استفزازات الإمارات تُحيي أزمة سقطرى

استفزازات الإمارات تُحيي أزمة سقطرى

28 مايو 2019
انتخاب هادي رئيساً لليمن عقّد من مخططات الإمارات (الأناضول)
+ الخط -
جدّدت السلطات المحلية التابعة للحكومة اليمنية في محافظة جزيرة سقطرى، رفضها لوجود تشكيلات عسكرية وأمنية في الجزيرة غير تابعة لها، في إشارة إلى القوات المدعومة إماراتياً، والتي تسعى من خلالها أبوظبي للسيطرة على الجزيرة، متجاوزةً اتفاقاً سابقاً قضى بسحب أي قوات موالية لها من سقطرى. وبحسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ اجتماعاً عقدته السلطات المحلية، أول من أمس الأحد، لمناقشة الوضع في الجزيرة برئاسة محافظ سقطرى رمزي محروس، خلص إلى رفض وجود أي قوات أو تشكيلات عسكرية أو أمنية في الجزيرة غير خاضعة للسلطات الحكومية تحت أي مسمى كان. واعتبر بعض الحاضرين في الاجتماع في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الإمارات تسعى لعرقلة دور السلطات الشرعية في سقطرى، وتتسبب في تعكير الأجواء هناك وفي تداخل الصلاحيات، وهو ما استدعى من قيادة السلطة المحلية تجديد رفضها لوجود أي قوات غير موالية للشرعية.

وكانت الإمارات قد عملت على تدريب قوات أطلقت عليها مسمى "قوات الحزام الأمني" (على غرار القوات الموجودة في أكثر من محافظة جنوبية)، ودفعت بها إلى الجزيرة، وعملت على توزيعها في أكثر من منطقة داخل سقطرى، بإشراف مسؤولين وقيادات عسكرية إماراتية، متجاهلةً رفض الشرعية واعتراضها على ذلك.

ويعود الخلاف بين قيادة الحكومة المعترف بها دولياً والإمارات، إلى عهد رئيس الوزراء السابق، أحمد عبيد بن دغر، وقد تصاعد في مايو/ أيار 2018، عقب نشر أبوظبي قوات في الجزيرة، ما دفع الشرعية حينها إلى تصعيد لهجتها ضدّ الإمارات وإرغامها على سحب تلك القوات في إطار اتفاق برعاية سعودية، قضى بأن تتولّى قوات الشرعية إدارة الجزيرة، بإشراف ودعم من القوات السعودية. كما أنّ الحكومة اليمنية قدّمت شكوى لدى مجلس الأمن بشأن الممارسات الإماراتية.

وعاد التوتر من جديد بعد تجدّد مساعي الإمارات لبسط سيطرتها على كامل سقطرى عبر استخدام القوات التي دربتها، ومن خلال استغلال الإطاحة ببن دغر، أحد أبرز المعارضين لسياستها في اليمن. وكشفت مصادر خاصة تحدّثت مع "العربي الجديد"، أنّ الإمارات مستمرة في استقطاب أبناء وقبائل جزيرة سقطرى وتقديم الإغراءات لهم، وفي مقدمتها منحهم الجنسية ووظيفة ومنزلاً في الإمارات. كما أنها زادت خلال الفترة الأخيرة من الرحلات الإماراتية إلى الجزيرة ومن عمليات التجنيس فيها.


والمطامع الإماراتية بالسيطرة على جزيرة سقطرى ليست وليدة اللحظة، إذ تعود إلى زمن الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، عندما حاول الإماراتيون، على غرار كثير من الدول، الاستثمار في الجزيرة. وترددت معلومات منذ أكثر من 10 سنوات، عن منح صالح الإمارات امتيازاً لاستثمارات في الموانئ والجزر اليمنية، وأبرزها ميناء عدن وجزيرة سقطرى، لكن توتر الأوضاع في اليمن منذ انتخابات 2006، وانطلاق الحراك الجنوبي في 2007، وصولاً إلى اندلاع ثورة الشباب عام 2011، لم تسمح لصالح بتنفيذ وعده، وفق ما تقول مصادر عدة.

وتشير معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، أنّ انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً في 2012، عقّد من مخططات الإمارات، لا سيما مع رفضه تنفيذ وعود صالح للإماراتيين بشأن جزيرة سقطرى، بل أيضاً سحب منهم ورقة التحكّم بميناء عدن بعد إلغاء اتفاقية تأجير الميناء لشركة موانئ دبي العالمية في أغسطس/ آب 2012، وهو الأمر الذي أسّس يومها لبداية الصراع بين حكومة هادي والإمارات. فقد حاول ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، استفزاز القيادة الجديدة، وزار مع نهاية 2012 بطائرة خاصة، جزيرة سقطرى بدون إذن من السلطات اليمنية، ما عقّد من العلاقة بين الطرفين، فأسرع هادي بعد هذا الموقف إلى زيارة سقطرى، وأعلنها محافظة مستقلة، رافضاً تجاوزات بن زايد.

ويربط كثر بين العداء الإماراتي لهادي ومحاولات تقويض نفوذ الشرعية في جميع المناطق المحررة، وبين رغبة أبوظبي في الانتقام من الرئيس اليمني بسبب تصديه لمطامعها في ما يتعلق بسقطرى وعدد من المحافظات اليمنية، وإن كانت الجزيرة تمثّل أولوية بالنسبة إلى أبوظبي.

ولم توفّر الإمارات وسيلة للسيطرة على الجزيرة والتحكّم بمصيرها، حتى أنّ عمليات تجنيس أبناء سقطرى لم تكن وليد اللحظة، فقد بدأ مشروعها في عهد الرئيس السابق، وقبل رحيله عن الحكم بسنوات. لذلك يرى كثيرون أنّ الرفض المستمرّ من قيادة السلطة المحلية في سقطرى لوجود الإمارات فيها، يأتي متناسقاً مع تمسك قيادة الحكومة أيضاً بوضع حدّ للأطماع الأخرى لدول أجنبية أخرى، تضع عينها على سقطرى.

ويعتقد كثر أنّ الإمارات لن تألو جهداً في إضعاف دور الشرعية، وفرض سيطرتها على الجزيرة باستخدام حلفائها، ولو كان ذلك من خلال عمل عسكري، كما هو الحال مع استعدادها لشنّ عملية عسكرية في وادي حضرموت ضدّ القوات المحسوبة على الشرعية، العاملة على تأمين الثروة النفطية في هذه المناطق، المعروفة بكونها "المنطقة العسكرية الأولى".