استياء شعبي فلسطيني من "تطبيع" السلطة مع مجتمع الاحتلال

استياء شعبي فلسطيني من "تطبيع" السلطة وتواصلها مع مجتمع الاحتلال الإسرائيلي

17 فبراير 2020
حالة من الاستياء الشعبي (عباس موماني/ فرانس برس)
+ الخط -
تسود حالة من الاستياء الشعبي لدى الفلسطينيين إزاء ما يرون أنها "حملة تطبيع" تقوم بها السلطة على قدم وساق وبوتيرة أعلى من المعتاد مع مجتمع الاحتلال الإسرائيلي على امتداد الأيام الماضية، بذريعة تعبئة الرأي العام الإسرائيلي ضد ما يعرف بـ"صفقة القرن" الأميركية، الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.

وباتت مدينة رام الله تزدحم بصور الوفود الإسرائيلية التي دعت لها واستقبلتها لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، بأوامر من القيادة الفلسطينية في الأيام الماضية، ومنهم جنود سابقون في جيش الاحتلال وتجار ونواب ووزراء سابقون وصحافيون، عبر لقاءات توزعت ما بين مقر الرئاسة الفلسطينية، ومقر منظمة التحرير وبعض مطاعم رام الله ومتحف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وصولاً إلى دوار نيلسون مانديلا في حي الطيرة برام الله.


ومنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لبنود "صفقة القرن"، أواخر الشهر الماضي، وهناك حراك كبير تقوده القيادة الفلسطينية بتنظيم "لقاءات تطبيعية" مع مجتمع الاحتلال الإسرائيلي سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 في مدينة تل أبيب، بحضور نواب المجلس التشريعي ووزراء سابقين في السلطة الفلسطينية كما حدث يوم الجمعة الماضي، أو داخل مقر الرئاسة بحضور أعضاء من اللجنة المركزية لحركة "فتح" مثل اللواء جبريل الرجوب الذي ظهر في أحد الفيديوهات وهو يتحدث إلى وفد إسرائيلي باللغة العبرية قبل يومين.


وأثار ظهور مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للشؤون الدينية محمود الهباش في مطعم برام الله أول من أمس مع عدد من الصهاينة حفيظة المئات من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ونشروا مقاطع فيديو سابقة للهباش يحرّم ويجرّم فيها من يتحدث مع الاحتلال.

ونشرت وسائل إعلام فلسطينية محلية صباح اليوم نبأ تعرض المطعم الذي يعود لعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" بسام الولويل لزجاجات حارقة دون أن تسفر عن أي أذى أو أضرار. وقال أحد العاملين في المطعم لـ"العربي الجديد": "تلقينا اتصالاً هاتفياً من لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي بحجز طاولة من 25 شخصا في المطعم، وقمنا بالحجز ولا نعلم هوية الضيوف".

أما في متحف الرئيس عرفات، فقد فوجئ الموظفون يوم أمس، في المتحف بوجود الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، مع وفد من الصحافيين الإسرائيليين بالمتحف دون أي تنسيق مسبق كما أكد أحد الموظفين لـ"العربي الجديد"، الذي أضاف "رفضنا التعاطي معهم واستقبالهم كما نفعل مع بقية الضيوف، وأغلقنا أروقة المتحف أمامهم عندما علمنا بهويتهم، ولم نسمح لهم بدخول متحف الشهيد أبو عمار، لكنهم دخلوا مع أبو ردينة إلى القاعة وهناك تحدث معهم".

وتداول رواد مواقع التواصل مقطعا ترجمه الخبير في الشؤون الإسرائيلية، محمد أبو علان دراغمة، عن فضائية "كان" العبرية قول أبو ردينة في اللقاء: "حتى الآن، حتى اللحظة التعاون الأمني بيننا وبين إسرائيل مستمر كالمعتاد، ولكن هذا لن يستمر إلى الأبد، نحن نتعامل بصبر، نحن لا نريد تحويل الأمور إلى الأسوأ، ونريد أن نري الإسرائيليين أننا نحارب الإرهاب".

وردا على سؤال "العربي الجديد" حول ارتفاع وتيرة التطبيع في الأيام القليلة الماضية، قال منسق لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، صالح الحكواتي: "بداية أتحفظ على السؤال لأن فيه تشويها للحقيقة وحرفا للنظر عن طبيعة الأمر لا بل فيه تجاوز حاد للتعريف المعلن للتطبيع كما صاغته حملة المقاطعة الدولية BDS، والذي أنصح بالاطلاع عليه، لأن التطبيع هو الإقرار والتسليم برواية الآخر في بعدها التاريخي والسياسي".


وأضاف: "ما تقوم به القيادة الفلسطينية بكافة أذرعها السياسية ومنها لجنة التواصل، هو عمل سياسي بامتياز يهدف إلى شرح الموقف الفلسطيني المرتكز على الثوابت الوطنية المقررة والمعتمدة في مرجعياتنا الوطنية المتمثلة في منظمة التحرير والمجلس الوطني، لا بل أبعد من ذلك في شرح وتوضيح آمال وطموحات شعبنا في بناء كيانه السياسي وتفعيل دوره الإنساني كفاعل في الفضاء الأممي".

واستطرد الحكواتي قائلاً: "هناك العديد من اللقاءات التي تم تنظيمها مؤخراً أبرزها لقاءات مع مجموعات من الصحافيين والأدباء واستقبلنا مؤخراً وفداً من مؤسسة (الطريق إلى الشفاء) والتي تقوم بمساعدة المرضى الفلسطينيين في المشافي الإسرائيلية بالإضافة إلى شخصيات مجتمعية متعددة".

وحول الرسالة التي تود لجنة التواصل إيصالها من خلال هذه اللقاءات، أفاد الحكواتي بأن "السيد الرئيس يتناول القضايا في المحافل الدولية والعربية بعمومية وبخطوطها العريضة بعيدا عن التفصيل والإسهاب ليأتي دورنا كذراع سياسية فاعلة في شرح المقاصد والمغازي من كافة القضايا المطروحة"، موضحاً أن "تناول صفقة القرن بالرفض لن يكون بخطاب، على أهميته، فقط وإنما بقراءة سياسية متأنية لمخاطر وتداعيات هذه الصفقة على مجمل حقوق شعبنا الوطنية وتهديدها المباشر لفرص إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام بالمنطقة".

وبخصوص المستهدفين من هذه اللقاءات قال: "اللجنة تستهدف كل الإسرائيليين المستعدين للاستماع لموقفنا ووجهة نظرنا، نركز في لقاءاتنا مع المتطرفين الإسرائيليين... كونهم يحملون النقيض في الموقف والرواية".

وكانت اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، قيادة حركة المقاطعة (BDS)، قد أدانت في بيان لها: "التطبيع المستمر الذي تقوم به لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي وآخره مشاركة وفدٍ واسع ممثلٍ عن اللجنة التطبيعية فيما يسمى "برلمان السلام" التطبيعي في تل أبيب مع أحزاب وشخصيات صهيونية إسرائيلية لبحث صفقة القرن وتداعياتها"، مشددة على أن التطبيع الرسمي الفلسطيني يشكل خطرا على النضال الوطني الفلسطيني.


وأوضحت اللجنة أن "التطبيع الرسمي الفلسطيني يوفر ورقة توتٍ خطيرة لتمرير وتبرير التطبيع الرسمي العربي، فضلاً عن الخطر الذي يشكّله على نضالنا الوطني، لا سيّما في هذه الأوقات التي يستمرّ فيها شعبنا بالتصدّي لأعتى المشاريع الاستعمارية". وتابعت، "نكرّر دعوتنا للشعب الفلسطيني وقواه الحية للضغط على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، لتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي التي تبنّت فيها المنظمة حركة المقاطعة (BDS) ومبادئها، بما يشمل فك الارتباط مع الاحتلال، وهذا يستوجب بالضرورة حلّ هذه اللجنة التطبيعية".