لبنان وإسرائيل: حزب الله يقصف الاحتلال

لبنان وإسرائيل: حزب الله يقصف الاحتلال من دون الانزلاق لحرب

01 سبتمبر 2019
أغلق الاحتلال الطرقات لساعات بشمالي فلسطين المحتلة(جلاء مري/فرانس برس)
+ الخط -


توترت الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، عصر اليوم الأحد، لساعات، بعد قصف حزب الله قاعدة عسكرية إسرائيلية في مستوطنة "أفيفيم"، فخال العالم أن الوضع ينزلق نحو حرب شاملة، قبل أن يظهر أن القيادة السياسية للاحتلال تتفاداها قبل أسبوعين من انتخابات الكنيست. وظهر تردد تل أبيب في تكذيب المستوى السياسي وقبله العسكري ما كان الإعلام العبري أن أكده حول سقوط إصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي، وهو ما فُهم على أنه محاولة لاحتواء الموقف ومنع التصعيد بحجة أن لا إصابات في الأرواح. ووسط الخشية من احتمال تطوّر الوضع والانزلاق إلى حربٍ شاملة، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد اجتماعٍ طارئ مع "الكابينيت" (مجلس الوزراء المصغّر)، قائلاً "ليس هناك إصابات في القصف"، مضيفاً "سنقرر الخطوات المستقبلية بشأن الوضع على الحدود اللبنانية بناء على تطورات الموقف"، في إشارة إلى رفض التصعيد. كما أعاد جيش الاحتلال فتح الشوارع المحاذية للحدود مع لبنان بعد إغلاقها لنحو ساعتين وفتح الملاجئ أمام المستوطنين في شمال فلسطين. وكان نتنياهو قد قطع اجتماعه مع الرئيس الهندوراسي، خوان أورلاندو هيرنانديز، بسبب التصعيد، متوجهاً إلى وزارة الأمن لعقد اجتماعات موسعة مع هيئة الأركان والاستخبارات. وطلب من وزرائه، أعضاء المجلس الأمني، عدم التصريح بشأن التطورات. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عنه قوله إن "لبنان سيدفع ثمن الهجوم".

وقصف الاحتلال أحراج بلدات عيترون ومارون الراس ويارون الجنوبية اللبنانية الحدودية، بعدما استهدف حزب الله موقعاً للدبابات في مستوطنة "أفيفيم" رداً على القصف الإسرائيلي الذي طاول منطقة عقربا في ريف دمشق، مساء 24 أغسطس/آب الماضي، والذي قُتل فيه عنصران من الحزب، هما حسن زبيب وياسر ضاهر. وأعلن الحزب في بيان أن "مجموعة الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر قامت بتدمير آلية عسكرية عند طريق ثكنة أفيفيم (شمال فلسطين المحتلة) وقتل وجرح من فيها". وكشف الإعلام الحربي التابع له أن "الآلية الإسرائيلية المستهدفة هي من طراز وولف وتتسع لثمانية جنود".

ويعني هذا الأمر أن حزب الله احتفظ بحق الردّ في المقابل، في ما يتعلق بسقوط طائرتين مسيرتين فجر الأحد 25 أغسطس/آب الماضي، على مركزٍ له في حي معوّض، في الضاحية الجنوبية لبيروت. وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله قد هدد أكثر من مرة، في الأسبوع الماضي، بالانتقام من الاحتلال قائلاً: "سنعمل ضمن تكتيك معين على إسقاط الطائرات المسيرة، لأن العدو قد يرسل العشرات منها لاستنزاف قدرات الدفاع الجوي للمقاومة"، لافتاً إلى أن "الطائرة الإسرائيلية المسيرة الأولى التي سقطت في الضاحية كانت مفخخة بشكل جيد وجاهزة للتفجير". وسبق أن أكد نصر الله مساء السبت، أنه "عندما قلتُ إن الرد سيكون في لبنان وليس في مزارع شبعا المقصود أن الرد من لبنان"، مضيفاً: "عادة كنا نرد في مزارع شبعا وأحببت أن أقول إن الردّ سيكون مفتوحاً والمقصود الرد في لبنان وليس شرطاً في مزارع شبعا، ومزارع شبعا أرض لبنانية". وشدّد على أن "الرد على العدو الإسرائيلي قد يأتي من أي مكان على طول الحدود".



على أثر قصف حزب الله، ردّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف مواقع عدة في بلدات حدودية بنحو 100 قذيفة بحسب قوله. وذكرت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية، أن الاحتلال "استهدف 30 موقعاً في لبنان". كما طلب الاحتلال من السكان في المناطق المحاذية للحدود مع لبنان بعمق 4 كيلومترات، البقاء في منازلهم، مصدراً تعليمات بفتح الملاجئ. وتمّ إعلان حالة الطوارئ في مستشفيات الشمال الفلسطيني المحتلّ لاستيعاب أي جرحى محتملين. وحلّقت طائرات حربية إسرائيلية فوق مناطق مختلفة من جنوب لبنان. ولاحقاً، قرابة السادسة من عصر اليوم بتوقيت القدس المحتلة، ذكر جيش الاحتلال في بيان رسمي أنه "لا وجود لإصابات في صفوفه. وقد يشير هذا الأمر إلى نية الاحتلال احتواء الموضوع والتهرب من حرب شاملة، على الرغم أن الإعلام العبري جزم منذ اللحظات الأولى بوجود إصابات.

وذكر المتحدث باللغة العربية باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، أن "حزب الله تمكن من تنفيذ العملية التي خطط لها ولكنه فشل في تحقيق الغاية التي كان يخطط لها. العملية التي نفذها حزب الله كانت متمثلة بإطلاق بين 2 و3 صواريخ مضادة للدروع باتجاه جيب عسكري وموقع أفيفيم من دون وقوع إصابات". وأضاف أن الاحتلال "ردّ باستهداف الخلية التي أطلقت الصواريخ المضادة للدروع بالإضافة إلى إطلاق نحو 100 قذيفة مدفعية باتجاه مصادر النيران. كما نفذت مروحيات حربية غارات على أهداف أخرى". وقال إن "رئيس الأركان الجنرال أفيف كوخافي عقد جلسة لتقييم الوضع بمشاركة كبار قادة الجيش وأوعز بمواصلة الحفاظ على حالة جاهزية وتحسينها نظراً لتطور الأحداث. نحن مستعدون لكل الاحتمالات".

من جهته، كشف عضو الكابينيت الأمني والسياسي الإسرائيلي، أفي غالانت في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية، أن حكومة دولة الاحتلال لا ترغب بتدهور الأوضاع مع لبنان إلى حرب. وأضاف أن دولة الاحتلال لن تسمح بامتلاك حزب الله سلاحاً كاسراً للتوازن، أو أن يضاعف قوته العسكرية. وهدد غالانت أنه في حال تمّ المس بمواطنين إسرائيليين، فإن إسرائيل ستعيد لبنان إلى العصر الحجري.

بدورها، دعت قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان "يونيفيل"، جميع الأطراف المعنيين إلى "ضبط النفس". وقال المتحدث باسم "يونيفيل"، في لبنان أندريا تيننتي لوكالة "فرانس برس"، إن قائد قوة الأمم المتحدة الموقتة "الجنرال ستيفان ديل كول على تواصل مع جميع الأطراف، داعياً إياهم لممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووقف كافة النشاطات التي تهدد وقف الأعمال العدائية".

من جهته، أجرى رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري اتصالين هاتفيين بكل من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وإيمانويل بون مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، طالباً تدخل الولايات المتحدة وفرنسا والمجتمع الدولي في مواجهة تطور الأوضاع. وذكر مكتب الحريري أن رئيس الوزراء أجرى الاتصالين "لمطالبة الولايات المتحدة وفرنسا التدخل لوقف تدهور الوضع في جنوب لبنان". كما اتصل الحريري، برئيس الجمهورية ميشال عون، ووضعه في أجواء الاتصالات الدولية، واتصل أيضاً بقائد الجيش العماد جوزف عون، واطلع منه على المعلومات والإجراءات التي يتخذها الجيش. من جهته، ذكر الجيش اللبناني أن "قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفت خراج بلدات مارون الراس وعيترون ويارون بأكثر من 40 قذيفة صاروخية عنقودية وحارقة، مما أدى إلى اندلاع حرائق في احراج البلدات التي تعرضت للقصف". وكانت طائرة مسيّرة إسرائيلية اخترقت الأجواء اللبنانية من فوق مزرعة بسطرة، وقامت بإلقاء مواد حارقة على أحراج السنديان في المنطقة، مما أدى إلى نشوب حريق.