعة لحكومة الوفاق، عن بدء تزويد تركيا لقوات الحكومة بطائرات مسيّرة متطورة من طراز "أنكا" التي تتمتع بقدرات تفوق كثيراً طائرات "بيرقدار" المستخدمة حالياً في العمليات في ليبيا، إذ يمكن التحكم بها عبر الأقمار الاصطناعية مباشرة والوصول إلى أقصى نقطة في الشرق الليبي حيث مقر حفتر، بالإضافة لقدرتها على البقاء في الجو 24 ساعة متواصلة، وتتميز بكونها محصّنة إلى حد كبير ضد التشويش. وأكدت المصادر أن دخول هذه النوعية من الطائرات المسيّرة سيبدّل الموازين بشكل كامل، وسيبسط سلاح الجو التابع لحكومة الوفاق سيطرته على كامل أجواء ليبيا لا المنطقة الغربية فقط.

في غضون ذلك، أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج رفضه عملية "إيريني" الأوروبية لمراقبة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا. وأكد السراج في رسالة لمجلس الأمن أنه لم يجرِ التشاور مع حكومة الوفاق بشأن العملية العسكرية كما تنصّ قرارات مجلس الأمن. وأوضح أن عملية الاتحاد الأوروبي تغفل مراقبة الجو والحدود البرية الشرقية لليبيا، التي تؤكد التقارير تدفق السلاح والعتاد عبرها لدعم حفتر. كما راسل السراج مجلس البرلمان الأوروبي بمضمون مشابه جاء فيه "نبلغكم باعتراض حكومة الوفاق على خطة الاتحاد الأوروبي بشأن مراقبة حظر توريد الأسلحة". وأبلغهم أسفه قائلاً "كنا نتوقع من دول الجوار الأوروبي أن تطبق قرار مجلس الأمن رقم 1970 (2011) بشأن حظر توريد السلاح إلى ليبيا".


المساهمون