قوة احتلال بلا رادع

قوة احتلال بلا رادع

25 مايو 2019
دمار هائل بالقصف على إدلب (عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -
في كل الحروب والصراعات في العالم، هناك قواعد للاشتباك وقوانين يلتزم فيها أطراف الصراع ولو بالحدود الدنيا، وهي قواعد وقوانين منها ما يرتبط بالموازنة بين حجم وأهمية القطاع العسكري المستهدف للعدوّ، ونسبة الضحايا المدنيين والدمار الذي يلحق بالبنى التحتية المدنية من مستشفيات ومدارس وبلديات وغيرها، ومنها ما يتعلق بالالتزام بالهدن واتفاقيات وقف إطلاق النار. ونظّمت قوانين الشرعة الدولية القواعد التي يجب اتباعها في الحروب، واعتبرت خرق أحد الأطراف لهذه الاتفاقيات جريمة حرب يحاسب عليها المجتمع الدولي. إلا أن القوات الروسية خلال قيادتها لحرب نظام بشار الأسد على السوريين، لم تراعِ أياً من قواعد الحرب واعتمدت أساليب أقرب ما تكون إلى عصابات المافيا، منها إلى أساليب الدول التي تخوض حروباً.

فبعد خرق موسكو لاتفاق خفض التصعيد في محافظة إدلب، وقيادة النظام للقيام بعملية في المنطقة التي اتفقت مع تركيا على أن تكون منطقة منزوعة السلاح، قامت باتباع سياسة الأرض المحروقة من خلال حملة قصف عشوائي نفذتها طائراتها، واستهدفت خلالها كل ما هو مدني بالدرجة الأولى. فعمدت إلى إخراج كل مستشفيات المنطقة عن الخدمة، ودمرت المدارس، وقتلت من المدنيين عشرات أضعاف المسلحين. كما كانت نسبة تدميرها للبيوت السكنية تفوق عشرات الأضعاف نسبة تدميرها لأهداف عسكرية، كما دفعت مئات آلاف المدنيين إلى ترك بيوتهم بعد تحويلها إلى ركام.

لم تكتفِ القوات الروسية بهذه الأعمال التي لم تراعِ أياً من قواعد الحرب، بل تدخل كلها في تصنيف جرائم الحرب، فعمدت إلى إعطاء النظام الضوء الأخضر لاستخدام السلاح الكيميائي في تلال الكبينة في ريف إدلب الغربي، وهو ما تم توثيقه رسمياً من قبل مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية.

وبعد استيعاب فصائل المعارضة لصدمة الهجوم المباغت الذي نفذه النظام بقيادة الروس، وقيامها بهجوم معاكس استعادت خلاله بعض المناطق التي أخذها النظام بقوة كثافة النيران الروسية، وبعد عجز قوات النظام على الثبات في المناطق التي استولت عليها، عمدت روسيا إلى القيام بعمليات انتقامية من خلال طيرانها وطيران النظام. فاستهدفت مناطق مدنية بعيدة عن خطوط الاشتباك تضم مدنيين من سكان المنطقة وتشكل مراكز استقطاب نازحين من مناطق أخرى، كسراقب وأريحا وتفتناز، الأمر الذي يعدّ جريمة حرب أخرى تضاف إلى الجرائم التي يرتكبها الروس بحق السوريين من دون مراعاة أي من قواعد الحرب، فيما المجتمع الدولي يكتفي بالقلق والتحذير من دون اتخاذ أي إجراء فعلي لوقف هذه العصابة.

المساهمون