ماذا وراء تعمد قطع الكهرباء عن الشيخ زويد؟

ماذا وراء تعمد قطع الكهرباء عن الشيخ زويد؟

22 ابريل 2020
هجّر الجيش غالبية سكان الشيخ زويد (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
فجّر مسلحون مجهولون، يُعتقد انتماؤهم لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، أمس الثلاثاء، خطوط الكهرباء المؤدية إلى مدينة الشيخ زويد في محافظة شمال سيناء، ومنها إلى مدينة رفح، التي هجّر الجيش غالبية سكانها. وهذا التفجير هو الثاني من نوعه الذي يستهدف هذه الخطوط في غضون شهر، ويهدد المسلحون في رسائل يتركونها بمكان التفجير، أيّ شخصٍ يحاول إصلاح الخطوط المعطلة، فيما يؤدي هذا الفعل إلى قطع الكهرباء عن آلاف المواطنين الذين ما زالوا يقطنون الشيخ زويد على الرغم من ظروف الحياة الصعبة فيها. أما حُجّة المسلحين في استهدافهم، فهي وصول التيار الكهربائي لمواقع الجيش المصري وثكناته العسكرية في المنطقة.

وقالت مصادر قبلية وشهود عيان لـ"العربي الجديد"، إن مسلحين مجهولين يعتقد انتماؤهم لـ"ولاية سيناء"، يستهدفون بين الفينة والأخرى أعمدة الكهرباء التي تمد مدينة الشيخ زويد وأطراف مدينة رفح بالكهرباء. وأوضحت المصادر أن الاستهدافين الأخيرين، هما للخط "جهد 22" الذي تمّ إنجازه أخيراً، بجهود هندسة كهرباء مدينة الشيخ زويد، وبدعمٍ من بعض الجهات المحلية، في سبيل حلّ أزمة الكهرباء التي استمرت في الانقطاع لأشهر طويلة عن سكان المدينة، إلا أن الخطوط الجديدة لم تسلم من يد التنظيم الذي تعمد استهداف أعمدتها، ما أدى إلى عودة الظلام.


ويعيش المواطنون في مدينة الشيخ زويد معاناة متشعبة، بحسب المصادر، في ظلّ ارتباط عمل آبار المياه بوجود الكهرباء، بالإضافة إلى أن طلاب الثانوية العامة الذين يقدمون امتحانات ومراجعات إلكترونية، باتوا بعيدين تماماً عن شبكة التعليم، في ظلّ انقطاع الكهرباء وما يرافقها من انقطاع الاتصالات والإنترنت. ولفتت إلى أن أهالي المدينة ينتظرون حلّاً جذرياً لهذه الأزمة بتوفير التأمين اللازم لخطوط الكهرباء، إلا أنهم في الوقت ذاته يرون صعوبةً في ذلك، إذ إنه حتى كمائن الجيش لم تعد تستطيع حماية نفسها، مع استمرار هجمات تنظيم "ولاية سيناء" في مدن رفح والشيخ زويد وبئر العبد. وحذّرت المصادر من إمكانية امتداد الأزمة لتطاول المؤسسات الصحية المتبقية في المدينة، وكذلك المحال التجارية، والبضائع، خصوصاً في ظل مواجهة فيروس كورونا، وضرورة أخذ الاحتياطات الصحية الشخصية اللازمة.

ويرى بعض سكان مدينة الشيخ زويد أن الضغوط التي يتعرضون لها في المدينة، تهدف إلى إجبارهم على تركها، من خلال إيقافٍ كاملٍ لمقومات الحياة، بالتزامن مع تردي الوضع الأمني، وعدم توافر أي مؤسسات صحية في القرى المحيطة بالمدينة، بالإضافة إلى ضعف المؤسسات التعليمية التي خرجت عن الخدمة منذ سنوات، وعدم توافر شبكات اتصالات وإنترنت بمستوىً جيد، عدا عن ضعف الأسواق في المدينة، في ظل عدم السماح بإدخال البضائع والخضروات إلا بتنسيقٍ أمني عبر كمين الريسة الرابط بين مدينتي العري والشيخ زويد.

وقال مصدر مسؤول في هندسة كهرباء مدينة الشيخ زويد، لـ"العربي الجديد"، إن الهندسة تمكنت بجهود ذاتية، ومخاطرة عالية جداً، في ظلّ إمكانية التعرض لإطلاق نار سواء من قوات الجيش أو "ولاية سيناء"، من تركيب وتجهيز خط "جهد 22" الجديد، والذي يخدم سكان مدينة الشيخ زويد بالدرجة الأولى، وبعض مناطق مدينة رفح. لكنه أضاف أن فريق العمل "تفاجأ بتعمد استهداف الخط من قبل مسلحين مجهولين، عبر تفجير الأعمدة التي تحمله، مع وضع رسائل تهديد بالاستهداف في حال العمل على إصلاحها، بحجة أن تلك الخطوط تمد مواقع الجيش المصري بالكهرباء، على الرغم من أن كل كمائن الجيش المصري لديها كهرباء بديلة، ومولدات كهرباء".

ورأى المصدر أنه "في حال تكررت التفجيرات، وهو أمر وارد جداً خلال الفترة المقبلة في ظل نشاط تنظيم ولاية سيناء في مناطق جنوب رفح والشيخ زويد، تصعب إعادة الصيانة، نظراً لارتفاع منسوب المخاطرة، وقلة الإمكانيات لدى هندسة الشيخ زويد، ما يدفعنا إلى وقف الصيانة، والاتجاه نحو وقف العمل في الخط الحالي، والبحث عن بدائل". أما بالنسبة لهذه البدائل، فأكد المصدر أن العمل حولها "قد يستمر لأشهر طويلة، وبالتالي فإن أقصر الطرق للأزمة الراهنة تتمثل في السعي لإيجاد التأمين اللازم لخطوط الكهرباء، وإجبار جميع الأطراف على تحييد أساسيات الحياة كالكهرباء والمياه عن مسرح العمليات العسكرية، بما يضمن بقاء المواطنين على قيد الحياة لارتباط كل مقومات الحياة في المدينة بالكهرباء الواصلة عبر خطوطها التي تتعرض للهجمات".