"العربي الجديد" يستطلع مواقف البريطانيين عشية تنفيذ "بريكست"

"العربي الجديد" يستطلع مواقف البريطانيين عشية تنفيذ "بريكست"

30 يناير 2020
انقسام حيال "بريكست" بالشارع البريطاني (تولغا آكمن/فرانس برس)
+ الخط -
مع بقاء بضع ساعات على الموعد الفعلي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عكست مواقف بريطانيين استطلعها "العربي الجديد"، اليوم الخميس، حالة الانقسام الذي يسود الساحة السياسية، منذ إجراء استفتاء الانسحاب من التكتل الأوروبي، في يونيو/حزيران 2016، والذي يدخل حيز التطبيق في الساعات الأخيرة من هذا الشهر.

ففي حديث مع "العربي الجديد" شدد المواطن البريطاني دوغلاس رودجرز، على أهمية الانتخابات البرلمانية التي جرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، موضحاً أنها سهّلت القبول بقرار الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وتابع "صوّتُّ لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016. ولثلاث سنوات كنت أتمنى أن ينظم استفتاء جديد على أمل أن نتمكّن من البقاء في الاتحاد الأوروبي. جميع النقاشات السياسية التي خضناها في السنوات الثلاث الماضية، قادتنا إلى الانتخابات العامة في ديسمبر. والحقيقة أنّ البلد رفض بشكل قاطع موقف حزب العمال الداعم للبقاء في الاتحاد الأوروبي لصالح بريكست حزب المحافظين، وهو ما يعني أنّ البلد يستطيع أخيراً المضي قدماً".

وركّز على أنّ بريطانيا كانت عاجزة عن اتخاذ القرار حول "بريكست"، وهو ما حسمته الانتخابات الماضية، مضيفاً "ربما لم تكن هذه النتيجة ما رغبت، ولكنني واثق من أن تنعكس النتيجة إيجاباً على الديمقراطية وأن تمنح للاقتصاد أموراً جيدة في الوقت المناسب، كي يتمكن هذا البلد من المضي قدماً. لم يكن الأمر الأكثر أهمية قرار البقاء أم المغادرة، ولكن الحاجة إلى اتخاذ القرار. والآن مع اتخاذ القرار، حتى الأشخاص مثلي الذين لم يرغبوا ببريكست، سيقبلون بالقرار وسيعملون على جعله أمراً إيجابياً".

أما جورجيا سكوت، فعبرت عن رفضها لـ"بريكست" كلياً، ووجهت اللوم لقادة أكبر حزبين سياسيين بريطانيين، في إشارة لحزب المحافظين الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بوريس جونسون، وحزب العمال المعارض بقيادة جيرمي كوربن.

وقالت موضحة موقفها "أنا ضد بريكست 100%. وصوّتُّ لصالح العمال رغم أنني لم أؤمن بكوربن كزعيم، وكان إيماني ببوريس أضعف. أعتقد أنّ كوربن قد خذل حزب العمال. كمديرة لشركة حديثة النشأة، أنا قلقة جداً من بريكست، وعندي في الشركة أبحث عن الخيارات المتاحة لمغادرة بريطانيا. يبدو العالم اليوم أقل وحدة واتحاداً ولكي نتعامل مع القضايا الرئيسية في عصرنا، أعتقد أننا يجب أن نظل سوية لمواجهة قضايا مثل التغير المناخي".


بدوره، قال وسام الحموي، وهو سوري حصل حديثاً على الجنسية البريطانية، لـ"العربي الجديد"، "كان بريكست النقطة التي شعرت فيها بأنّ أكثر من نصف البلد لا يرغب بوجودي هنا. لقد جعلني أدرك حجم العنصرية في بريطانيا، بشكل لم أدركه من قبل. أعتقد أنّ مزيجاً من العنصرية وكراهية الأجانب، والجهل، هو ما يقود الناس للتصويت لصالح بريكست، وهي حركة سياسية تحركها الكراهية للمهاجرين ومعارضة التنوع".

وتابع: "لا أتخيّل كيف صوت شخص لصالح هذا الخيار. من المفارقة أنّ مؤيدي بريكست لا يريدون لأحد أن يبني حياته في بريطانيا، ولكنهم يعتقدون في الوقت ذاته أنه يحق لهم السفر والعمل والحياة أينما يشاؤون. لا يزالون يفتخرون بالإمبراطورية ويريدون إحياءها".

وأردف "الآن عندما أغادر لندن لأذهب لأي مكان تسوده أغلبية بيضاء، يسودني شعور بأنني في مكان ربما لا يرحب بي، وأشعر بأنّ احتمال التحرش أو الاعتداء أكبر، وخاصة في المناطق التي يهيمن عليها حزبا المحافظين وبريكست. إنه أمر محبط. لم أكن أرغب أبداً أن يؤثر لون بشرتي أو بشرة غيري على حياة أحد، ولكن بعد بريكست وصعود العنصرية الذي تلاه... أصبح ذلك أمراً لا مفر منه".

في المقابل، يرسم المواطن كارل آدامز صورة داعمة لـ"بريكست" من منظور مختلف، فبحسب رأيه "كان التصويت عام 2016 واضحاً جداً. كنت أرى نفسي دائماً يساريا، وأشعر بأنّ الاتحاد الأوروبي مشروع ضار وفاشل يضع الأعمال فوق الأفراد. العديد من أصدقائي ذرفوا الدموع لمغادرتنا الاتحاد الأوروبي، ولكنني أعتقد أنّهم يخلطون بين الجغرافيا والتكتل السياسي".

وأعرب عن اعتقاده بأنّ هناك سوءا لفهم منتشر لما تعنيه "حرية الحركة والتنقل" فعلاً، قائلاً، لـ"العربي الجديد"، "بالنسبة لمعارضي بريكست من أبناء الطبقة الوسطى، هي الرحلات السياحية في العواصم الأوروبية. أما في الواقع تسمح حرية التنقل للشركات بالتنقل حيث تشاء، بما يسمح لها باستغلال العمالة الرخيصة وبناء مصانعها في الدول التي تمنح عمالها ما يكفي من الحقوق، ويؤدي ذلك أيضاً إلى ارتفاع البطالة في العديد من دول أوروبا الشرقية، وخاصة بين الشباب مما يجبر الآلاف على الهجرة بحثاً عن عمل. وبذلك تكون بريطانيا الرابحة على حساب غيرها من الدول".


وتخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسمياً عند الساعة 11 من مساء يوم الجمعة 31 يناير/كانون الثاني، لتطوي بذلك صفحة في كتاب "بريكست"، وتبدأ صفحة أخرى.

وستكون بريطانيا على موعد مع احتفالات، وإن كانت مصغرة، أمام دواننغ ستريت، حيث مقر الرئاسة، وويستمنستر، مقر البرلمان، تسبقها كلمة موجزة لرئيس الوزراء بوريس جونسون.

وعلى الرغم من أنه لن يتغير شيء مباشرة، أي اعتباراً من الأول من فبراير/شباط المقبل، لأنه وبعد الانسحاب ستبدأ مرحلة انتقالية حتى 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وبخاصة للمواطنين الأوروبيين والمستهلكين والشركات والطلاب وغيرهم، إلا أنّ مرحلة الانتقال تعني خروج بريطانيا رسمياً من التكتل الأوروبي، لكنها ستلتزم بجميع قواعد الاتحاد حتى نهاية العام الحالي، بينها الميزانية المطلوبة، لأنّ جميع برامج الاتحاد الأوروبي ستبقى فاعلة في المملكة المتحدة.