مليشيات: مدير المخابرات العراقية تواطأ لاغتيال سليماني.. والمخابرات ترد

الكاظمي... رئيس المخابرات العراقية في مرمى نيران المليشيات بشأن اغتيال سليماني والمهندس

03 مارس 2020
المخابرات اعتبرت الاتهامات "تهديداً للسلم الأهلي" (أحمد الربيع/فرانس برس)
+ الخط -
عاد اسم مصطفى عبد اللطيف الكاظمي، مدير جهاز المخابرات العراقية، إلى الواجهة، ليس من بوابة ترشيحه لرئاسة الحكومة العراقية هذه المرة، وإنما من خلال قضية اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وقائد مليشيا "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، بضربة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع العام.


اتهام ثقيل

وبعد انسحاب محمد توفيق علاوي من مهمة تشكيل الحكومة العراقية الأحد، واضطراب المباحثات السياسية بشأن اختيار البديل، شنّ حساب على "تويتر" باسم "أبو علي العسكري"، وهو معروف بحديثه باسم مليشيا "كتائب حزب الله في العراق"، هجوما على الكاظمي، متهماً إياه بالتعاون من أميركا في قضية تصفية سليماني والمهندس.

وجاء في التغريدة، عقب تداول تقارير صحافية عراقية، نقلاً عن كتل سياسية، اسم مصطفى الكاظمي كمرشح مرتقب لتشكيل الحكومة، عقب اعتذار علاوي، أن "ترشيح الكاظمي لرئاسة الوزراء يعد إعلان حرب.. وسيحرق ما تبقى من أمن العراق".

يشار إلى أن "كتائب حزب الله" العراقية تتولى مهمات الاستخبارات والتحقيقات والإدارة داخل هيئة "الحشد الشعبي"، كما أن مديرية إعلام "الحشد" خاضعة لنفوذها، وقد حدث في غير مرة أن تحدّت شخصيات عراقية، مثل رئيس "الحشد الشعبي" فالح الفياض، والرئيس العراقي برهم صالح، علما أنها وضعت على قائمة العقوبات الأميركية سنة 2009. 

المخابرات ترد

ولم يتأخر رد المخابرات العراقية التي يديرها الكاظمي، التي أكدت، في بيان لها، أن "الجهاز يودّ الإشارة إلى أن المَهمات الوطنية التي يقوم بها لخدمة الوطن والشعب ليست خاضعة للمزاجيات السياسية، ولا تتأثر باتهامات باطلة يسوّقها بعض من تسول له نفسه إيذاء العراق وسمعة أجهزته الأمنية"، مشددا على أن" لجهاز المخابرات الوطني العراقي الحق في الملاحقة القانونية لكل من يستخدم حرية الرأي لترويج اتهامات باطلة من الخارجين على القانون".

واعتبر جهاز المخابرات العراقية، اليوم الثلاثاء، تلك الاتهامات التي وجهت للكاظمي حول التواطؤ مع الأميركيين لاغتيال سليماني والمهندس "تهديدا للسلم الأهلي في العراق". 

مليشيات ترفض الكاظمي لرئاسة الحكومة

وطُرح اسم الكاظمي من بين ثلاثة مرشحين، إلى جانب فائق الشيخ علي ورحيم العكيلي، لمنصب رئيس الحكومة العراقية المؤقتة عقب استقالة عادل عبد المهدي، وبات منافساً لنظرائه بعد أن كتبت صفحة "صالح محمد العراقي" على "فيسبوك"، وهي مقربة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أن المتظاهرين يتداولون أسماء مرشحين لمنصب رئيس الوزراء، وقد وضع العراقي اسمه على رأس قائمة المرشحين الأبرز الذين يحظون بقبول الشارع.

وبالرغم من تأكيدات سياسية بأن الأحزاب السياسية العربية السنية والكردية وتحالف "سائرون" التابع للصدر توافق على ترشيح الكاظمي، إلا أنه لم يحظ بقبول كبير خلال عملية المباحثات الحزبية التي جرت خلال الأسابيع الماضية، والتي أسفرت عن اختيار محمد توفيق علاوي للمنصب، بسبب رفض كبير قوبل به من قبل فصائل مسلحة، أبرزها "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"العصائب" وغيرها، لأنه، بحسب ما يقول سياسيون، "يؤمن بالجيش العراقي ويرفض وجود غيره في البلاد، في إشارة الى فصائل "الحشد الشعبي"، ما اعتبر أنه "من بين العاملين على تفكيك فصائل "الحشد"، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى اعتباره من المحسوبين على المعسكر الغربي لا الإيراني".

 

من "صحافي مغمور" إلى رئيس المخابرات

لم يستغرق الكاظمي ليتحول من كاتب وباحث في الشأن العراقي، بصحف ومواقع عربية وأميركية، إلى مدير جهاز المخابرات العراقي، سوى سنوات قليلة، عمل خلالها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي على أن يرفعه إلى الجهاز الأمني الأخطر في البلاد، في وقتٍ كانت تشهد فيها البلاد حرباً ضروساً ضد تنظيم "داعش" الإرهابي الذي احتل مدن شمال وغرب العراق، إلى أن طُرح اسمه لمنصب رئيس الحكومة العراقية المؤقتة بعد استقالة عبد المهدي.

ولد الكاظمي في بغداد عام 1967، وهو يحمل شهادة بكالوريوس في القانون، وعاش معظم حياته خارج العراق معارضاً نظام صدام حسين.

وتقول مصادر عراقية إنه "انتسب فعلياً لحزب الدعوة الإسلامية في ثمانينيات القرن الماضي، وكان صديقاً للعبادي في سنوات العيش في بريطانيا".

وبحسب معلوماتٍ حصلت عليها "العربي الجديد" عن الكاظمي، فقد عمل بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 رئيساً لتحرير مجلة "الأسبوعية" التي كان يملك امتيازها رئيس جمهورية العراق الحالي برهم صالح، ثم اشتغل كاتباً ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع "مونيتور"، الأميركي، وركّزت مقالاته على ملفات السلم المجتمعي في العراق، فيما كشف العديد من الإخفاقات التي صاحبت تجربة النظام السياسي العراقي بعد 2003، بعدها توجّه نحو العمل المدني، حين أدار من بغداد ولندن مؤسسة "الحوار" الإنساني، وهي منظمة معنية بحل الأزمات سلمياً والتثقيف في مجالات نبذ العنف.

وفي يونيو/ حزيران 2016، عيَّن حيدر العبادي الصحافي مصطفى الكاظمي مديراً عاماً لجهاز المخابرات، إبان سيطرة تنظيم "داعش" على مدن عدة في شمال وغرب العراق، بعد إقالة مديرها اللواء زهير الغرباوي، بعد أن كان الكاظمي وكيلاً للجهاز لشؤون العمليات.

وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن "أول ما قام به الكاظمي أنه عزل الضباط الموالين لإيران، وتحديداً من منظمة "بدر"، الذين سيطروا على الجهاز لسنوات، كما أنه ألغى "شعبة إيران"، التي كان يديرها ضابط من أصل عراقي ينتمي إلى الحرس الثوري الإيراني".