مواجهة "صفقة القرن" أمام مجلس الأمن: حراك بلا نتيجة

مواجهة "صفقة القرن" أمام مجلس الأمن: حراك بلا نتيجة

10 فبراير 2020
يؤكد المشروع على حدود 1967 (عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -

تنقل السلطة الفلسطينية مساعيها لمواجهة الخطة الأميركية الهادفة إلى تصفية قضية فلسطين، والمعروفة بـ"صفقة القرن"، إلى مجلس الأمن الدولي، حيث يقدّم الرئيس محمود عباس يوم غدٍ الثلاثاء الموقف الرسمي من الخطة، بالتوازي مع تصويتٍ متوقّع للمجلس على مشروع قرار دولي، كان من المفترض أن يدين هذه "الصفقة"، قبل إدخال تعديلات عليه وحذف هذه الفقرة، ليصبح المشروع بلا أي موقف حاسم في مواجهة الإملاءات الأميركية. وعلى الرغم من ذلك، يُتوقع أن يكون الفيتو الأميركي حاضراً لإسقاط هذا المشروع، بما يؤكد من جديد فشل الرهان على تحرك في مجلس الأمن ضد قرارات واشنطن. في غضون ذلك، يعقد عباس مؤتمراً صحافياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت بعد اجتماع المجلس في نيويورك، في خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول جدواها. ويأتي كل ذلك في ظل تخبّط للممثل العربي في مجلس الأمن، تونس، التي أقالت مندوبها الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، المنصف البعتي، وسط ترجيحات بأن ذلك القرار جاء تحت ضغوط أميركية.

ويصل عباس إلى نيويورك مساء اليوم الإثنين ليعرض صباح الثلاثاء أمام مجلس الأمن الدولي موقفه الرسمي من الخطة الأميركية، فيما يُتوقع أن يصوّت المجلس في اليوم ذاته على مشروع قرار دولي صاغته كلٌّ من إندونيسيا وتونس.

وتمّ تعديل الصيغة الأولية للمشروع قبل تقديمه رسمياً للمجلس والتصويت عليه. واطلعت "العربي الجديد" على النسخة المسربة من مشروع القرار المعدل، ومن أبرز التعديلات حذف الصيغة الأولى التي عبّر فيها المشروع عن أسفه لأن "صفقة القرن" تخرق القانون الدولي، في حين تتحدث الصيغة المعدلة عن أن المبادرة الأميركية "تخرج" عن الأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. كما تضمّنت النسخة الأولية من المشروع تلويحاً باستخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإلزام إسرائيل بتطبيق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ذات الصلة. يضاف إلى ذلك تعديل الصيغة المتعلقة بالدعوة لعقد مؤتمر دولي "في أقرب وقت ممكن"، لتنص الصيغة الجديدة على تذكير بعقده من دون تأخير، وخلال فترة زمنية تمّ تحديدها من قبل بيان الرباعية الدولية في 23 سبتمبر/أيلول 2011، بما فيها عقد مؤتمر دولي للسلام كما نصّ عليه مشروع قرار مجلس الأمن رقم 1850 (عام 2008).

وذكرت وكالة "فرانس برس" أن المشروع لا يزال يتضمّن إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في القدس الشرقية، ويؤكد ضرورة الحفاظ على خطوط التقسيم التي حددت في العام 1967، وأضاف على النسخة السابقة فقرة تتضمّن "إدانة كل أعمال العنف ضدّ المدنيين بما فيها أعمال الإرهاب، والأعمال الاستفزازية، والتحريض على (العنف) والتدمير".

وكانت مصادر دبلوماسية غربية قد توقعت أن تمتنع كل من فرنسا وبريطانيا عن التصويت لصالح مسودة المشروع إذا طُرحت في صيغتها الأولى، أي قبل التعديل. ومن المتوقع أن تحصل المسودة بالتعديلات الجديدة على أغلب الأصوات، إلا أنه من شبه المؤكد أن الفيتو الأميركي سيستخدم ويفشله. ولا تأتي المسودة المعدلة بجديد، أو حتى بموقف حاسم من الخطة الأميركية. وتبدو بعض بنودها فضفاضة وعامة، على الرغم من إدانة الاستيطان ومطالبة الدول الأعضاء بعدم الاستثمار بالمستوطنات أو أي مشاريع تقام من طرف الاحتلال بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.



وسيعقد عباس مؤتمراً صحافياً مع أولمرت بعد اجتماع مجلس الأمن خارج مقر الأمم المتحدة في الفندق الذي يقيم فيه الرئيس الفلسطيني بالقرب من الأمم المتحدة. ومن غير الواضح، حتى اللحظة، ما إذا كان أولمرت سيتواجد في قاعة مجلس الأمن. وفي حال حضوره، فإنه سيجلس على الأرجح، على مقاعد الضيوف لا على مقاعد الوفود الدبلوماسية. ورفض السفير الفلسطيني للأمم المتحدة، رياض منصور، التعليق على الهدف من وراء اجتماع عباس بأولمرت. لكن بعض الدبلوماسيين استغربوا خطوة رام الله، خصوصاً أن أولمرت سجن لتهم بالفساد.

وكان عباس وأولمرت قد أجريا مباحثات لسنوات، إلا أن الطرف الإسرائيلي عرقل التوصل إلى اتفاق. ومن المتوقع أن يكون استدعاء أولمرت ليكون كـ"شاهد" أمام المجتمع الدولي وأمام الصحافيين على عدم التزام الإسرائيليين بإنهاء الاحتلال والتوصل إلى اتفاق، وليس العكس كما يدعي الطرف الأميركي والإسرائيلي. وتعد هذه الخطوة من قبل السلطة إشكالية للغاية. إذ يعطي رئيس شعب يقبع تحت الاحتلال شرعية لممثل سابق للاحتلال كي يعطيه "شهادة" على جديته في المفاوضات، وكأن التنسيق الأمني المستمر وأكثر من 25 سنة من اتفاقية أوسلو لم تكن كافية.