"ولاية سيناء" يضرب في بئر العبد: فتح جبهة جديدة؟

"ولاية سيناء" يضرب في بئر العبد: فتح جبهة جديدة؟

16 مارس 2020
يأتي الهجوم بعد تغيير الجيش لقواعد الانتشار(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

حالة من القلق والفزع تركتها محاولة تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، اغتيال مأمور قسم شرطة بئر العبد العقيد وائل بهجت، مساء السبت الماضي، في أول هجوم مسلح ينفذه التنظيم في قلب مدينة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء، وليس أي هجوم، بل محاولة اغتيال مسؤول أمني بحجم مأمور قسم شرطة في مدينة كبيرة، على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي تم اتخاذها أخيراً في سيناء، وفي مدينة بئر العبد خصوصاً، بعد انتشار مجموعات التنظيم الإرهابي في مناطق واسعة على أطراف المدينة، واستهدافه قوات الأمن والمتعاونين معها. إلا أن التطور الأخير بمحاولة الاغتيال يشكل منعطفاً مهماً في تاريخ العمليات العسكرية في سيناء بأكملها.

وفي التفاصيل، قالت مصادر قبلية وشهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إن مسلحين يعتقد أنهم ينتمون إلى تنظيم "ولاية سيناء" هاجموا سيارة مأمور قسم بئر العبد العقيد وائل بهجت، مساء السبت، في مدينة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء شرقي مصر، إلا أنه نجا بأعجوبة. وأضافت المصادر أن المسلحين استهدفوا سيارة بهجت أثناء وجوده أمام أحد الأماكن العامة في المدينة، إلا أن الرصاصات أصابت سائقه، مشيرة إلى أن قوات الشرطة هرعت إلى مكان الهجوم وشرعت في أعمال تمشيط بحثاً عن المنفذين. وأعلنت في وقت لاحق مصادر طبية في مدينة بئر العبد مقتل سائق المأمور نتيجة تعرضه لرصاصات عدة عن قرب.

وأوضح شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، أن عدداً من المسلحين كانوا يستقلون سيارة أطلقوا النار صوب سيارة المأمور، أثناء وقوفها أمام إحدى صيدليات المدينة، إلا أن العقيد بهجت كان موجوداً داخل الصيدلية وبقي مختبئاً داخلها إلى حين انسحاب المسلحين من المنطقة من دون أن يطلق عليهم النار لإنقاذ المرافقين له في السيارة. وبحسب الشهود فإن قوات الشرطة وصلت إلى مكان الهجوم بعد أكثر من ثلث ساعة، ما ساعد المنفذين على الانسحاب بأريحية خارج نطاق المنطقة، فيما لم تتمكن قوات الأمن من الوصول لأي معلومات بخصوصهم حتى هذه اللحظة، بينما جرى تشديد الإجراءات الأمنية داخل المدينة ومحيطها خوفاً من تكرار هجمات التنظيم خلال الساعات المقبلة.

وتأتي هذه الهجمات بعد تسريبات إعلامية عن مصادر أمنية في سيناء أن قوات الجيش والشرطة تمكنت من تنفيذ ضربات قاصمة لتنظيم "داعش" في نطاق مدينة بئر العبد، في أعقاب استهدافه عدداً من المدنيين المتعاونين مع الأمن، وتهديده العشرات بالقتل في حال استمرارهم بالعمل مع قوات الجيش والشرطة، ما دفع عشرات السكان إلى ترك منازلهم في بعض القرى جنوب بئر العبد، والنزوح في اتجاه مركز المدينة، خوفاً من تنفيذ التنظيم لتهديداته الجديدة. ودفع هذا الأمر قوات الجيش إلى إرسال تعزيزات عسكرية لمناطق جنوب وشرق بئر العبد، وشن حملات عسكرية، بغطاء جوي ومدفعي.


إلا أن الحادثة الأخيرة وسط مدينة بئر العبد تشير إلى أن الضربات لم تحقق أهدافها في إخضاع التنظيم وحثه على الانسحاب من مناطق بئر العبد، إذ كان رده بالضرب في قلب المدينة، للمرة الأولى في تاريخ العمليات العسكرية المستمرة منذ عام 2013. وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن محاولة الاغتيال في مدينة بئر العبد تمثّل ضربة نوعية لتنظيم "ولاية سيناء" ضد المنظومة الأمنية بأكملها، وليس الشرطة وحدها، لأن في ذلك تمدداً جغرافياً خطيراً للتنظيم لمسافات بعيدة داخل سيناء، وفي مدينة لطالما كانت هادئة نسبياً، وأخيراً ساد التوتر أطرافها، وبعد وقت قصير من إعلان قوات الجيش سيطرتها الميدانية على بؤر انتشار "ولاية سيناء" جنوب المدينة خلال الأيام الماضية. وأضاف أن المحاولة تأتي في ظل الحديث عن تغيير الجيش لقواعد الانتشار واستراتيجيات التعامل مع التنظيم، في سبيل خفض الخسائر البشرية والمادية، إلا أن النتائج كانت عكسية للغاية، بهجوم نوعي داخل بئر العبد، ليضاف قلب المدينة إلى نطاق هجمات التنظيم إلى جوار رفح والشيخ زويد والعريش، التي لطالما كانت مسرحاً للهجمات المتنوعة للتنظيم على مدار السنوات السبع الماضية.

ورأى الباحث، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لوجوده في سيناء، أن ما حدث في بئر العبد ليلة السبت يؤسّس لمرحلة جديدة من انتشار التنظيم، وفتح جبهة ستكون صعبة بالتأكيد على قوات الأمن في داخل بئر العبد، لعدم وجود خطة دفاع عن قلب المدينة من هجمات التنظيم، الذي كان قد طبّق السيناريو نفسه في هجومه على قلب المدن، خصوصاً مدينة العريش التي كان التنظيم ينشر، في عام 2017، حواجز عسكرية في أكبر ميادينها وسط المدينة التي تعدّ عاصمة محافظة شمال سيناء. ولفت إلى أن قوات الأمن التي كانت منتشرة داخل مدينة العريش لم تستطع السيطرة على الموقف، وكذلك قوات الجيش التي عززت وجودها داخل المدينة في وقت لاحق، متوقعاً أن يستغل التنظيم الضعف الأمني داخل بئر العبد خلال الفترة المقبلة لتنفيذ مزيد من الهجمات التي توقفت في مراكز مدن رفح والشيخ زويد والعريش في الفترة الأخيرة.

المساهمون