حرصاً على الضالع

حرصاً على الضالع

20 مايو 2019
احتدمت المعارك في الضالع أخيراً (الأناضول)
+ الخط -


ما إن تراجعت وتيرة معركة الحديدة غربي اليمن، نتيجة الضغوط الدولية، منذ أشهر، حتى دارت رحى المعارك بين القوات الحكومية والحوثيين في الضالع. هذه المحافظة التي دفعت أثماناً باهظة في مختلف جولات الصراع باليمن، من ويلات التشطير إلى الأزمات التي رافقت وأعقبت إعادة توحيد البلاد منذ عام 1990، وصولاً إلى الحرب الدائرة منذ سنوات. وتكمن أهمية الضالع في جوانب سياسية وعسكرية بالغالب، إذ إنها مثّلت مع أبين مركزين للثقل السكاني والعسكري المؤثر في الحكم بمدينة عدن، وفي الجنوب اليمني عموماً.

ولأنها محافظة لا تتمتع بمناطق ساحلية أو ثروات نفطية، فإن أبرز ما تتمتع به الضالع هو الحضور العسكري والتأثير المحوري في التوترات والتحولات الداخلية الممتدة من الشمال إلى الجنوب، إذ تعتبر معقلاً لما عُرف بـ"الحراك الجنوبي" الذي تصاعد منذ عام 2007، وكانت أولى المحافظات التي ينشط فيها تيار مسلح في هذا الخصوص، ثم كانت في عام 2015 أولى المحافظات التي تعلن هزيمة الحوثيين وحلفائهم بأغلب أجزاء المحافظة. وفيها بدأ تأسيس ما يمكن اعتباره قوات شبه نظامية خارجة عن السلطة، انتقلت فيما بعد، بتأثيرها إلى عدن، منذ تعيين عيدروس الزبيدي محافظاً لعدن ومعه شلال علي شائع مديراً للأمن، والأول أقيل من منصبه في إبريل/نيسان 2017، فيما الأخير لا يزال يحتفظ بالمنصب.

وبالعودة إلى المعارك مع الحوثيين، فقد بقيت العديد من المديريات الحدودية مع محافظة إب على نحو خاص، ساحة معارك وكرٍ وفر، تهدأ أحياناً وتعود أخرى، طوال السنوات الماضية، وهذه المناطق وأبرزها دمت، تحضر في الذهنية الشطرية أقرب إلى الشمال، ومع ذلك، فإن نار المعارك سرعان ما أعادت الضالع إلى صدارة الأحداث الميدانية في اليمن في الأشهر الأخيرة، مع محاولات الحوثيين تحقيق اختراقات جديدة باتجاه الجنوب وما قابلها أو سبقها من تحركات للقوات الحكومية الموالية للشرعية والتي كانت قد وصلت إلى بعض المناطق التابعة إدارياً لمحافظة إب، لكنها تراجعت ليتقدم الحوثيون إلى قعطبة. الأمر الذي استدعى استنفاراً جنوباً من قبل ما يعرف بـ"المقاومة الجنوبية" والتشيكلات المسلحة ذات الطابع الانفصالي من المدعومين من الإمارات.

وأياً تكن التفاصيل، فإن أمام الجميع في اليمن، بما فيهم الحكومة الشرعية والتحالف والقيادات اليمنية المختلفة، مسؤولية تاريخية إزاء الضالع، تتمثل بأهمية العمل على تجنيب هذه المحافظة، مزيداً من الويلات، خصوصاً أن بعض سكان الضالع لا يزالون يصارعون آثار مراحل سابقة، ومن الأهمية بمكان الحيلولة دون أن تتحول جبهات الضالع ساحة استنزافية جديدة لمختلف الأطراف، دونما حسم. ​

المساهمون